الجزائر والسنغال (24- محمود العراقي)
الجزائر والسنغال (24- محمود العراقي)
الجمعة 19 يوليو 2019 / 11:39

نهائي أفريقيا: الجزائر لـ"الثانية" والسنغال تسعى لدخول التاريخ

لن تختصر الدقائق التسعون شهراً من كرة القدم فقط، عندما يتردد صدى صافرة بداية لقاء المنتخبين الجزائري والسنغال في نهائي كأس الأمم الأفريقية، سيتحول إستاد القاهرة الدولي إلى معترك أحلام وإرادة وطموح شعبين بلقب غالٍ طال انتظاره.

وتتجه الأنظار إلى أكبر الملاعب الـ6 التي استضافت النسخة الـ32 من البطولة القارية منذ 21 يونيو (حزيران) لمعرفة وريثة الكاميرون على العرش الكروي للقارة: الجزائر الباحثة عن لقب ثانٍ بعد 1990 على أرضها حين بلغت النهائي للمرة الأخيرة، أو السنغال اللاهثة خلف لقب أول مع خوضها المباراة النهائية للمرة الأولى منذ حلولها وصيفة في 2002.

في معايير اللعبة، ستكون المباراة في الملعب الذي يتسع لنحو 75 ألف متفرج، ويتوقع أن تقفل أبوابه قبل 5 ساعات من البداية، لقاءً بين جبارين، الجزائر بقيادة مدربها جمال بلماضي، قدمت أداء لا تشوبه شائبة، وضعها على رأس المرشحين للقب منذ الدور الأول، والمنتخب "الأفضل" بنظر نقاد ومدربين منافسين.

أما السنغال، فهي المنتخب الأول قارياً في تصنيف الاتحاد الدولي "فيفا"، ومرشحة حتى قبل أن تخوض منافسات حققت فيها "خطوة ناقصة" واحدة بحسب مدربها آليو سيسي، هي الخسارة أمام الجزائر 0-1 في الجولة الثانية للمجموعة الثالثة.

وطوى الطرفان صفحة لقائهما الأول في هذه النسخة، ومعه المباريات الثلاث الأخرى التي جمعت بينهما سابقاً في أمم أفريقيا (فوزان للجزائر وتعادل واحد)، لينطلقا اليوم من الصفر في مواجهة مختلفة الحسابات.

واختصرها بلماضي عشية مواجهته منتخب السنغال ومدربه سيسي، صديق النشأة في مدينة شامبينيي-سور-مارن الفرنسية، "إذا أردنا التحدث عن مباراة دور المجموعات، فإن المباراتين مختلفتان بالكامل".

وأضاف: "في دور المجموعات قلت أن المباراة ضد السنغال غير حاسمة، الآن هي مباراة مهمة وحاسمة، هذا هو الفارق"، متابعاً: "التركيز يأتي من تلقاء ذاته، مقاربة اللاعبين حيال المباراة واضحة جداً، الأهم أن نبقى مصممين كما كنا عليه حتى الآن"، وأن "نحضّر على كل المستويات بأفضل ما يمكن وبطبيعة الحال بهدف الفوز".

وأعاد بلماضي الذي تولى مهامه في أغسطس (آب) 2018، بث الروح في منتخب عانى بشكل كبير على مدى الأعوام الأخيرة، وانعكس ذلك تراجعاً في الميدان بعد بلوغ الدور ثمن النهائي لمونديال 2014، تمثل بخروج في الدور الأول من أمم أفريقيا 2017، وغياب عن كأس العالم 2018.

النجاح لجيل القائد رياض محرز، صاحب هدف التأهل القاتل إلى النهائي بركلة حرة ضد نيجيريا، والأسماء التي لمعت في البطولة الحالية مثل سفيان فغولي، وإسماعيل بن ناصر، ويوسف بلايلي، وبغداد بونجاح، والحارس رايس مبولحي، وعدلان قديورة وغيرهم، يترافق مع حراك سياسي وشعبي بدأ منذ أشهر سعياً لتغيير كل نظام الحكم في الجزائر، وتمكن من تحقيق نجاح في مجالات شتى، ويواصل الضغط من أجل المزيد.

وقالها قديورة بصريح العبارة: "ندرك ما يحصل، والشعب الذي نمثله دائماً ما أظهر أموراً جميلة جداً، ما يحصل أمر مذهل، لكننا نركز على النهائي، نريد أن نفوز به من أجل هذا الشعب".

آلاف من هذا الشعب (عدد يقدر بنحو 4800 شخص)، بدأوا منذ ليل الخميس بالتوافد إلى القاهرة لمتابعة المباراة النهائية، حاملين معهم أحلام التتويج باللقب في العاصمة المصرية، وطي صفحة الأحداث الأليمة التي رافقت منتخبهم يوم حل في القاهرة عام 2009 لمواجهة مصر المضيفة في مباراة ضمن تصفيات كأس العالم 2010.

وسئل بلماضي عن موقف المشجعين المصريين المنقسمين حول الجزائر، بين من يهتف معها ومن هتف ضدها، رد بالقول: "لا أعتقد أن هذا السؤال هو لي، أعتقد أنه سؤال إلى المصريين، نحن في أي حال سنلعب غداً مع مشجعينا، وهذا أكثر من كافٍ، إذا أرادوا الانضمام إلينا، مرحبا (بهم)، إذا لم تكن الحال كذلك، كما حصل حتى الآن، لا بأس".

وأبرز الحاضرين كان، بحسب ما بثت القنوات الجزائرية، الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح الذي التقى بلماضي ولاعبي منتخب "محاربي الصحراء" أمس الخميس، في القاهرة، وتوجه إليهم بطلب "أن تكونوا بنفس الروح القتالية للمقابلات السابقة، وإن شاء الله تحققون النتيجة".

الجزائريون لن يكونوا فقط في القاهرة أو بلادهم، على امتداد المدن الفرنسية، ملأ المشجعون الجزائريون الشوارع احتفالاً بعد كل انتصار في المباريات الست التي خاضها منتخبهم حتى الآن، والسلطات الفرنسية ستتخذ إجراءات أمنية مشددة في باريس ومرسيليا وليون وغيرها، لضمان عدم تحول الاحتفالات إلى أعمال شغب كما حصل في بعض الأماكن.

في جهة مشجعي السنغال، لا يقل الترقب شأناً، فالبلاد التي أنجبت العديد من المواهب الكروية، من سيسيه نفسه، إلى الحاجي ضيوف، وصولاً إلى ساديو ماني أبرز الأسماء في التشكيلة الحالية، لم تجد نفسها يوماً على عرش الكرة القارية.

كما في 2002، يبدو الحلم قريباً هذه المرة، وهو بحسب ما رأى ضيوف "ليس بعيداً، نريد أن نفوز، وإن شاء الله سيتحقق الحلم".

في دكار، يبدو الجميع خلف منتخب "أسود تيرانغا"، ويقبل سكان العاصمة على شراء قمصان المنتخب والأعلام والقبعات وغيرها من التذكارات.

وتعول السنغال في مباراة اليوم على أسماء عدة أبرزها ماني المتوج الشهر الماضي بلقب دوري أبطال أوروبا مع فريقه ليفربول الإنجليزي، لاسيما في ظل غياب المدافع الصلب كاليدو كوليبالي الموقوف لتراكم الإنذارات.

وقال سيسي: "17 عاماً هي فترة طويلة، منذ ذلك الحين أقيمت بطولات عدة لأمم أفريقيا، وصلنا (إلى النهائي) بعد عمل كبير، لكن أيضاً بعد خيبات كبيرة والكثير من الدموع".

وتابع: "لا نعتزم التوقف عند المباراة النهائية، نريد أكثر من ذلك".