حشود أمريكية في العراق خلال الغزو.(أرشيف)
حشود أمريكية في العراق خلال الغزو.(أرشيف)
الأحد 21 يوليو 2019 / 12:19

توثيق أمريكي شامل لدروس غزو العراق

تحت عنوان" الحرب الأخيرة والتعلم من دروس خاطئة في العراق" كتب في موقع "فورين أفيرز"، جون فاينر، زميل بارز لدى مركز مجلس العلاقات الخارجية، ورئيس هيئة العاملين في إدارة التخطيط السياسي لدى وزارة الخارجية، في عهد أوباما أن الامتناع عن خوض مغامرة عسكرية في الشرق الأوسط يشكل لحظة نادرة من التوافق بين الحزبين الرئيسيين في أمريكا.

الولايات المتحدة أخطأت من خلال عدم توسيع المعركة التي تستدعيها مصالحها القومية، لتشمل إيران المجاورة

وبدت الدروس المستفادة من الحرب العراقية واضحة نسبياً، وباتت احتمالات دخول الولايات المتحدة في حرب أخرى في المنطقة بعيدة أيضاً.

وأصدر الجيش الأمريكي، مطلع العام الجاري، كتابين ضخمين ضما ما يعد أشمل تأريخ رسمي للحرب في العراق.

 ويغطي الكتابان أهم مراحل الصراع: الغزو الأمريكي في 2003، ودوامة الموت التي شهدتها الحرب الأهلية بعد ذلك، والفترة التي بدأت مع زيادة عدد القوات الأمريكية في 2007، وكذلك الفترة التي شهدت انسحاب آخر قوات أمريكية من العراق في أواخر عام 2011.

وثائق سرية
وصدر الكتابان بعنوان "الجيش الأمريكي في العراق" ويضمان 30,000 صفحة من الوثائق السرية التي كشف عنها حديثاً. وتروي الدراسة سلسلة من الأخطاء المألوفة لكنها ما تزال تثير غضباً من جانب واشنطن. ومن تلك الأخطاء عدم الاستعداد لما بعد الغزو، وسوء فهم الثقافة والسياسة العراقية، وتهميش أو تجاهل خبراء حقيقيين، وحل الجيش العراقي، وطرد أعضاء حزب البعث من الحكومة، وتجاهل وحتى إنكار تصاعد العنف الطائفي، واستنزاف الزخم العسكري، عبر تناوب القوات في معظم المراحل.

وحسب الكاتب، استغرق إعداد الكتابين سنوات، واتسمت مادتهما بصراحة رائعة، لكن تجاهلهما وسائل الإعلام والمجتمع السياسي. ولربما يرجع لطول وجفاف مادة الكتابين اللذين استندا إلى "حقائق مجردة". أو ربما لأن البعض يفضل تقارير مستقلة على أخرى اعتمدت بعض انتهاء المهمة، أو لعدم تركيز الدراسة على قضايا أكثر إثارة للجدل، كالتساؤل عما إذا كان من الممكن غزو بلد كبير ومتنوع في الشرق الأوسط – بلد لم يشكل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة- بكلفة مقبولة.

لكن الدراسة تأتي في وقت تتم فيه مناقشة عدد من الدروس المفترضة من الحرب في العراق بين الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، بشأن أكثر ما يترتب من نتائج عن خيار في السياسة الخارجية لأي بلد، وحول كيفية استخدام القوة العسكرية.

نقاش نقدي

ويرى الكاتب أنه، ضمن هذا النقاش النقدي، يبدو أن الدراسة استندت أولاً لزعم يقول إن "المنتصر الوحيد" في تلك الحرب كان "إيران متشجعة ومتوسعة" والتي حظيت بنفوذ واسع ضد خصمها الرئيسي في المنطقة بعدما تم خلع صدام حسين، وحل مكانه قادة مقربون من إيران.

ويرى معدو الدراسة أن واشنطن "لم تشكل استراتيجية فعالة" لمواجهة هذا التحدي، لأنها فرضت "حدوداً جغرافية مصطنعة للصراع، بطريقة جعلت من الصعب تحقيق الغايات المرجوة منه".

وحسب الكاتب، عند التعبير بشكل أكثر وضوحاً عما كتب في الدراسة، يرى معدوها أن الولايات المتحدة أخطأت من خلال عدم توسيع المعركة التي تستدعيها مصالحها القومية، لتشمل إيران المجاورة.

كما يزعم معدو الدراسة أن "إخفاق الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية في العراق لم يكن حتمياً، بل جاء نتيجة سلسلة من القرارات التي اتخذها قادة أذكياء مدربون جيداً".

تقييم محايد

ويرى الكاتب أنه اعتماداً على تقييمات محايدة لتمكين عدو الولايات المتحدة الرئيسي في المنطقة، والجدوى المفترضة لحرب أفضل، جرى إلغاء منهجي ومتعمد لحكمة تقليدية سابقة تفيد أنه على الولايات المتحدة أن تكون أكثر حذراً حيال صراعات محتملة، كالحرب العراقية. ومنذ تولي الرئيس دونالد ترامب السلطة، برزت وجهة نظر بديلة للحرب على العراق، مدفوعة من قبل أكثر منتقديه حماسة، وبعض مستشاريه المقربين. وقد يساعد ذلك في إحداث تغيير بشأن الحرب الأمريكية التالية في الشرق الأوسط.

إلي ذلك، يلفت الكاتب لمعارضة أوباما للحرب العراقية حيث استقى دروساً من خلال إخفاقات سلفه بوش في العراق. وقد شجع إدراك أوباما لما ارتكب من أخطاء لحذره من استخدام القوة الأمريكية، وخاصة في الشرق الأوسط ومن ثم التزامه بالعمل الديبلوماسي كأداة يتم استخدامها أولاً، فضلاً عن العمل حتى مع أْعداء متمرسين، وقناعته بأن العمل العسكري الأمريكي ينبغي أن يأتي فقط في إطار أوسع تحالف ممكن، ووفقاً للقانون الدولي.

دروس واضحة

وبحلول نهاية 2016، بدا أن الامتناع عن خوض مغامرة عسكرية في الشرق الأوسط شكل لحظة نادرة من التوافق بين الحزبين. وبدت الدروس المستفادة من الحرب العراقية واضحة نسبياً، وباتت احتمالات دخول الولايات المتحدة في حرب أخرى في المنطقة بعيدة أيضاً.