خريطة لمضيق هرمز.(أرشيف)
خريطة لمضيق هرمز.(أرشيف)
الأحد 21 يوليو 2019 / 12:00

قبل النفط وبعده... مضيق هرمز شريان حياة للعالم

يربط مضيق هرمز سواحل آسيا وشرق أفريقيا بقلب الشرق الأوسط. وقبل مدة طويلة من اكتشاف النفط، كان المضيق بمثابة شريان حياة العالم.

مضيق هرمز سيبقى أهم النقاط التجارية والبحرية وأكثرها قيمة في العالم، بغض النظر عن انخفاض أو ارتفاع أسعار النفط

وتبعاً له، يعتبر ألين جيمس فرومهارتز، أستاذ التاريخ ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط لدى جامعة جورجيا الحكومية، أن عرقلة الحركة في مضيق هرمز يمكن أن تكون كارثية، لأن 90٪ من نفط الخليج و 20٪ من موارد العالم تمر عبر المضيق. وتبعاً له غالباً ما تكون عملية الشحن عبر المضيق، والذي لا يزيد عرضه عن 32 كيلومتراً عند أضيق نقطة، كثيفة وخطيرة. وعند رأس مسندم، جيب عماني عند الحيد الجنوبي للمضيق، يمكن سماع الإذاعة الإيرانية، وغالباً ما تسمع إذاعات عربية. وعلى طول سواحله الصخرية، تتناثر جزر صغيرة. ولكن شدة الحرارة والرطوبة العالية تجعل الحياة صعبة في عدد من الجبال والوديان القريبة من المضيق.

ادعاءات
وأشار فرومهارتز، ضمن موقع "فورين أفيرز"، أنه رغم محاولة إيران الادعاء بأن المضيق يشكل جزءاً من أراضيها، لم يسيطر قط أي طرف بالكامل على هرمز. وعند رأس مسندم، احتفظ صيادون من قبائل الشحوح والظواهرة ببعض الاستقلالية عن مسقط.

ويشير كاتب المقال لقيام إيران ببناء محطتها النفطية عند جزيرة لاراك، في المضيق، بعدما هاجم العراق منشآتها السابقة عند جزيرة خرج في عمق الخليج. ويقيم في جزر لاراك وهرمز وقشم، وعلى الساحل الإيراني من الخليج، خليط من الفرس والسنة العرب الذين هاجروا من شبه الجزيرة العربية قبل رسم الحدود البحرية الدولية، وهم يختلفون عن معظم سكان إيران.

وبرأي الكاتب، لا يمكن مقارنة التنوع السكاني عند سواحل المضيق بالعدد الهائل للسفن العابرة له. ودون سيطرة قوة بعينها، من صالح الولايات المتحدة، بوصفها القوة البحرية الرائدة في العالم أن تقوم بدور الضامن النهائي للتجارة من خلال هرمز.

منع هجمات
وكان ذلك يعني، تاريخياً، منع ميزان السيطرة على المضيق من الجنوح بقوة نحو جهة دون أخرى. وفي عام 1987، تدخلت الولايات المتحدة في الحرب الإيرانية- العراقية لمنع هجمات ضد سفن كويتية. وأغرقت الولايات المتحدة، في عام 1988، سفناً حربية وزوارق لدوريات إيرانية، خلال ما عرف باسم حرب الناقلات. ولم تمض سوى بضع سنوات، حتى خاضت الولايات المتحدة حرب الخليج الأولى لمنع العراق من الاستيلاء على الكويت. وتعلمت إيران من تلك التجربة التاريخية، وأدركت أن الاستراتيجية الأكثر فعالية لمحاولة كسب موقف تفاوضي أفضل، ووضع حد لعقوبات شديدة، لا تتحقق عبر صراع مباشر بل بواسطة حيل وخداع. وهكذا بدأت في إرسال قوات صغيرة خفيفة الوزن لمضايقة ومهاجمة ناقلات كبيرة وحاويات سفن.

أهم ممر
ويرى كاتب المقال أن المخاطر في مضيق هرمز أعلى اليوم بكثير مما كان عليه الحال في الثمانينات والتسعينات، لأن المواجهة بشأن الشحن قد تقود إلى حرب واسعة بين إيران والولايات المتحدة، وهي حرب قد تتحول إلى نووية.
وبرأي الكاتب، تعتمد الولايات المتحدة على أمن الخليج لسبب يتعدى النفط.

ويرجع ذلك في النقطة الأولى والأهم، لتزايد احتمال وقوع نزاع نووي في ظل مسارعة إيران لتخصيب اليورانيوم إثر انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية، وهو ما أدى لتغيير الديناميكية الأمنية في المنطقة.

إلى ذلك، يرى الكاتب أن أمن مضيق هرمز لا يتعلق فقط بالتجارة، بل أن نزاعاً في المضيق قد يشعل عاصفة يحتمل انتشارها لما وراء الخليج. ومن جهة ثانية، نما حجم التجارة التي تمر عبر هرمز بسرعة مع صعود دول النفط الغنية على سواحل الخليج.

وكنقطة أخيرة، استثمرت الولايات المتحدة بكثافة في بناء قواعد بحرية، في البحرين وقطر، ومناطق أخرى، حيث لا يمكن الوصول إليها إلا عبر مضيق هرمز.

ويري الكاتب أن مضيق هرمز سيبقى أهم النقاط التجارية والبحرية وأكثرها قيمة في العالم، بغض النظر عن انخفاض أو ارتفاع أسعار النفط.

وحسب كاتب المقال، ربما يصعب على عدد من الأمريكيين تقبل استمرار التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة. وبالنظر لسقوط عدد كبير من الأرواح والأموال التي ضحت بها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، يريد عدد من الأمريكيين من كلا اليمين واليسار التخلي عن المنطقة تماماً. ولكن مهما بلغت كمية البترول التي يستخرجها منتجون أمريكيون وكنديون، ستبقى الولايات المتحدة مسؤولة عن أمن الخليج.

وخلص إلى النظام العالمي للتجارة الذي يعتمد عليه ازدهار الولايات المتحدة لا يمكن أن يعمل دون مرور آمن للسفن عبر مضيق هرمز، ومنع أي تصعيد آخر في المنطقة.