الفرقاطة البريطانية "مونترورز".(أرشيف)
الفرقاطة البريطانية "مونترورز".(أرشيف)
الأحد 21 يوليو 2019 / 13:48

بريطانيا أمام معضلة...هل تتخلى عن الاتفاق النووي؟

كتب الصحافي جدعون راشمان، في مقال بصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن احتجاز إيران لناقلة النفط البريطانية في مضيق هرمز ربما يجبر رئيس الوزراء البريطاني العتيد على إعادة النظر في نهج الاتفاق النووي الإيراني واتخاذ موقف أكثر تشدداً إزاء إيران.

إذا شاءت بريطانيا إلحاق أذى كبير بإيران لا يصل إلى رد الفعل العسكري، فإنها سوف تتخلى عن جهودها للحفاظ على الاتفاق النووي

ويُشير الصحافي إلى أن الأحداث غير المتوقعة التي وقعت في مضيق هرمز يوم الجمعة الماضي عند احتجاز السلطات الإيرانية لناقلة نفط ترفع علم بريطانيا من شأنها أن تضع بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني السابق والمرشح الأوفر حظاً لخلافة رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي في مأزق.

أزمة دبلوماسية كبرى

ويرجح المقال أن يضطر جونسون، المتوقع أن يفوز بزعامة حزب المحافظين البريطاني في انتخابات يوم الثلاثاء المقبل ويتم تعيينه رئيساً لوزراء بريطانيا يوم الأربعاء، إلى التعامل مع أزمة دبلوماسية كبرى مع إيران يمكن أن تتحول إلى صراع عسكري.

ويوم الجمعة الماضي، احتجزت إيران ناقلة نفط ترفع علم بريطانيا أثناء إبحارها عبر مضيق هرمز. ويعتبر الصحافي أن هذا الإجراء الإيراني بمثابة انتقام من احتجاز بريطانيا لناقلة نفط إيرانية في وقت سابق من الشهر الجاري بالقرب من مضيق جبل طارق؛ للاشتباه في انتهاك الناقلة الإيرانية للعقوبات المفروضة على سوريا.

عواقب وخيمة
وهددت الحكومة البريطانية باتخاذ "عواقب وخيمة" إزاء إيران، وهي عبارة تُستخدم غالباً كإشارة لرد الفعل العسكري. وفي ظل هذا المشهد سيتولى جونسون السلطة باعتباره زعيماً وطنياً قوياً، ولاشك في أنه سيرغب في أن يبدو قوياً في أول اختبار رئيسي له كزعيم وطني.

ولكن الصحافي يلفت إلى أن الحقائق العسكرية والدبلوماسية من شأنها أن تقوض رد الفعل البريطاني؛ وبخاصة لأن بريطانيا حاولت باستمرار متابعة طريق المفاوضات مع طهران، وخلال الأسبوع الماضي (قبل احتجاز ناقلة النفط) صرح جونسون أنه سوف يعارض العمل العسكري ضد إيران. ومع تراجع البحرية الملكية البريطانية فإن تورط بريطانيا بشكل مباشر في حرب مع إيران سيكون مخاطرة.

ويؤكد الصحافي أنه في حال وقوع أي صدام عسكري مع إيران، فإن بريطانيا سوف تسعى للحصول على الدعم الأمريكي. ويوم الجمعة الماضي، لمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل غامض إلى أن مثل هذا الدعم سيكون وشيكاً.

بيد أن ترامب نفسه أظهر تردده في القيام بعمل عسكري ضد إيران عندما أوقف فجأة الشهر الماضي غارات جوية ضد إيران تم التخطيط لها انتقاماً من إسقاط إيران لطائرة مسيرة أمريكية.

تصعيد أوسع
ويرى الصحافي أن المعضلة الحالية التي تواجه بريطانيا يجب التعامل معها باعتبارها جزءاً من تصعيد أوسع للتوترات بين إيران والغرب. وعلى هذا النحو فإن طهران وواشنطن هما اللاعبان الرئيسيان.

وتتبع الولايات المتحدة استراتيجية "الضغط الأقصى" من أجل إجبار طهران على الدخول في مفاوضات مباشرة من خلال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية القاسية.

وحتى الآن، لم تحقق الاستراتيجية الأمريكية أهدافها؛ إذ رفضت إيران الدخول في محادثات مباشرة، وبدلاً من ذلك لجأت إلى سلسلة من الاستفزازات العسكرية على نطاق محدود، مثل احتجاز ناقلات النفط والهجوم على الطائرة الأمريكية المسيرة. ويراهن ملالي طهران على الأرجح على تردد ترامب الواضح في التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط.

مقامرة إيران
ولكن طهران تواجه خطر خسارة رهانها بسبب سوء التقدير؛ وبخاصة في ظل وجود أشخاص ذوي نفوذ في واشنطن، مثل جون بولتون مستشار الأمن القومي لترامب، طالما يدافعون عن شن هجوم عسكري ضد إيران، وقد تقود الاستفزازات الإيرانية المتكررة إلى تأييد وجهة نظرهم.

وبحسب المقال، ربما يقود احتجاز إيران لناقلة النفط البريطانية إلى تبني بريطانيا لموقف أكثر تشدداً إزاء إيران، وهو الأمر الذي قاومه الاتحاد الأوروبي؛ فقد رفضت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا قرار إدارة ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي العام الماضي، وناضلت هذه الدول الثلاث التي وقعت على الاتفاق بشكل جماعي للحفاظ على مكاسب إيران من الفوائد الاقتصادية في مقابل الاستمرار في احترام القيود التي تم التفاوض عليها بشأن برنامجها النووي.

انهيار الاتفاق النووي

ويقول مقال "فايننشال تايمز": "إذا سعت بريطانيا إلى إلحاق أذى كبير بإيران لا يصل إلى رد الفعل العسكري، فإنها سوف تتخلى عن جهودها للحفاظ على الاتفاق النووي، وبدلاً من ذلك يمكنها الانضمام إلى جهود إدارة ترامب في تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني".

ويختتم المقال بأن قرار بريطانيا بانحياز سياستها إزاء إيران مع سياسة واشنطن قد يقود في نهاية المطاف إلى القضاء على جهود الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على بقاء الاتفاق النووي على قيد الحياة، وفي الوقت نفسه سيعكس ذلك أيضاً التخلي عن موقف السياسية الخارجية البريطانية الذي طال أمده، وربما يزيد من فرص المواجهة العسكرية. وفي النهاية، تقع على عاتق رئيس الوزراء البريطاني الجديد مسؤولية هذا الاختيار المهم في الأيام القليلة الأولى من توليه منصبه.