الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الإثنين 22 يوليو 2019 / 14:46

الأمور انهارت حول أردوغان.. والآتي أعظم!

توقع المدير المشارك لكلية الابتكار المستقبلي في المجتمع التابعة لجامعة أريزونا غاري غروسمان نهاية سيطرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على بلاده.

سرعة نهاية أردوغان السياسية سيحددهما مدى قدرة المعارضة على الاتحاد. ومن المحتمل أيضاً أن يظهر حزب سياسي جديد يؤسسه حلفاء سابقون لأردوغان

وكتب في موقع "ذا كونفرسايشن" الأوسترالي أنّ الانتخابات المحلية التركية لا تلفت أنظار العالم في المعتاد. لكن هزيمة مرشح الحزب الحاكم في انتخابات بلدية اسطنبول، مرة في مارس (آذار) وأخرى في يونيو (حزيران) بشكل أكثر حسماً، هي إشارة إلى أنّ أقوى حزب سياسي تركي يخسر تأثيره بعد عقدين من السيطرة. جميع الحركات السياسية تنفد من الطاقة الشعبية في نهاية المطاف. لكن الأردوغانية غيرت تركيا بشكل جذري وقلصت ديمقراطيتها.

صراع ذو أثرين محتملين
إنّ انهيار حزب العدالة والتنمية سيغير الآن تركيا بطرق أخرى. يذكر غروسمان كيف راقب السياسات التركية عن كثب لحوالي ثلاثة عقود بسبب عمله في البلاد كمدرب ومقدم للاستشارات حول الإصلاح التعليمي. وكتب أيضاً كيف كان يعيش في تركيا حين وصل أردوغان إلى السلطة وعزز قبضته على جميع جوانب المجتمع التركي.

لدى العالم مصلحة في استقرار تركيا التي تشكل الاقتصاد السابع عشر عالمياً وفقاً للأمم المتحدة وهي واقعة اليوم تحت دين كبير للمستثمرين الأجانب. حين انخفضت الليرة 20% السنة الماضية برز خطر انزلاق العالم نحو أزمة دولية. وبإمكان الصراع السياسي الحديث أن يطلق عودة الديموقراطية في تركيا وقد تتوحد المعارضة وطنياً في وجه الحزب الحالكم. لكن بإمكان الصراع السياسي أيضاً أن يتسبب بأزمتين متصاعدتين مالياً وسياسياً.

عودة أقدم حزب سياسي

حزب الشعب الجمهوري هو أقدم حزب سياسي تركي وتأسس بعد الثورة التركية سنة 1923. في انتخابات اسطنبول، اختار أردوغان مرشحه إلى السباق وهو رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم الذي خسر أمام أكرم إمام أوغلو. ويصغر الأخير أردوغان بستة عشر عاماً وكان سابقاً عمدة بيليك دوزو أحد أحياء اسطنبول.
وصف أردوغان انتخابات مارس بأنها موصومة وطلب من اللجنة العليا للانتخابات التي اختار أعضاءها أن تدقق في الموضوع. ألغت اللجنة النتائج وأجريت انتخابات جديدة في 23 يونيو. أصرت حملة إمام أوغلو على أنّ الانتخابات الأساسية كانت شرعية لكنه خاض الانتخابات المعادة فحقق انتصاراً ثانية بفارق 800 ألف صوت بدلاً من 13500 صوت كما في حصل في نتائج مارس.

لم يعد "سيداً عظيماً"؟

بدأت ولاية أردوغان الأخيرة سنة 2018 مع قلب تقدم تركيا نحو دولة ديموقراطية مستخدماً انقلاباً مزعوماً لإطاحة الحكومة كعذر لاعتقال وسجن المعارضين. ثم استغل نفوذه الحكومي من أجل تغريم الشركات لصالحه السياسي والشخصي. أصبحت وسائل الإعلام المستقلة كالإذاعة التركية ووكالة الأناضول رسل حزب أردوغان.
ومع اختفاء النقاد والمعارضة، واصل الرئيس التركي تعزيز سيطرته على البلاد. أدت قدرته في الحصول على ما يريد إلى وصف أتباعه له ب "السيد العظيم". سنة 2017، وافق الناخبون الأتراك على الدستور الجديد الذي سعى إليه. حصل أردوغان على لقب أول رئيس تنفيذي وعلى صلاحيات دستورية واسعة على حساب السلطتين التشريعية والقضائية.

الأمور تنهار

منذ ذلك الحين ظهرت مؤشرات إلى عدم ارتياح متزايد من تكتيكات أردوغان. في وقت سابق من السنة الحالية، وقّع أكثر من ألف أكاديمي تركي إضافة إلى زملائهم في الخارج رسالة مفتوحة يستنكرون فيها قصف أردوغان أكثر من مئة هدف في المناطق الكردية بالقرب من الحدود مع سوريا. وفي الشهر الحالي، طرد أردوغان رئيس البنك المركزي في صراع ظاهر على سلطة التحكم بالفوائد في البلاد مما يشير إلى أنّ البنك المركزي لم يعد تحت قضبته بقوة. وتهدد الإشكاليات المستمرة الدعم الذي يتلقاه أردوغان وحزبه.

فتح إمام أوغلو سريعاً تحقيقاً حول طريقة استخدام الحزب الحاكم للأموال العامة في الانتخابات. كشف تحقيق أولي إنفاق مبلغ 145 مليون دولار لمؤسسة شباب مرتبطة بنجل أردوغان بلال وبرز تقرير تم طمسه سريعاً عن سوء تصرف جنسي لصهره ووزير الخزانة بيرات البيرق. وكانت هنالك تقارير أخرى على مدى السنوات الماضية.

ماذا الآن بالنسبة إلى تركيا؟

إنّ سلوك أردوغان التسلطي عبر سجن النواب والصحافيين والمعارضين يوضح أنّ تآكل سلطته سيكون مؤلماً لتركيا. لطالما كانت شعبية أردوغان هشة. خلال السباقين الرئاسيين لم يتخط أردوغان 52.5% من نسب التصويت. وحصد الحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية الموازية ما هو أقل من رقم أردوغان. ويظهر ذلك أنّ حزب العدالة والتنمية أقل شعبية بكثير مما تبدو عليه الأمور.

إنّ نهاية أو سرعة نهاية أردوغان السياسية سيحددهما مدى قدرة المعارضة على الاتحاد. ومن المحتمل أيضاً أن يظهر حزب سياسي جديد يؤسسه حلفاء سابقون لأردوغان يقولون إنّ الحزب الحاكم تحت قيادته الحالية "أنتج انحداراً خطيراً في الخطاب والتصرفات والأخلاق والسياسة".

على العموم، يبدو أنّ هالة أردوغان حول كونه لا يُهزم تتبدد كما يظهر أنّ تركيا قريبة من اليوم الذي يُنظر فيه إلى انتقال السلطة على أنه اعتيادي وليس استثناء في الحياة السياسية. وختم غروسمان مقاله بالإشارة إلى أنه حين يأتي ذلك اليوم، ستصبح تركيا الديموقراطية التي أرادتها ثورة 1923.