قوات إيرانية تنفذ تنزل بالحبال على ناقلة النفط البريطانية.(أرشيف)
قوات إيرانية تنفذ تنزل بالحبال على ناقلة النفط البريطانية.(أرشيف)
الإثنين 22 يوليو 2019 / 16:04

إيران تدفع بريطانيا إلى الخروج من الاتفاق النووي

حذرت الباحثة سانام فاكيل، في مقال بصحيفة "غارديان" البريطانية، من أن إيران تصعد الرهان في الخليج وتستخدم احتجاز ناقلة النفط البريطانية، كورقة مساومة للإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" التي احتجزتها بريطانيا بالقرب من مضيق جبل طارق.

استمرار إيران في التصعيد سيدفع على الأرجح إلى إنشاء تحالف أوروبي- أمريكي ضد إيران

وتعتبر فاكيل، الزميلة البارزة في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتام هاوس"، أن تعمد طهران احتجاز ناقلة النفط البريطانية يُعد جزءاً من المحاولة الإيرانية للرد على انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من صفقة الاتفاق النووي مع إيران للعام 2015 وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية ضدها.

استراتيجية محفوفة بالمخاطر
وعلاوة على ذلك، تستهدف طهران أيضاً تهدئة الصخب المحلي وتأكيد نفسها؛ وبخاصة بعد احتجاز القوات البريطانية في الرابع من شهر يوليو(تموز) الجاري لناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" بالقرب من مضيق جبل طارق، للاشتباه في انتهاكها للعقوبات المفروضة على سوريا.

ولكن ترى الباحثة أنه ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الاستراتيجية التي تنتهجها إيران ستحقق هدفها في تبديد غضب الشعب الإيراني من إعادة فرض العقوبات؛ وبخاصة لأنها محفوفة بمخاطر التصعيد، وتهدد بتعقيد العلاقات الثنائية بين بريطانيا وإيران وإهدار الجهود الأوروبية الواسعة المبذولة من أجل انقاذ الاتفاق النووي الذي يلزم إيران بتقييد صارم لبرنامجها النووي في مقابل رفع العقوبات.

وعلى الرغم من تلك المخاطر والتهديدات، إلا أن إيران ترى هذه المقامرة ضرورية في الوقت الراهن؛ لتحسين نفوذها الدولي في حال استئناف المفاوضات الدبلوماسية. ولم تثمر جهود الوساطة التي استمرت أسبوعين لإطلاق سراح ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" عن شيء، الأمر الذي دفع المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي للتصريح بإن "الجمهورية الإسلامية وقواتها الملتزمة لن تترك هذا الشر من دون الرد عليه".

ورقة مساومة
وتقول الباحثة: "يبدو أن ناقلة النفط البريطانية المُحتجزة (استينا إمبيرو) ستكون بمثابة بيدق في لعبة أكبر، حيث تلقى إيران باللوم على إدارة ترامب في التأثير والتنسيق لاحتجاز ناقلة النفط الإيرانية؛ إذ ترتبط هذه الأزمة بشكل وثيق بالجهود الأوسع التي يبذلها المتشددون الأمريكيون للضغط على إيران، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات ضد إيران، مما أدى إلى تصاعد الأحداث في مضيق هرمز".

وعلى مدار العام الماضي، حاولت فرنسا وألمانيا وبريطانيا إنقاذ الاتفاق النووي ولكن لم تسفر جهودهم عن شيء، وبعدما فقدت إيران المزايا المادية الموعودة في مقابل التوقيع على صفقة النووي، بدأت إيران تهميش التزاماتها النووية من خلال زيادة مستويات تخصيب اليورانيوم.

وتقول الباحثة "تحت حصار العقوبات الأمريكية وتقويض الفوائد الملموسة من أوروبا، اختارت طهران أن تجعل المجتمع الدولي يشعر ببعض الألم، وهي تعمد الآن لاستخدام احتجاز ناقلة النفط البريطانية (استينا إمبيرو) كورقة مساومة للإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية (غريس 1)، وعلى النهج نفسه تلجأ إيران إلى الأعمال الاستفزازية الأخرى مثل الانتهاك المتعمد للاتفاق النووي وإسقاط الطائرة المسيرة الأمريكية والهجمات على ناقلات النفط الأخرى في الخليج، واعتقال الأشخاص مزدوجي الجنسية".

عواقب وخيمة
وتُشير الباحثة إلى أن صناع السياسية الإيرانيين يحاولون تكرار النجاحات الملحوظة التي تحققت من مواجهة 2005 التي أدت إلى تسريع البرنامج النووي الإيراني الذي يُعتقد أنه أسفر عن تنازلات دولية كبرى. وتحاول أوروبا، العالقة بين الضغوط الأمريكية والإحباط من الانتهاكات النووية الإيرانية، اتباع نهج مستقل. ولكن استمرار إيران في التصعيد سيدفع على الأرجح إلى إنشاء تحالف أوروبي- أمريكي ضد إيران، وبخاصة مع الإدانة المشتركة من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لتصرفات إيران ومطالبتهم بالإفراج السريع عن ناقلة النفط المُحتجزة.

وعلى الرغم من تحذير وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت لإيران من "عواقب وخيمة"، إلا أنه من المهم بحسب الباحثة أن يتم موازنة رد الفعل البريطاني؛ إذ يجب أن تتفادى بريطانيا إغراءات التحالف الكامل مع واشنطن ضد طهران؛ لاسيما أن الحديث عن العقوبات وتجميد الأصول سيقود فقط إلى تعرض الاتفاق النووي والجهود الأوروبية للمزيد من الخطر.

وتقترح الباحثة في ختام مقالها اللجوء إلى التفاوض الثنائي المباشر بين بريطانيا وإيران، بدلاً من دمج أزمة ناقلات النفط مع الاتفاق النووي، وربما يلعب رئيس الوزراء البريطاني الجديد دوراً أكبر في جهود الوساطة لإنقاذ الاتفاق النووي، بحيث تقوم بريطانيا بالوساطة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وبذلك تعزز بريطانيا أهميتها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.