الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الثلاثاء 23 يوليو 2019 / 10:59

هل ينتقم أردوغان من أكرم إمام أوغلو؟

استعاد جيرالد هايمان، زميل غير مقيم لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فوز أكرم إمام أوغلو من حزب الشعب الجمهوري العلماني(CHP) في الانتخابات البلدية في اسطنبول في 23 يونيو(حزيران) – للمرة الثانية هذا العام، لافتاً إلى أنه فاز في المرة الأولى في 31 مارس (آذار)، بهامش 2%، ولكن المجلس الأعلى للانتخابات الذي يسيطر عليه أردوغان وحزبه AKP، قضى بوقوع مخالفات في اسطنبول، ووجوب إعادة الانتخابات.

إذا كان التاريخ مرشداً، فسيتبع أتباع أردوغان سلوكاً حاقداً ضدهم، ويحرمهم من موارد مركزية عدة، ويساهم في إفشال إدارتهم لبلداتهم

وتعد اسطنبول قاعدة أردوغان الرئيسية، ومصدر جزء كبير من أموال يحصل عليها وحزبه، وكذلك تركيا. وقد أشرف أردوغان على تخصيص موارد، بما فيها موارد الدولة لضمان الفوز في اسطنبول هذه المرة. ولكن خطته فشلت فشلاً ذريعاً، وحيث كان هامش فوز إمام أوغلو واسعاً، 54- 45 ولم يكن بالإمكان نفيه. وليلة إعلان النتيجة، اعترف حليف أردوغان ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم بالهزيمة.

وحسب كاتب المقال، على إمام أوغلو التركيز على نقطتين رئيسيتين وأخريين ثانويتين، لضمان مستقبله الشخصي المشرق، ولخدمة حزبه CHP، ولاستعادة الديمقراطية كاملة إلى تركيا.

وبداية، عليه أن يحكم بكفاءة ونزاهة. فقد تسبب الفساد ونهب موارد إسطنبول من قبل حزب العدالة والتنمية بهزيمة AKP أكثر منه لمرشحه التعيس بن علي يلدريم. ومن الطبيعي أن يؤدي حكم نزيه وفعال للفوز في الانتخابات في كل مكان، ولكن مواطني اسطنبول سيفتحون أعينهم جيداً الآن بعد أن انقلبوا على الوضع السابق، وانتخبوا مرشحاً على أساس النظام الأساسي.

مراعاة مشاعر
وحسب الكاتب، يفترض بإمام أوغلو وحزب CHP الحرص على عدم فرض رؤاهم العلمانية بشدة وعلى نطاق واسع، وبإصرار شديد، وإنما، ينبغي أن يعبروا عن احترامهم لمشاعر أتراك متدينين شكلوا جوهر الدائرة الانتخابية لحزب AKP، وكانوا من بين أسس فوزه الانتخابي الأولي في نوفمبر(تشرين الثاني) 2002. فقد نما اعتقاد لدى أولئك السكان بأن النخبة الكمالية العلمانية، في المدن خاصة، أساءت لهم ومارست تمييزاً ضدهم، وانتهكت قيمهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم.
  
ويرى كاتب المقال أنه ينبغي على إمام أوغلو وزملائه من حزب CHP إظهار الالتزام بالديمقراطية الشاملة، والعمل على إرساء قيادتهم الوطنية في أسلوب ومضمون الحكم في أكبر ست مدن تركية انتخبوا لإدارتها.

فرصة ذهبية
ومن جهة ثالثة، يشير الكاتب على إمام أوغلو وزملائه رؤساء البلديات لتحضير أنفسهم وجماهيرهم لانتقام AKP. ولو أن أردوغان حكيم، لكان سيعمل مع رؤساء بلديات المدن الست، عوضاً عن محاولة عرقلتهم. ولكن إذا كان التاريخ مرشداً، فسيتبع أتباع أردوغان سلوكاً حاقداً ضدهم، ويحرمهم من موارد مركزية عدة، ويساهم في إفشال إدارتهم لبلداتهم، ولو أنه سيكون خطأ كبيراً.

وحسب الكاتب، لدى رؤساء البلديات الجدد فرصة ذهبية لبناء حزب الشعب الجمهوري ليصبح منافساً خطيراً في الانتخابات الوطنية. وذلك يعني أنه يفترض بهم أن يقدموا ما هو أكثر من مجرد إدارة جيدة لسكان مدن. وذلك يعني أن يتقربوا من ناخبين متدينين ومن الأقلية الكردية في تركيا. كما أن دعم حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) الذي يمثل مصالح الأكراد(وأقليات أخرى)، يوفر فرصة هامة للتصالح مع أكراد تركيا.

إلى ذلك يتساءل كاتب المقال حول كيفية تعامل أردوغان مع تدهور الاقتصاد التركي؟ فهل يبطل ما يراه عملية إنقاذ مقيتة قدمها صندوق النقد الدولي بشروط؟ أم يواصل سياسته الفاشلة في استبدال رؤساء بلديات منتخبين من صفوف المعارضة بآخرين يعينهم ويكون وصياً عليهم؟ وهل يضاعف جهوده نحو مزيد من الاستبداد؟ وهل تتحداه قوى أخرى ومنافسين من داخل AKP؟ وإلى أي مدى تحول الناخبون الأتراك، وخاصة الشباب، بعيداً عن سياسات الهوية والحتمية المجتمعية؟