وزير الخارجية التركي السابق علي باباجان.(أرشيف)
وزير الخارجية التركي السابق علي باباجان.(أرشيف)
الثلاثاء 23 يوليو 2019 / 11:54

هل يتمكن باباجان من إطاحة أردوغان؟

أكد الصحافي الإيرلندي ستيفن ستار أنّ استقالة العضو المشارك في تأسيس حزب العدالة والتنمية علي باباجان أرسلت موجات صادمة على امتداد تركيا. وفي صحيفة "ذي اراب ويكلي" اللندنية، ذكر ستار أن باباجان أعلن في بيان الاستقالة الذي أصدره في 8 يوليو (تموز) الحالي أنه "في السنوات الأخيرة، برزت خلافات عميقة حول المبادئ والقيم والآراء التي أؤمن بها وبين ممارسات (حزب العدالة والتنمية) في مجالات منفصلة.

أردوغان محاط بمتملقين ذوي خبرة أو معرفة قليلة بإدارة البلاد. يبدو أنهم يعتقدون بأنّ واجبهم الوحيد هو التصرف وفقاً لنزوات كل أمر وأمنية لدى رئيسهم

استلزم الوضع الحالي رؤية جديدة للمستقبل في تركيا، لأن لدينا أجيال جديدة ودينامية وواعدة تتمتع بمطالب مختلفة بالكامل".

أضاف باباجان أنه يعتقد مع آخرين بعدم إمكانية حل المشاكل التي تواجهها تركيا إلا عبر إشراك مجموعة واسعة ومتنوعة من الأفراد. اعتُبر بيان باباجان مؤشراً لخططه في تأسيس حزب سياسي منافس وهذا ما يطرح السؤال عما إذا كان وزير الاقتصاد السابق هو الرجل الذي سيهزم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ما الذي يمكن فهمه من البيان؟

على عكس قادة بارزين آخرين الذين غادروا الحزب بهدوء مثل الرئيس السابق عبدالله غول ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أغلو، استخدم باباجان استقالته كمنصة لمخاطبة الأتراك بطريقة مباشرة، وهي طريقة قليلاً ما استخدمها مسؤولون سابقون في الحزب الحاكم.

جاءت تعليقاته جريئة بالنظر إلى القمع الممارس في تركيا والعقاب المفروض على الذين يتحدّون سلطة أردوغان. كذلك كانت تعليقاته مفيدة على مستوى معرفة ما يخطط لفعله في الخطوة المقبلة. لم يكن توقيت إعلان الاستقالة عرضياً فقد أتى بعد أسابيع على خسارة حزب العدالة والتنمية رئاسة بلدية اسطنبول وبعد يومين على إقالة حاكم البنك المركزي عبر مرسوم رئاسي من منصبه، هذا المنصب الذي يفترض ألا يكون مسيساً.

لماذا يُنظر إليه باحترام؟

يحظى باباجان بالكثير من الاحترام في تركيا كمهندس لإعادة الهيكلة الاقتصادية والمالية التي سحبت البلاد من أزمة تضخم عميقة في بدايات القرن الحالي. بعدما تم تعيينه وزيراً للشؤون الاقتصادية سنة 2002 حين كان في الخامسة والثلاثين من عمره فقط، اعتُبر باباجان أنه قارئ محترم وذكي للمشهد السياسي في تركيا. لقد ساعد في تحويل البلاد إلى واحد من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم خلال العقد الذي أعقب تسلمه الوزارة.

يضيف ستار أنّ هذه الدرجة غير المسبوقة من الراحة الاقتصادية وإمكانية الحصول على القروض، معطوفة على الأفكار المحافظة للحزب الحاكم وسمعة أردوغان بأنه لا يساوم دولياً هي التي خلقت الدعم الواسع للحزب بين الأتراك مع بدايات القرن الحالي. وانطلاقاً من هذا الموقف، قد يسعى باباجان للوصول إلى الأتراك عبر حزب جديد – كرجل حسّن الاقتصاد.

مصاعب متزايدة
باستثناء أردوغان، رحل معظم اللاعبين الأساسيين الذين أسسوا حزب العدالة والتنمية. ومع الركود الاقتصادي وإقالة حاكم البنك المركزي وخسارة بلدية اسطنبول، يصبح واضحاً بشكل متزايد حجم المصاعب المتنامية التي يواجهها الحزب الحاكم. ولو انضم غول وداود أوغلو إلى باباجان لتأسيس حزب جديد معاً، فإن عشرات الأعضاء من الحزب الحاكم والذين خاب أملهم من مراكمة أردوغان للسلطة قد ينضموا إليهم.

بروز الحزب لن يعني انتصاراً سريعاً
يشرح ستار أنه حتى لو تأسس حزب جديد من كوادر سابقة في حزب العدالة والتنمية، لن يعني ذلك بالضرورة نهاية الحزب الحاكم. إنّ تأسيس أحزاب جديدة في تركيا هو نوع من الرياضة الوطنية. ولم يستطع حزب الشعوب الديموقراطي الذي تأسس سنة 2012 والحزب الجيد الذي أطلِق سنة 2017 القضاء على حزب العدالة والتنمية.

كذلك، واجه أردوغان تحديات في السابق وتخطاها كما حصل مع مظاهرات متنزه غيزي سنة 2013 والانقلاب الفاشل سنة 2016. في ذلك الوقت، تلقت سمعة باباجان ضربة وسط تكهنات بتمتعه بعلاقات مع الداعية عبدالله غولن الذي يتهمه أردوغان بالوقوف خلف الانقلاب.

ليس في الحزب سوى أردوغان.. ومتملقون
بالرغم مما سبق، بدأت التحديات تتراكم أمام أردوغان. يستطيع تخطي بعضها بينما البعض الآخر أكثر تعقيداً بكثير كالمصاعب الاقتصادية التي تطال 80 مليون شخص في تركيا. السبب في إنجاز الحزب الحاكم الكثير ضمن فترة زمنية طويلة هو أنه استقدم أفضل العقول والقادة إلى صفوفه: اليوم، لا يوجد سوى أردوغان. وهو محاط بمتملقين ذوي خبرة أو معرفة قليلة بإدارة البلاد. يبدو أنهم يعتقدون بأنّ واجبهم الوحيد هو التصرف وفقاً لنزوات كل أمر وأمنية لدى رئيسهم.

ويختم ستار بأنه لا يزال هنالك الكثير من الاختبارات التي يجب على باباجان وداود أوغلو ومنشقين آخرين عن الحزب الحاكم أن يجتازوها قبل أن يشكلوا تهديداً جدياً للحزب الحاكم. لكن المكونات موجودة وأردوغان يعلم ذلك أيضاً.