الثلاثاء 23 يوليو 2019 / 20:01

زيارة محمد بن زايد للصين.. أبرز محطاتها وأهم النتائج

24- أبوظبي- محمد رمضان

عكست زيارة الدولة التي يقوم بها ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى بكين بدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، حجم الأهمية الكبيرة التي يوليها البلدين في تطوير الشراكة الاستراتيجية، وأظهرت نتائجها الإيجابية حرص القيادتين في توطيد أواصر التعاون عبر توقيع العديد من مذكرات واتفاقيات التفاهم التي شملت كافة المجالات الحيوية.

وشكل برنامج الزيارة الرابعة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى بكين، نقلة نوعية في مسار العلاقات الثنائية بين الدولتين، التي تمتد جذورها منذ أكثر من 35 عاماً، وفي تزايد مستوى التنسيق السياسي بينهما، كما أشارت "زيارة الدولة" إلى المكانة الاستثنائية التي يحظى بها ولي عهد أبوظبي لدى الصين، قيادة وشعباً.

ففي جدول لقاءات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والوفد المرافق مع القيادات الصينية، شمل مساحة واسعة من الاهتمامات المشتركة التي جرى تقنينها في اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بأكثر من 13 محوراً، تبدأ من الاستثمار والطاقة والصناعة والبنية الأساسية والتصنيع الابتكاري، ولا تنتهي بالسياحة والتعليم والبيئة.

احتفال شعبي
وفي اليوم الأول من الزيارة التي استهلها أول من أمس الأحد، وصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى مطار بكين الدولي وسط مظاهر احتفال تقليدي وشعبي مرحبة بقدومه إلى الصين، في حين التقى وزير الخارجية والتعاون الدولي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، مستشار الدولة وزير خارجية الصين وانغ يي، لبحث السبل الكفيلة بتعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين إضافة إلى تبادل وجهات النظر تجاه عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك ومناقشة آخر تطورات الأوضاع في المنطقة.





استقبال رسمي
أما في اليوم الثاني من الزيارة، فقد جرت للشيخ محمد بن زايد آل نهيان مراسم استقبال رسمية في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة بكين، وكان في مقدمة مستقبليه، الرئيس شي جين بينغ، وكبار القادة الصينيين.

واستعرض ثلة من حرس الشرف اصطفت تحية لولي عهد أبوظبي، فيما رحب مجموعة من الأطفال الإماراتيين والصينيين يرتدون الزي الوطني بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بعدها جرت مراسم العرض العسكري للمشاة ترحيباً بزيارته إلى الصين.





جلسة مباحثات
وعقد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس الصيني، جلسة مباحثات رسمية تناولت تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين الصديقين، وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

واستعرض الجانبان خلال اللقاء علاقات الصداقة ومسارات التعاون الاستراتيجي الشامل بين دولة الإمارات وجمهورية الصين، وأهم المقومات والفرص الواعدة لتطويره خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والعلمية والثقافية والطاقة المتجددة بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الصديقين، إضافة إلى العديد من القضايا والمستجدات التي تشهدها المنطقة، وتبادلا وجهات النظر بشأنها.

وأكد ولي عهد أبوظبي، متانة العلاقات الدبلوماسية الإماراتية الصينية، وتميزها منذ إقامتها خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1984، حيث شهدت نقلات نوعية كبرى في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية وغيرها، مشيراً إلى أن هذه النقلات كانت ترجمة لما تملكه هذه العلاقات من إمكانات التطور والنماء من ناحية، وما يتوافر لها من إرادة سياسية مشتركة من ناحية أخرى.



ترقية الشراكة
وأضاف أن "ترقية الشراكة الاستراتيجية، التي كانت قائمة بين البلدين منذ عام 2012، إلى شراكة شاملة بمناسبة الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الصيني للإمارات خلال 2018، كانت بمنزلة تتويج لمسار طويل وناجح من التعاون المشترك الذي أثمر شراكات رائدة في المجالات المختلفة"، مؤكداً أن تطوير العلاقات مع الصين يمثل توجهاً استراتيجياً للدولة، وستعمل على تعزيز هذا التوجه ودعمه خلال السنوات المقبلة.

وأشاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمبادرة "حزام واحد - طريق واحد"، التي أطلقتها الصين منذ سنوات، واصفاً إياها بالمبادرة التنموية والحضارية الرائدة، مؤكداً أن "موقع الإمارات الاستراتيجي، وبنيتها التحتية العصرية، وقدراتها اللوجستية المتطورة، وعلاقاتها التجارية المتنوعة والواسعة مع مختلف دول العالم، بما فيها الصين، ودورها المسؤول في سوق الطاقة العالمي، يجعلها طرفاً فاعلاً في المبادرة ومحطة أساسية من محطاتها".

ومن جانبه، قال الرئيس الصيني، إن "البلدين يعملان بشكل متواصل على تطوير العلاقات الثنائية القائمة على أسس الثقة والمصالح المتبادلة"، معرباً عن ارتياحه لمستوى تطور ونمو العلاقات بين البلدين.

وأشار إلى البيان المشترك الذي سيصدره الجانبان في ختام زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بشأن تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الإمارات والصين، والذي يعد وثيقة منهجية مهمة للجانبين.



اتفاقيات تفاهم
وشهد ولي عهد أبوظبي والرئيس الصيني، أمس الإثنين، مراسم تبادل 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين شملت المجالات الدفاعية والاقتصادية والتجارية والبيئية إضافة إلى التعليمية والجمارك والطاقة، والتي تهدف إلى تطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة والتعاون الثنائي بين البلدين وفتح آفاق جديدة للعمل المشترك في مختلف القطاعات.

وكان من أبرز الاتفاقيات والمذكرات التي وقعها البلدان، اتفاقية في مجال التعاون الدفاعي والعسكري بين البلدين وقعها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ومستشار دولة وزير الدفاع الصيني وي فنغ خه، وأخرى بين "أدنوك" و"سينوك" لاستكشاف فرص التعاون في مختلف مجالات ومراحل إنتاج النفط والغاز في البلدين.





تنمية وازدهار
كما التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب الصيني لي شان زو، ورئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ، في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة بكين، بحث خلاله تطوير التعاون بين البلدين في ضوء الرؤى المشتركة لمستقبل العلاقات الثنائية وحرصهما على ترسيخ الروابط التاريخية والارتقاء بمجالات الشراكة إلى آفاق أرحب بما يخدم مصالح الشعبين.

وأشاد ولي عهد أبوظبي، بمستوى التطور الذي تشهده علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين، مشيراً إلى أن "الصين هي الشريك التجاري الأكبر للإمارات، وأن العلاقات بين البلدين مرشحة لمزيد من التطور في المستقبل في ضوء الإمكانيات الاقتصادية الكبيرة التي يملكها البلدان".





المنتدى الاقتصادي الإماراتي الصيني
ويعد المنتدى الاقتصادي الإماراتي الصينيـ الذي نظمته وزارة الاقتصاد بالتعاون مع ديوان شؤون الرئاسة والدوائر الاقتصادية واتحاد الغرف جزءاً رئيسياً من برنامج زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الصين، حيث شهد التوقيع على 16 مذكرة واتفاقية تفاهم بين مؤسسات إماراتية وصينية في العديد من المجالات.

ويهدف المنتدى الذي شارك فيه أكثر من 500 شخصية من قيادات القطاعين العام والخاص في البلدين تحت شعار "الشراكة المستدامة.. الاستثمار المستدام"، إلى توسيع جسور التعاون بين القيادات الحكومية وممثلي الشركات والمستثمرين في الإمارات والصين، في نطاق شراكة تواصلت على مدى ثلاثة عقود لترتقي إلى سويّة استراتيجية تشمل 13 محوراً رئيسياً في مجالات التجارة والاستثمار والنفط والطاقة النظيفة، فضلاً عن السياحة والصحة والبيئة والفضاء والبناء والصناعات الابتكارية.



حلقة شباببية
وحضر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اليوم الثالث من الزيارة اليوم الثلاثاء، جانباً من الحلقة الشبابية الإماراتيةــ الصينية التي استضافتها جامعة "تسينغهوا" الصينية في العاصمة بكين، واستمع في بداية الجلسة إلى آراء الشباب والشابات حول طموحاتهم وأفكارهم وتطلعاتهم الشخصية والتعليمية ورؤيتهم لطبيعة التعاون بين شباب الإمارات والصين.

وقال ولي عهد أبوظبي، عبر حسابه الرسمي على تويتر: "تابعت باهتمام الحلقة الشبابية الإماراتية الصينية.. بادرة تعكس أهمية الحوار بين الشباب من مختلف الثقافات.. بهم يكتمل الإنجاز وتتعزز مسيرة التنمية.. فهم رهان المستقبل ورواده.. لذا نحن في الإمارات نستثمر بالشباب المتعلم ونؤمن بفكره ودوره المؤثر".



نصب تذكاري
كما زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان النصب التذكاري لأبطال الشعب الصيني في ساحة تيانانمن التاريخية في العاصمة بكين، ووضع إكليلاً من الزهور على النصب الذي شيد تكريما للصينيين الذين ضحوا بأرواحهم دفاعاً عن وطنهم ومقاومة الغزاة.

وأكد أن "الأمم تبني حضاراتها بسواعد أبنائها وعزيمتهم وتضحياتهم وأن هذه التضحيات تظل خالدة في ذاكرة الشعوب أبد الدهر وتبقى مصدراً لإلهام الأجيال المتعاقبة فهم الذين وهبوا الحياة لأوطانهم بدمائهم وتضحياتهم العظيمة".



شهادة فخرية
ومنحت جامعة " تسينغهوا الوطنية " الصينية، إحدى الجامعات البحثية العريقة على مستوى العالم والتي يرجع بدايات تأسيسها الى عام 1911، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان شهادة "بروفيسور فخرية" تقديراً لدوره ومبادراته في دعم العلوم المتقدمة والتكنولوجيا والابتكار، إضافة إلى تكريس جهوده في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين الإمارات والصين، وتعد الشهادة أعلى وأرقى شهادة تقدمها الجامعة للقادة والرؤساء.



مذكرات التفاهم
والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب الرئيس الصيني وانغ تشي شان، وبحث معه علاقات التعاون بين البلدين وعدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما شهد تبادل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لمؤسسات القطاع الخاص في البلدين، على هامش احتفال سفارة الدولة بمناسبة مرور 35 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والصين.







الأسبوع الإماراتي الصيني
ومنذ اليوم الأول للزيارة، نظمت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة فعاليات الأسبوع الإماراتي الصيني في العاصمة بكين، من خلال مجموعة من العروض الثقافية والفنية والتراثية لتعريف الجمهور الصيني على الموروث الثقافي الإماراتي الكبير وما يزخر به من قيم أصيلة.

واحتفاءً بزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أدت فرقة الحربية الإماراتية الرقصة الشعبية "العيالة" في سور الصين العظيم وسط تفاعل المواطنين الصينيين، في حين أضاءت الإمارات معالمها بعلمي البلدين وصور ولي عهد أبوظبي والرئيس الصيني، كان من أبرزها برج خليفة وبرج العرب في دبي، ومبنى أدنوك ومدينة زايد الرياضية في أبوظبي.