المدون السعودي محمد سعود.(أرشيف)
المدون السعودي محمد سعود.(أرشيف)
الخميس 25 يوليو 2019 / 19:45

"ضيوف" نتانياهو ومأساة "الرجل المنشّى" في الأقصى

لعل ذهابه إلى المسجد الأقصى للصلاة، كما اتضح فيما بعد، هو إشارة لهذا العته الذي يمكن وصفه به بثقة

يصعب أن نطلق على المجموعة التي روّج لها الإعلام الإسرائيلي بصفتها وفداً إعلامياً عربياً يزور إسرائيل، صفتي الوفد والإعلام.
ليسوا، في أغلب الظن، أكثر من مجموعة تم التقاطها عبر وسائل التواصل الاجتماعي المفتوحة على مئات ملايين البشر في هذا الكوكب، بكل ما تحمله فكرة "الالتقاط" من دلالات.

أشباح بلا ملامح ظهروا في دفيئة الخبر الإسرائيلي الذي أعلن عن وجودهم، ويمكن هنا استثناء "المدّون السعودي" الذي سلط عليه إعلام مكتب نتانياهو الأضواء، في حين جرى محو الآخرين وتغييب أسمائهم ووضعهم كخلفية لزيارته.
الأمر برمته يبدو مختلقاً.

في العودة إلى "مدونة" الزائر السعودي سنجد شخصاً يقدم نفسه باللغتين العربية والعبرية، وتفيض كتابته الركيكة بعواطف حارة تجاه الإسرائيليين، ليس واضحاً ما إذا كان يتقن العبرية أم أنها استخدمت لتعزيز هويته ك"محب لإسرائيل".

ولكنه يشكل نموذجاً توضيحياً لمهنية هذه المجموعة، والذي يمكن من خلال تصريحاته الحكم على امكانياته و"رجاحته" وفهمه لجوهر الصراع على أرض فلسطين، الرجل لم يصل إلى القدس مدفوعاً بأفكار أو خلفية سياسية أو وجهة نظر. إنه ببساطة عربي سعودي يحب إسرائيل ويعتبر الإسرائيليين عائلته، هذه هي أقواله، دون توضيح لأسباب هذا "الغرام" بالاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين إلا بـ"العته".
لعل ذهابه إلى المسجد الأقصى للصلاة، كما اتضح فيما بعد، هو إشارة لهذا العته الذي يمكن وصفه به بثقة. 

ثمة "استعراض" مدروس في المشهد القصير الذي ظهر به الرجل على أدراج الحرم، استعراض من يعرف أنه سيكون عرضة للكاميرات وغضب الناس، الحرص المبالغ به في ظهوره وهو يرتدي ملابس تقليدية سعودية، جديدة ومنشّاة، كما لو أنها خرجت للتو من أنطولوجيا حول أزياء الرجال في شبه الجزيرة العربية، الأداء الغريب، المتقن إلى حد ما، الذي اكتنف وصوله لساحات الحرم ومشيته وتحركه في مساحات مدروسة دون التلفت الذي يصاحب الزائر للمرة الأولى، وتقبله مضايقات الفتية، في استعراض غريب كما لو أن الرجل مختلق فعلاً، حيث ستجري إعادته بعد المشهد إلى العالم الافتراضي الذي وصل منه.
بالنسبة للفتية لا يختلف هذا الشخص عن "المستعربين"، وهم فرقة سيئة السمعة في المخابرات الإسرائيلية، يرتدون الملابس المدنية ويتقنون العربية ويندسون في صفوف المتظاهرين والمحتجين بهدف اعتقالهم.

اللافت هنا أن "مضيفيه" لم يوضحوا له الأمر، بقصدية واضحة دفعوه نحو ذلك الموقف، المؤلم حقاً، ولم يحاولوا حمايته أو مرافقته كما يفعلون مع أي مستوطن ممسوس من مقتحمي الحرم، وهو أمر أصبح شبه يومي، لقد ألقوه هناك بلباسه التقليدي المنشّى وتركوه لغضب المقدسيين.

والأرجح أنهم اختاروا له التوقيت بالتحديد حيث تغلي المدينة العربية وهي تشاهد مجزرة هدم البيوت في "صور باهر" وتشريد المئات من أصحابها.
التحقيق والملاحقة والاستدعاءات ستحدث بعد ذلك، بعد الخاتمة.
الأمر برمته تنتابه الشكوك.

فالرجل المنشّى في أفضل الأحوال يبدو معتوهاً تم استغلاله بشكل بشع من قبل "مضيفيه"، وثمة في زاوية ما احتمال انه لا يعدو أن يكون ممثلاً. ولكنه في كل الحالات كان استثماراً جيداً لصانع السياسة الإسرائيلي يأتي في سياق حملة "نتانياهو" الانتخابية، والقائمة في أحد مفاصلها على اختراق الحاجز العربي والقفز عن الفلسطينيين.

هذا الشخص الصامت وبقية "الوفد" الغامض وفروا البضاعة.
ما تريده سلطات الاحتلال من عمليات الصيد هذه هو تعزيز فكرة ان التطبيع مع المحيط العربي يتصاعد ويذهب في ممرات جديدة، لذلك يتم بناء برنامج بروتوكولي يصلح لكبار الزوار، ويشمل متحف الهولوكست والكنيست والاجتماع مع نتانياهو ونواب ووزراء وضباط، بحيث تختفي تحت هالة البرنامج والحملة الاعلامية المرافقة له نوعية الضيوف "المطبعين"، وتتم تغطية القيمة المتدنية لهم بعنوان غائم ومثير وحمّال أوجه مثل: "وفد اعلامي من الأردن والعراق والسعودية يزور اسرائيل".

أما دفع "المدوّن السعودي" إلى النقطة الأكثر حساسية في المواجهة، "المسجد الأقصى"، فهي إضافة الى زراعة مستوى من الفتنة والتحريض، رسالة لم تتوقف حكومة الاحتلال عن دفعها نحو الفلسطينين مفادها:
أنتم وحدكم ولا أخوة لكم.