مكلة جمال بدينات العرب لعام 2013 إليانا نعمة.(أرشيف)
مكلة جمال بدينات العرب لعام 2013 إليانا نعمة.(أرشيف)
الجمعة 26 يوليو 2019 / 19:21

تسويق فاشل

كبدينة ترفض الطبطبة على شحومنا، ومجاملة واقعنا المهدد بالأمراض والموت المبكر، أقرّ بأن بضاعتك صالحة. ولكنك كثيراً ما تفشل في تسويقها

أعترف بأن وجود هدية صغيرة مع مشترياتي –ولو كانت كيساً مجانياً من الهواء- يمنحني الشعور المخادع المريح بتحقيق صفقة مربحة، ويلهيني بنجاح عن خسائري المالية. وتلك استراتيجية تسويقية ذكية يبدو أن متاجر "فوريفير 21" العالمية الشهيرة أخطأت في تقديرها.

فوجئ الزبائن الأمريكيون بعد تبضّعهم على الإنترنت من تشكيلة "فوريفير 21" المخصصة لذوي الأحجام الكبيرة بأن الطرد البريدي لم يصلهم مقتصراً على مشترياتهم. لقد أرفق المتجر مع الألبسة وجبة خفيفة مناسبة للملتزمين بالحمية الغذائية.

وكم كنت أتمنى لو لم يحرص المتجر على وضع الطرود البريدية على عتبات أبواب البدناء مباشرة، فحينها قد يبدو بأنه ينتهج أساليب التلميح و "الكلام لكِ يا جارة". ولكنه أخفق في ذلك أيضاً.

لقد أخطأ "فوريفير 21" مثل العديد من طيبي النوايا الذين لا أشعر بالرغبة في أن أكتب لهم مقالاً، بل أود الوقوف أمامهم، بشحومي ولحومي، فأعد عرض "باور بوينت" يوضّح ما يجول بخواطر الكثير ممن تعلّموا ابتلاع الإهانات الموجّهة إليهم أسوة باللقم.

فيُرجى الانتباه لأبرز الدروس المستفادة من هذه الهفوة التسويقية:
- انتقاداتك للبدانة كمرض مستفحل، وتوعيتك ضد مخاطرها الصحية الجادة التي جعلتها تسحب البساط من التدخين كمسبب للسرطان، لا يجب أن تأتي في طرد مغلف بالشخصنة اللئيمة، فيحمل اسم فلان، وعنوان فلان، أو يكون دالاً بشكل واضح على فئة محددة من الناس دون سواهم.

توقّف عن الادعاء بأن السخرية التي تطلقها في الهواء من أثداء الفتيان السمينين، وتكوّر الفتيات البدينات، لن تجد أجساد الضحايا لتلتصق بها، فتجلب لها الشعور بالعار والخجل.

- مثلما أن لحظة تقديم الألبسة الجديدة إلى ذوي الوزن الثقيل لم تكن الوقت المثالي من جانب "فوريفير 21" لتذكيرهم بأنهم لا ينجحون في اختبار مقاييس الجمال السائدة، فإن رغبتك النبيلة في "إنقاذنا" ليست مبرراً لمداهمة حالات رضانا عن أنفسنا، واقتحام لحظات استرجاعنا للثقة فيها، والتي قد تكون أقل مما تتوقع.

بل إن احتياطي العالم أجمع من "حُسن النية" لن يكفي لتجميل موقفك حينما تترصد صورة نشرتها إحدى البدينات لنفسها بالـ "بكيني" –مثلاً-، فتفسد حفلة قناعتها بذاتها لتنبهها بأن قلبها في خطر.

- لا تجعل نصيحتك وتوجيهاتك، بل وحتى أحكامك عن البدناء باعتبارهم كسالى ومتخاذلين ومصابين بالشراهة –وقد تكون جميع اتهاماتك صحيحة، لا أدري-، مجرد طرود تضعها عند أبوابنا، وترحل مصعراً خدك.

قف واطرق الباب متى ما سمحنا لك بذلك، وأعطنا الفرصة لشرح ظروفنا أو تجاربنا أو وضعنا الصحي. اسمعنا حين نخبرك عن عشرات الحميات الغذائية الفاشلة التي مررنا بها، أو حقيقة إصابتنا بمرض البوليميا الذي يجعلنا نتقيأ الوجبات مخافة زيادة الوزن.

كبدينة ترفض الطبطبة على شحومنا، ومجاملة واقعنا المهدد بالأمراض والموت المبكر، أقرّ بأن بضاعتك صالحة. ولكنك كثيراً ما تفشل في تسويقها.