عناصر من تنظيم الإخوان في مدينة اسطنبول التركية (أرشيف)
عناصر من تنظيم الإخوان في مدينة اسطنبول التركية (أرشيف)
الإثنين 29 يوليو 2019 / 22:34

الإخوان في أسوأ أيامهم.. يخشون "غدر" تركيا

24. إعداد: شادية سرحان

يبدو أن قيادات إخوان مصر الهاربة في تركيا، تعيش هذه الأيام حالة من الرعب والتخبط الشديدين بعد سلسلة الفضائح التي بدأت تطفو على السطح أخيراً، حيث كشفت هذه الفضائح عن الوجه الحقيقي للجماعة وقياداتها المتورطين في الكثير من أعمال السرقة والنهب، خاصة بعد ظهور تسجيل صوتي مسرب يكشف فضائح قيادات إخوان مصر في تركيا، ما يؤكد على أن هذه الجماعة تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية والحصول على مزيد من الأموال وليس خدمة الدين والدفاع عنه كما يدعون.

وكانت البداية، حينما نشرت العديد من وسائل الإعلام تسجيلاً صوتياً مسرباً من أحد عناصر جماعة الإخوان كشفت فيه عن فضائح ومخالفات مالية واختلاسات بين قيادات الإخوان الفارين إلى تركيا.

وفضح عضو مجلس شورى الإخوان الهارب بسام أمير، فساد قيادات الإخوان الإرهابية في تركيا مؤخرا، في مقطع صوتي متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، لم ينكره، وفضح فيه حصول الأمين العام للجماعة الإرهابية محمود حسين، والمتحدث باسمها إبراهيم منير، ومسؤول الإخوان في أفريقيا محمد البحيري، من دون وجه حق، على مبانٍ وسيارات واختلاس أموال باهظة.

وجاء في المقطع الصوتي، أن محمود حسين اعترف في أحد الاجتماعات التنظيمية لمجلس شورى الجماعة، بشراء شقق في تركيا من أموال التبرعات التي يحصلون عليها، وقام بتسجيلها باسمه وشراء سيارة بقيمة 100 ألف يورو.

وزاد الأمر بإعلان بسام عصيانه على الجماعة وقياداتها، وأنهم ليسوا محل اعتبار عنده، وأنه لا يمكن أن يظل تحت قيادة تمد يدها على أموال الناس، ولا أحد يحاسبها، وأنه لا يشرفه العمل تحت هذه القيادة.

وتابع في التسجيل الصوتي: "تألمت كثيراً أن يكون الصمت موقف الجماعة (الإخوان الإرهابية) أمام اعتراف صريح بسرقة أموال الغير، وطلاب الجماعة يذوقون الذل في تركيا من أجل 200 ليرة، ويتجرعون المرارة على مدار 6 أشهر حتى ينهوا إجراءات توثيقهم من أجل ملاليم، وهو وأعوانه ينعمون بالملايين والسيارات الفارهة، وبأي وجه نواجه الإخوة وهم يرون هذه الفتنة".



الخوف من الطرد والترحيل

وبعد تداول الفيديو المسرب، وفي ظل التقارير الإعلامية التي تصدر من وقت لآخر حول اقتراب ترحيلهم من تركيا، انتاب عناصر جماعة إخوان مصر الإرهابية في تركيا حالة من القلق الشديد والرعب الذي دفع بعناصر التنظيم للاستفسار عن مصيرهم لدى ما يعرف بـ"مجلس شورى الإخوان المصريين" في تركيا.

وأكدت مصادر مقربة من قيادات الإخوان الهاربين خارج مصر، أن المعارضة التركية تضغط على مستشار الرئيس التركي أردوغان ياسين أقطاي، وتتهمه بأنه يوفر الحماية السياسية والأمنية لقيادات الإخوان في تركيا وإعلاميهم، كما أن رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كليجدار أوغلو، والمعارض الفائز برئاسة بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، بدأوا في فتح ملفات الإخوان هناك، ويضغطون على أردوغان لطرد قادتهم، لافتين إلى أن أعداداً كبيرة من الهاربين المصريين في إسطنبول يستعدون حالياً لمغادرة تركيا.

وطالب السياسي والمعارض التركي فايق بولوت، بضرورة طرد جماعة الإخوان في تركيا والتعامل معهم باعتبارهم جماعة إرهابية، والعودة للتعامل مع النظام المصري ووجود سفير لتركيا في مصر، خاصة وأنها واحدة من أكبر الدول في المنطقة ولا يمكن خسارتها سياسياً نظير التعامل مع جماعة إرهابية تورطت في العمليات الإرهابية داخل مصر وليبيا، مشيرا إلى أنه منذ فترة كبيرة علمت القاهرة مخاطر هذه الجماعة ولفظها الشعب المصري سياسياً.

وعلى الرغم من عدم امتلاك قادة الإخوان أي معلومة حول مصيرهم في تركيا، إلا أنهم نفوا الأمر لتهدئة أعضاء الجماعة حتى يعرفوا حقيقة تلك التقارير من خلال التواصل مع حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وقد تم هذا التواصل بالفعل أكثر من مرة، ولكن بعد ظهور التقارير الأخيرة، كان الرد من الجانب التركي غامضاً، لا أنه طمأن إخوان مصر في تركيا لفترة قصيرة، مع الوعد بإبلاغهم بالرحيل عن البلاد قبلها بوقت كافي، حال اتخاذ النظام التركي قراراً بعودة العلاقات مع مصر والتخلي عن الجماعة الإرهابية.

وكان زعيم المعارضة كمال أوغلو قد طالب أردوغان صراحة بالتخلي عن جماعة الإخوان، وقال: "إذا كنا نريد أن تكتسب تركيا اعتبارا في سياستها الخارجية، فعلى أردوغان أن يتخلى أولاً عن الإخوان المسلمين، من هم الإخوان؟ مصالح الدولة التركية فوق كل شيء"، مضيفاً: "عليك أن تتصالح مع مصر التي نتشارك معها التاريخ والثقافة، على أي أساس نحن نخاصمها؟ هذه المخاصمة تنعكس سلبا على تركيا".



فاتورة نعيم القيادات
ويشكو شباب الإخوان في تركيا من تعرضهم للتهميش والجوع والعيش على حد الكفاف، وأنهم يقبلون ذلك على مضض، خشية الترحيل إلى مصر، لمواجهة أحكام صادرة بحقهم، نتيجة تورطهم في أعمال إرهابية، كما أكدوا أن قادتهم يعيشون في تركيا حياة مرفهة ويتقاضون آلاف الدولارات نظير إشرافهم على مشروعات التنظيم، تاركين عناصر الجماعة يعيشون أوضاعاً مأساوية غير آدمية، ويتقاضون رواتب متدنية لا تسد رمقهم.

وفي هذا السياق، ذكرت قناة "مباشر قطر" في تقرير لها، أن النعيم والحياة الرغدة التي يعيشها قيادات تنظيم الإخوان في تركيا دون بقية عناصر التنظيم، زادت المخاوف لدى شباب التنظيم المتواجدين في تركيا من أن يتم طردهم لصالح استمرار حياة النعيم للقيادات.

وأضاف التقرير، أن "شباب الإخوان في تركيا هددوا بنشر تسجيلات جديدة تكشف فساد ومخالفات قادة الجماعة"، وأكد شباب الإخوان أن التسجيلات التي بحوزتهم تتضمن تفاصيل خاصة بوقائع فساد مالي وإداري، ويرويها بالتفاصيل مستشار سابق للرئيس المعزول محمد مرسي، حيث تكشف التسجيلات جانباً من الأموال والهبات والتبرعات التي ترد لقادة الجماعة في تركيا من دول بعينها ، وجمعيات خيرية ، ومنظمات إغاثية .

ولفت التقرير، إلى أن التسجيلات تؤكد أيضاً أن "قادة الإخوان يتلاعبون بأموال التمويلات الخاصة بالجماعة وفروعها في كل دول العالم، التي تأتيهم من " ريع الخمس " ، وهي نسبة يدفعها كل إخواني أو منتم للجماعة من دخله شهرياً لصالح الجماعة ، وتقدر بملايين الدولارات"، فضلاً عن "أموال اللجوء والتبرعات"، مضيفين أن "هناك 130 مليون دولار اختفت من تلك الأموال منذ 3 سنوات ، ولا أحد يعرف مصيرها حتى الآن ولا أين ذهبت".

وأوضح التقرير، أن قائمة الاتهامات تطال 9 قيادات تدير الجماعة في تركيا ، بينهم محمود حسين ومحمد البحيري وصابر أبو الفتوح ومحمد الإبياري.



هروب واستقرار في تركيا

وفي هذا الإطار، قال الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، عمرو فاروق، لقناة "العربية، أن هروب العديد من قيادت الإخوان وعناصرهم خارج مصر واستقرارهم في تركيا فضح المخالفات المالية للتنظيم، خاصة أن شباب الجماعة اكتشفوا فروقاً كبيرة في مستوى المعيشة لبعض القيادات، وقيام بعضهم بمنح أنفسهم وعائلاتهم مميزات مالية ضخمة، وسعيهم لشراء الشقق السكنية والسيارات الفاخرة، في ظل عدم امتلاكهم مشاريع خاصة بهم، أو أموالاً يشتبه أنهم قاموا بتهريبها من مصر، وبين الشباب الذين يتكدسون في شقق صغيرة ويعيشون على معونات مالية لا تتجاوز 80 دولاراً لكل شاب شهرياً.

وأشار فاروق إلى أن قيادات الإخوان في تركيا متهمة بالاستيلاء أيضاً على أموال ممنوحة لعناصر وشباب الجماعة من الاتحاد الأوروبي، لكونهم مدرجين على قوائم اللاجيئن في تركيا.

وأرجع قيام البعض بنشر تفاصيل الفضائح المالية للإخوان، إلى الصراع القائم بين الجبهة التاريخية بزعامة محمود عزت، المهيمنة على الملف المالي للجماعة، وأوضح الباحث السياسي، أن مجموعة الشباب أو مجموعة "المكتب العام"، التي تعتبر نفسها الممثل الشرعي والرسمي للتنظيم، مضيفاً أن هذه المعركة ربما تكشف حجم الأموال التي يتلقاها الإخوان من دول ممولة للإرهاب، ومؤسسات أجنبية، وبعض العناصر القريبة من دوائر صنع القرار في أوروبا.



استمرار النهج

وتعرضت الجماعة الإرهابية لهزة عنيفة عقب صدور التسجيل بصوت بسام القيادي في الجماعة، لهذا واستمراراً لنهجها، أصدرت جماعة الإخوان الإرهابية، بيان أمس الأحد تحت عنوان "تجديد الثقة في القيادة والصف"، نفت فيه الاتهامات بالمخالفات المالية التي طالت قيادات بالجماعة، وزعمت عدم صحة مضمون ما ورد بالتسجيل، وقالت: إن "التسجيل أثار حالة من اللغط واللبس داخل الجماعة".

ويرى خبراء ومحللين سياسيين أن "البيان يعكس حجم الكارثة التي وصلت لها الجماعة الإرهابية، وعدم قدرتها على مراجعة الأخطاء، وأنها تعيش في حالة انفصال عن الواقع"، وأن "بيان الإخوان يعكس نمط تفكير وعقلية من يديرون أمور الجماعة، وعدم قدرتها على مجرد فتح تحقيق بشفافية حول عمليات فساد مالي طالت قيادات التنظيم الهاربة في تركيا".

ويذكر أن جماعة الإخوان الإرهابية، تلقت ضربتين موجعتين في الكويت واليمن، في أوائل الشهر الحالي، وذلك عقب سقوط خلاياها خلال عمليات أمنية في كلا البلدين، الأمر الذي سيكون له حتماً تداعياته على تنظيم الإخوان على الصعيدين العربي والعالمي، كما أظهرت تفاصيل عن خلية الإخوان في الكويت، ارتباط كل من قطر وتركيا بنشاطات هذا التنظيم الإرهابي وتقديم العون له، رغم الخطورة التي يشكلها على أمن دول المنطقة.



وفي الوقت الذي لا تتوقف فيه قنوات الإخوان في تركيا عن التحريض ضد الدول العربية، نجد تلك القنوات التحريضية التي تتخذ من مدينة إسطنبول مقراً لها، تتجاهل تماماً أي فضائح تخص جماعة الإخوان الإرهابية وقياداتها، حيث تجاهلت تماماً تلك القنوات الإخوانية التسريب الصوتي، ولم تنشره عبر شاشاتها للتغطية على فضائح قيادات الجماعة ومن يديرون هذا التنظيم الإرهابي.

وبحسب تقارير صحافية، يعد نجاح القيادي في المعارضة التركية أكرم أوغلو في الانتخابات المحلية في إسطنبول، ضيقت الخناق على تركيا، حيث أن أوغلو يعلم أن الوجود الإخواني بالنسبة لهم في تركيا خطر.

وذكرت أيضاً، أن بعض الدول تستعمل التنظيم كرأس حربه لضرب الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وخاصة المنطقة العربية، وأن تركيا أحد المكلفين في إثارة الفوضى في العالم العربي، مشيرةً إلى أن الإخوان يعتبرون أن أردوغان ابن من أبناء التنظيم، والأولى أن يؤويهم، ويستفيد من استثماراتهم، مؤكدةً أن "أي قيادة جديدة غير أردوغان سيكون أول بند في أجندتها السياسية هو القضاء على الإخوان وإبعاده".




وعلى خلفية الكشف عن التسريبات ، أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية بيانا منذ يومين، أكد خلاله أن الحقائق عن جماعة الإخوان الإرهابية تنكشف يوماً بعد يوم لتؤكد زيف ادعائهم بأنها جماعة تعمل لصالح الدين.