القيادي في جماعة  الإخوان المسلمين ملهم الدروبي (أرشيف)
القيادي في جماعة الإخوان المسلمين ملهم الدروبي (أرشيف)
الثلاثاء 6 أغسطس 2019 / 20:47

إنزلاق إخواني في المنعطف التركي

شراسة الهجوم الاعلامي الذي شنته الجماعة على الفنان فارس الحلو في وقت لاحق ـ إثر دعوته إلى سحق فكرها باعتباره فكراً فاشياً ـ عبرت عن عمق الحاجة إلى تعويم المأزق الإخواني

قفز مأزق جماعة الاخوان المسلمين في سوريا إلى الواجهة مع تزايد الملاحقات ومخاطر الترحيل التي يتعرض لها ما يزيد عن ثلاثة ملايين سوري اضطروا للجوء الى تركيا على مدى سنوات الأزمة في بلادهم.

لم يحتمل القيادي الإخواني ملهم الدروبي مثلاً الانتقادات والتذمرات الذي أحدثتها الإجراءات التركية وقاده انفعاله للخروج على اللاجئين السوريين بتصريحات تحملهم القدر الأكبر من المسؤولية وتتهمهم بنكران الجميل والجهل والطمع وانعدام الحس والذوق ليعيد إلى الأذهان الحملات التي يشنها اليمين المتطرف في الغرب على القادمين من حروب الشرق وفقره طلباً للأمان.

إلى جانب تقريعه لأبناء جلدته المغلوب على أمرهم تقاسم الدروبي مع أحمد كامل المقرب من الجماعة مهمة تبرير الإجراءات التركية ففي الوقت الذي رأى الأول أن ضيق ذات اليد كان سبباً في ما أقدم عليه الجانب التركي حمل الثاني المسؤولية للمعارضة التي تمكنت من الفوز برئاسة بلدية اسطنبول.

الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي أشار لها الدروبي بـ"ضيق اليد" قائمة بالفعل ولكنها ليست الدافع الوحيد وراء اجراءات حزب العدالة والتنمية الذي لم يتوقف عن استخدام ملف اللجوء السوري داخلياً وخارجياً خلال السنوات الثمان الماضية، وظلال وصول المعارضة إلى بلدية اسطنبول كانت حاضرة أيضا، لكن كامل لم يكن معنيا بالاشارة الى ان موقف العديد من المعارضين الأتراك تجاه اللاجئين السوريين قائم على الرغبة في حرمان الحزب الحاكم من هذا الملف.

حماسة الجماعة لتبرير الإجراءات وتحميلها للمعارضة التركية دفعتها إلى تجاهل التحولات التي مر بها الوجود السوري في تركيا واشكال حضوره في الخطاب الرسمي التركي خلال السنوات الماضية ففي البداية كان السوريون ضيوفاً وفي غفلة من الزمن صاروا لاجئين واستحقوا لاحقاً صفة المهاجر غير الشرعي.

وغيب الانفعال الإخواني حقيقة أن تحولات وجود اللاجئين السوريين في الخطاب التركي استندت بشكل أو بآخر إلى استخدامات ملف اللجوء السوري في تركيا حسب ما تقتضيه المصالح التركية وعلى ضوء المتغيرات المتلاحقة فلم تتوان حكومة العدالة والتنمية عن تحويلهم إلى ورقة لابتزاز الأوروبيين حين فتحت لهم البحر على مصراعيه للهجرة إلى القارة العجوز ولن تجد صعوبة في التلويح بهذه الورقة لتعزيز حضورها في أية تسوية محتملة للأزمة السورية أو الضغط من أجل فرض المنطقة الآمنة.

شراسة الهجوم الإعلامي الذي شنته الجماعة على الفنان فارس الحلو في وقت لاحق ـ إثر دعوته إلى سحق فكرها باعتباره فكراً فاشياً ـ عبرت عن عمق الحاجة إلى تعويم المأزق الإخواني الذي ظهر واضحاً في تراجع الدروبي عن هجومه على اللاجئين وفي حالتي الاندفاع والانكفاء استفز أداء الجماعة طيفاً واسعاً من النخب السورية وأعاد الجدل السوري المعارض إلى دائرة العلماني والديني مما يقلص هامش حركة الإخوان ويفقدهم بعض الغطاء السياسي الذي ساهم في تسويقهم على مدى سنوات الأزمة السورية.