الزعيمان الدرزيان وليد جنبلاط والأمير طلال أرسلان (أرشيف)
الزعيمان الدرزيان وليد جنبلاط والأمير طلال أرسلان (أرشيف)
الإثنين 12 أغسطس 2019 / 20:59

الصراع اللبناني

شكل ميشال عون محاولة لاسترداد الزعامة المارونية، خاصة وأن حليفه الشيعي، حزب الله، يجعله زعيماً شعبياً بامتياز

بحسب الصراع هو اليوم ظاهراً في داخل الطائفة الدرزية، بينما هو في باطنه يشمل لبنان كله بجميع طوائفه وملله، بل إن الصراع يدور في مكان آخر، بين الجنبلاطية الدرزية وبين المارونية العونية، والمارونية العونية هي أيضاً المارونية الباسيلية، والنزاع، للمرة الثانية، يبدأ بين الجنبلاطة والعونية لينقلب للمرة الثانية إلى درزي ـ درزي وهكذا ينتقل الصراع إلى صراع بين الحلفاء وحلفاء الحلفاء قبل أن يكشف عن أصله وأساسه.

فاز ميشال عون بالرئاسة بنوع من إجماع لبناني وقد وقف إلى جانبه الفرع الثاني الماروني "القواتي". كما وقف إلى جانبه الجناح السني الحريري، وبالطبع كان إلى جانبه منذ البداية الجناح الشيعي، حزب الله بوجه خاص، ولم يؤثر خلاف الجناح العوني مع الفرع الشيعي "حركة أمل" الذي تجرأ على خصومة الرئيس مؤكداً النجاح كما خالف حليفه الثابت حزب الله الذي دعم علناً ميشال عون.

الخصومات الظاهرة أو غير الظاهرة بدأت بالإعلان. حركة أمل خاصمت منذ البداية الرئيس المرشح، بينما وقفت الجنبلاطية وسط الطريق، فهي إذ حسبت أن رئيساً قوياً كالرئيس عون ليس في صالحها خاصة، وإن الرئيس عون لم يكتف بنفسه فهو ذو سلالة وذو حلفاء وذو آفاق وحسابات مستقبلية. إذ لا يفوت أحد أن صهر الرئيس جبران باسيل طموح لأن يكون بعده في الرئاسة، كما لا يفوت أحد أن قريب الرئيس الذي هو قائد الجيش قد يكون الجنرال الرابع الذي يأتي على رأس الجمهورية، وقد يكون الصهر الثاني للرئيس الذي غادر الجيش عميداً مرشحاً لأن يكون هذا الجنرال الرابع بعد فؤاد شهاب وإميل لحود وميشال سليمان وميشال عون. والرئيس ميشال عون ليس مجرد قائد جيش فهو زعيم شعبي بل لعله الزعيم الماروني الأكثر شعبية.

يشكل ميشال عون محاولة لاسترداد الزعامة المارونية، خاصة وأن حليفه الشيعي، حزب الله، يجعله زعيماً شعبياً بامتياز، وبهذه القوة ومع حليفه الشيعي يقدم الرئيس ميشال عون نفسه كمثال خاص، خاصة وأن الرؤساء الموارنة الذين سبقوه كانوا أضعف من أن يمثلوا حالة شعبية، عدا فؤاد شهاب الذي رفع الجيش إلى السلطة ولم يقبل بتكرار رئاسة البلد. فؤاد شهاب يمثل المحاولة الإصلاحية الوحيدة بتاريخ البلاد والأرجح، أن الرئيس الحالي ميشال عون يطمح الى تكرارها، لكن تناقضات البلاد وانقساماتها وتضارباتها لا تسمح كثيراً بمحاولة إصلاحية من هذا الحجم أو باستعادة محاولة من هذا الحجم. خاصة وأن عمر الرئيس الحالي وهو يتجاوز الثمانين يجعله يفضل أن يحيل ذلك الى صهره الذي لا يتردد في إعلان نواياه وهو رئيس حزب الرئيس وهو يمثل الرئيس في شتى المواقف، ثم أنه منذ الآن يسعى الى أن يبسط سلطته التي هي أيضاً سلطة رئيس الجمهورية على كل المناطق. الأرجح أن محاولة جبران باسيل استفزت الزعماء اللبنانيين وقراره بزيارة الجبل الذي هو متقاسم بين الدروز والموارنة جعل وليد جنبلاط يستنكر ذلك وقال أحد القادة الجنبلاطيين "أكرم شهيب" إن الدخول الى الجبل إنما يتم عن طريق بابه الجنبلاطي لا نافذته الإرسلانية الأمر الذي لم يحترمه صالح الغريب الدرزي الذي يمثل تقريباً إرسلان في الوزارة، أي يمثل من بعيد خصم جنبلاط في منطقة جنبلاطية. ذهب صالح الغريب في الزيارة التي انتهت بمقتل اثنين من مرافقيه. الأمر الذي أدى الى تعطيل الوزارة وإلى نزاع على الجبل جنبلاطي ــ ارسلاني هو في قرارته جنبلاطي ـ عوني وبعبارة أخرى درزي ــ ماروني.