الخميس 15 أغسطس 2019 / 10:43

منطقة آمنة في سوريا..مشاكل أكثر من الحلول

اتفق الجانبان الأمريكي والتركي على المضي في إنشاء منطقة عازلة على الحدود السورية، قد تهمش قوات كردية برأي غونول تول، مؤسسة ومديرة معهد الدراسات التركية التابع لمعهد الشرق الأوسط، وجوزيف فوتيل قائد القيادة الأمريكية الوسطى (CENTCOM) حتى مارس(آذار) 2019.

مطلوب ليس منطقة آمنة، وإنما آلية أمنية مستدامة تعالج مخاوف محددة لجميع الأطراف المعنية، وتوفر بنية تراقب وتسيطر على عمليات أمنية

وبعد أشهر من الجمود، أشار الكاتبان، في موقع "ناشونال إنترست"، إلى اتفاق أمريكي – تركي جديد لتأسيس مركز عمليات مشتركة بهدف تنسيق جهود لاقتطاع منطقة آمنة تمتد على طول 420 كيلومتراً، بمحاذاة الحدود الشمالية الشرقية لسوريا مع تركيا.

ويلفت الكاتبان لخضوع معظم تلك المنطقة لسلطة ميليشيا كردية سورية تعتبرها تركيا منظمة إرهابية، ولكنها لعبت دوراً رئيسياً في الحرب تحت قيادة أمريكية ضد داعش. وقد نفذت تركيا، خلال السنوات القليلة الأخيرة، عمليتي توغل عسكري في المنطقة بهدف طرد وحدات حماية الشعب الكردي(YPG) من الحدود.

وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن توغلاً ثالثاً كان وشيكاً في مناطق تسيطر عليها YPG في شمال شرق سوريا، حيث يتمركز مئات من الجنود الأمريكيين.

نقطة خلاف
وبرأي كاتبي المقال، يبدو أن نقطة خلاف بين أمريكا وتركيا بدأت تلين من خلال الاتفاق الأخير. ولكن، على الطريق لتنفيذ الاتفاق، سوف تبرز خلافات. ولأن نجاح أي اتفاق في شمال شرق سوريا، يتطلب توفير حل مستدام للمصالح الأمنية الأمريكية والتركية، ومعالجة مخاوف كردية، وهو ما لن يحققه الاتفاق الحالي.

وحسب الكاتبين، رغم أن إعلان البلدين أغفل تفاصيل أساسية، من بينها من سوف يسيطر على المنطقة، وكم سيمتد عمقها في الأراضي السورية، قال وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، إن الولايات المتحدة اقتربت أكثر فأكثر من تفهم وجهات نظر تركيا بشأن المنطقة الآمنة.

معالم
وتطالب تركيا منذ فترة طويلة بإقامة منطقة بعمق 36 كيلومتراً تكون محظورة على قوات YPG، فضلاً عن إبداء رغبتها بأن تكون تلك المنطقة تحت سيطرتها لوحدها.
ويرى كاتبا المقال أنه إن كانت تلك هي معالم المنطقة المقترحة، فهي ستولد مزيداً من المشاكل لجميع الأطراف المعنية.

وتقام عادة مناطق آمنة لحماية مدنيين في مناطق نزاع، وتصمم كي تكون محايدة ومنزوعة السلاح وتركز على أهداف إنسانية. وسيكون لفرض منطقة آمنة بعرض 36 كيلومتراً شرق نهر الفرات أثر عكسي – مع احتمال تشريد ما يزيد عن 90٪ من سكانها الأكراد، ومفاقمة وضع إنساني صعب للغاية، وخلق بيئة مواتية لزيادة الصراع، ما سيتطلب توسيع انتشار القوات الأمريكية.

ضرر
وعلاوة عليه، يرى الكاتبان أن المنطقة الآمنة المقترحة سوف تضر بالمصالح الأمريكية. فقد سعت الولايات المتحدة لمنع عودة داعش، ولحماية من حاربوا إلى جانب التحالف الدولي، ولإفشال جهود إيرانية لاستخدام المنطقة من أجل نشر أنشطتها الطائفية، وتهديد آخرين. وتعتبر قوات كردية سورية مدعومة من الولايات المتحدة أكثر العناصر كفاءة في محاربة داعش في سوريا، وتحد سيطرتهم على المنطقة من تيسير حركة مقاتلي داعش، وحصولهم على موارد لتحقيق أهدافهم. ومن شأن تطبيق منطقة آمنة، تنطوي على طرد قوات كردية خارجها، لتشتيت تلك الجهود.

ويشير كاتبا المقال إلى أنه لتركيا مصلحة راسخة ومعترف بها على نطاق واسع في ضمان أن لا تتحول مناطق على امتداد حدودها كمنصة لمهاجمة أتراك. وتزعم أنقره أن وجود قوات كردية في هذه المنطقة يشكل تهديداً أمنياً لتركيا. ولكن فيما تقع بعض الحوادث على طول الحدود، فهي على مستوى منخفض، وليس لها وقع كبير، ولا يتوفر ما يدل على استخدام المنطقة كمنصة لمهاجمة تركيا.

ويرى كاتبا المقال أنه عند التواجد جنبا إلى جانب، تستطيع الولايات المتحدة التأثير بشكل كبير على القوات الكردية، وتساعد بالتالي على ضمان أمن مناطق حدودية تركية.

نزاع آخر
وتبعاً لرأي الكاتبين، لسكان شمال شرق سوريا مصالح أيضاً، كالتعافي من آثار نزاع دام سنوات، والحماية من هجمات، وفرصة للعيش بسلام. وليس من شأن تشريد سكان أكراد أن يحرمهم من تلك الحقوق وحسب، بل سيولد نزاعاً آخر.

وباعتقاد كاتبي المقال، ما هو مطلوب ليس منطقة آمنة، وإنما آلية أمنية مستدامة تعالج مخاوف محددة لجميع الأطراف المعنية، وتوفر بنية تراقب وتسيطر على عمليات أمنية، فضلاً عن تيسير التواصل بين جميع الأطراف. ويجب أن يشمل هذا الترتيب أماكن إقامة لقوات كردية بهدف السماح لدورات مشتركة بحماية مناطق معرضة لهجمات، ولإزالة أسلحة ثقيلة بعيداً عن الحدود، وتفكيك مواقع أمنية على امتداد الحدود.

ويختم الكاتبان رأيهما بالتأكيد على أن الحل المثالي للمعضلة الأمنية لجميع الأطراف المعنية يتأتى من خلال حل تركيا لمشكلتها الداخلية الكردية سلمياً. وفيما الأوضاع في تركيا قد لا تسمح بتحقيق هذا الهدف نظراً لهشاشة وضع أردوغان الانتخابي، واعتماده على القوميين، ينبغي على الولايات المتحدة مواصلة جهودها الديبلوماسية للتشجيع على التوصل إلى حل سلمي.