صحف عربية (أرشيف)
صحف عربية (أرشيف)
السبت 17 أغسطس 2019 / 11:20

صحف عربية: المنطقة الآمنة تفجر صراع الإرادات

24 - معتز أحمد إبراهيم

تتواصل ردود الفعل عقب توصل الولايات المتحدة وتركيا إلى اتفاق بشأن إقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا، الذي جاء بعد مباحثات شاقة بين الطرفين فيما شكك عدد من الخبراء في قدرته على الصمود.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم السبت، رأى عدد من الخبراء أن سبب تشككهم في صمود هذا الاتفاق هو تهديده للوجود الكردي، واحتمال تعرض الاتفاق لأزمة مشابهة لاتفاق منبج الذي ظل حبراً على ورق في حال عدم تفهم الهاجس الكردي حيال التمدد التركي واستيعابه.

أردوغان والحرب السورية
تساءل الكاتب اللبناني إلياس حرفوش في مقال له بصحيفة الشرق الأوسط، عن الدور الأردوغاني الماثل الآن في الحرب السورية في ظل إقامة هذه المنطقة.

وقال إنه "مع نهايات الحروب، يأتي زمن قطف الثمار، ولا يذكر التاريخ مشاركات مجانية في الحروب، ولا جيوشاً تتبرع بالقتال خارج حدودها من دون مقابل"، وأضاف أن "الرئيس التركي لا يهتم إلا بالمكاسب"، مشيراً إلى أن الهاجس أمامه الآن هو البحث في مصير المنطقة الحدودية في شمال شرقي سوريا.

وأوضح أن أردوغان يرغب في تحقيق أي مكاسب سياسية داخلية من وراء إقامة هذه المنطقة، لافتاً إلى تعرضه إلى إخفاقات كثيرة كان أبرزها خسارة معركة رئاسة بلدية إسطنبول، وهو ما يدفعه إلى استغلال هذه المنطقة وإبعاد اللاجئين السوريين إليها في ظل غضب الأتراك من تكاثر السوريين.

وذكر الكاتب أن أردوغان يرغب الآن في تحقيق هذه الخطوة لكسب أي شعبية في الشارع السياسي بالبلاد، منبهاً إلى سعي تركيا إلى استغلال أي مكسب يمكن أن ينجم عن هذه المنطقة حيث أن رد فعل نظام دمشق الرافض للمنطقة الآمنة هو آخر ما يمكن التوقف عنده من مواقف، لأنه أقل الأصوات تأثيراً في المشهد السوري.

صراع الإرادات
وبدوره، قال الدكتور خطار أبو دياب في مقال له بصحيفة العرب إن "إقامة هذه المنطقة الآمنة يعكس ما أسماه بصراع الإرادات".

وأضاف أن "الهدف من وراء إقامة هذه المنطقة يأتي لمحاولة تبديد مخاوف أنقرة من الشريط الحدودي الكردي، بالإضافة إلى عدم المساس بالشريك الكردي للقوات الأمريكية، والأهم فرملة واشنطن للتقارب الروسي- التركي ورسم خطوط مناطق النفوذ في سوريا في إطار مخاض إعادة تركيب كل الإقليم المضطرب".

ونبه إلى أن هناك الكثير من الألغام والمطبات على درب إقامة المنطقة الآمنة في شرق الفرات، وكان ذلك موضع جدل ومماحكات منذ 2012، وأشار إلى احتدام صراع الإرادات حول شرق الفرات نظراً لمركزية هذه الناحية في تقرير مستقبل التركيبة السورية، وتابع أن "مصير هذه المنطقة عموماً سيرتبط أكثر فأكثر بمآلات الصراع التركي- الكردي، المتصاعد منذ 2015".

وكما تحدث عن الدور التركي في إقامة هذه المنطقة، موضحاً أن الإصرار التركي على إقامة هذه المنطقة يأتي لأنها بمثابة الممر الإلزامي للحصول على منطقة النفوذ العتيدة، واختتم مقاله بالقول إنه "يجب الآن انتظار نتيجة اختبار قوة مزمن حول الدور التركي في كل الإقليم".

أسئلة "المنطقة الآمنة"
ومن جانبه، طرح الكاتب محمد نور الدين عبر صحيفة الخليج الإماراتية تساؤلات عن المنطقة الآمنة، وقال إن "تركيا توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة في ظل أجواء دقيقة".

وأضاف أن "اتفاق المنطقة الآمنة يحمل الكثير من التساؤلات أكثر مما يحمل من إجابات"، موضحاً أن البيانات التركية والأمريكية تتحدث عن عودة مئات آلاف النازحين السوريين من تركيا إلى منطقة شرق الفرات، وهذا يطرح تساؤلات عن هوية العائدين وعددهم وإلى أي المناطق سوف يعودون وهل هي مناطقهم الأصلية أم غرباء عنها.

وأشار الكاتب إلى أن التساؤل الهام هو ما حجم المنطقة الآمنة؟ وهل هي بعمق 30 - 40 كيلومتراً كما يطالب الأتراك أم 15 كيلومتراً كما يقترح الأمريكيون؟ وهل ستكون على امتداد الحدود السورية مع تركيا في شرق الفرات أم في بعض المناطق فقط؟، وماذا عن مصير قوات الحماية الكردية في المنطقة الآمنة؟ وهل ستنسحب منها بشكل كامل أم جزئي؟.

واختتم مقاله بالقول إن "اتفاق المنطقة الآمنة سيكون خطوة لتطبيع العلاقات (التركية - الأمريكية) وستكون له انعكاساته على مجمل الوضع والتوازنات في سوريا، ومن ذلك ما يجري في إدلب وسيكون على الجميع ترقب التطورات في الأسابيع والأشهر المقبلة؛ لمعرفة أي مصير ينتظر سوريا التي غرقت في لعبة الأمم".

شرخ
وتطرقت الكاتبة السورية هيفاء بيطار إلى نقطة بارزة، حيث حللت تداعيات ما يجري في البلاد من تأثير اجتماعي على حياة السوريين.

وقالت في مقال لها بصحيفة الحياة إن "المؤلم الآن هو التباين في طريقة تفكير السوريين، إذ تجد بين أفراد الأسرة الواحدة منطقاً مختلفاً وتفسيراً خاصاً لكل ما يحدث في سوريا، وكم حصلت قطيعة وكراهية بين الإخوة وبين الأزواج أيضاً بسبب التباين الشديد في فهم ما يحصل على الأرض السورية وتفسيره".

ولفتت الكاتبة إلى استنتاج مباشر هو دور الثورة السورية في هذا التباين الفكري، قائلة إنه "وبعد 8 سنوات من الثورة السورية، لم يتغير شيء".

وأضافت أن "تلك الثورة اليتيمة التي مات فيها الآلاف ونزح ثلث الشعب السوري بنتيجتها، وبقي الخوف السوري الذي يُجمد الدم في العروق هو الأبقى والأقوى"، وتابعت "المهم الآن هو ترميم الجراح النفسية العميقة التي يعانيها المواطن السوري الذي يعيش مأساة القرن".