شعار مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية "كير".(أرشيف)
شعار مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية "كير".(أرشيف)
الأحد 18 أغسطس 2019 / 15:55

يتبرعون لهيئات حكومية ثم يهاجمونها.. هكذا يتلوّن إخوان أمريكا

يستذكر الخبير في شؤون التطرف هاني غرابة الإغلاق الحكومي الذي شهدته الولايات المتحدة أوائل السنة الحالية، والذي أدى إلى مشاكل ضاغطة لعشرات الآلاف من الأمريكيين. وكتب في مجلة "أمريكان سبكتايتور" أنه استجابة لذلك، قامت منظمات غير ربحية في البلاد وفي العاصمة بتقديم موارد خيرية لموظفين فيديراليين ومن يعتمدون عليهم. لكن هذه البرامج حملت أحياناً أكثر من هدف: لا فعل الخير وحسب بل أيضاً نشر الدعاية عن طبيعة مهندسي هذه البرامج.

بالنسبة إلى العمال الفيديراليين، كير هو المتبرع والمعترض، فيقدم التضامن أحياناً باسم "العدالة" و "حقوق الإنسان" وأحياناً يشكو من غياب العدالة والاضطهاد

إنّ مجموعات إسلاموية، مثل مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية كير، كانت سريعة في الترويج لجهودها الخيرية خلال الإغلاق، مثل مبادرة أطلقتها ستة فروع لكير من أجل توزيع وجبات الغداء على عناصر من إدارة أمن النقل وهيئة الجمارك وحرس الحدود. بشكل مشابه، أشاد كير بجهد مجموعة إسلاموية زميلة له وهي إغاثة الدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية إيكنا التي ركزت على أفراد من الجيش في جنوب فلوريدا.

أين كانوا خلال إغلاق 2013؟

تجدر الإشارة إلى أنّ كير وحلفاءها لم تطلق جهوداً خيرية وطنية مماثلة خلال الإغلاق الحكومي سنة 2013 في الولاية الثانية لباراك أوباما، حين بقي حوالي 800 ألف موظف فيديرالي في منازلهم 16 يوماً. يرى غرابة أنّه بالنسبة إلى كير، برزت فرصة سياسية أكبر للاصطفاف إلى جانب العمال خلال رئاسة ترامب.

وحتى خلال ولاية الرئيس الحالي، كان موقف كير إزاء إدارة أمن النقل وهيئة الجمارك وحرس الحدود والجيش أقل وداً في أحيان أخرى. حين خضعت القيود على الهجرة للنقاش في واشنطن وتم تفعيلها على الحدود الجنوبية، أعرب مسؤولو كير مراراً عن اشمزاز شديد من عناصر هذه الوكالات.

انتقادات عنيفة
في فبراير (شباط)، أعلن المسؤول البارز في كير حسام أيلوش نيته مقاضاة عناصر الجمارك وحرس الحدود لاحتجازه على الحدود. في مارس (آذار)، دانت مديرة المكتب التنفيذي لكير في سان فرنسيسكو زهراء بيلو هذه الهيئة لممارسة "الإذلال، المضايقة والتطفل" حتى مع اعترافها بأنها لم تختبر شخصياً هذه المسائل. في يونيو (حزيران)، دعا كير لتحقيق الكونغرس في نشاط ضباط الجمارك وحرس الحدود على فيس بوك. ووصف كير في السابق إدارة أمن النقل بأنها منظمة "إسلاموفوبية" تمارس "الإثم عبر الارتباط بالستيرويد". كذلك، اتهمت زهراء بيلو الجنود الأمريكيين المسلمين بـ "قصف أشقائنا وشقيقاتنا المسلمين".

سلوك معروف
يشرح غرابة سبب تقلب مواقف الإسلامويين تجاه العمال الحكوميين عبر الإشارة إلى أنهم رأوا فرصة في عهد أوباما كي يكونوا جزءاً من الإدارة متحدين مع وجوه ومنظمات تقدمية أخرى. في عهد ترامب، يرى الإسلامويون قيمة مشابهة في الشراكة مع شخصيات تقدمية لكن هذه المرة عبر الاتحاد لمعارضة الإدارة. في عيون الإسلامويين، عمال الحكومة هم إدارة ترامب حتى يحين وقت توصيفهم بأنهم ضحايا ترامب.

تماماً كأي حزب سياسي معارض، فإنّ مجموعات مثل كير متمرسة كي تكيف رسالتها مع المناخ السياسي. ولا يمكن أن يكون هذا سلوكاً مناسباً متوقعاً من منظمة دينية وحقوقية غير ربحية كما يصور كير نفسه. لكن هذا هو السلوك المعروف لدى المجموعات الإسلاموية التي سعت طويلاً لاستغلال الظروف السياسية والقلق الاجتماعي لتعزيز مخططاتهم المتطرفة.
 
.. ديمقراطية الزيت والسكر

الجهود الخيرية أمر أساسي للنموذج الإسلاموي. والمنظمات الخيرية الإسلاموية لم تتأسس من دون أجندة سياسية عميقة وسامة. أدت هذه الأساليب دوراً كبيراً في بروز الإخوان المسلمين وحماس وحزب الله الإرهابيين. ويذكر غرابة مثلاً حديثاً من بلده مصر، حين وزع الإخوان ومنظماتهم الخيرية الغذاء والرعاية الطبية والأموال على المواطنين المصريين خلال الحملة الانتخابية الرئاسية سنة 2012.

وأعلن القيادي الإخواني عبد الرحمن البر أنّ هذه الجهود تهدف إلى شراء الدعم الانتخابي. حملت صناديق الطعام الموزعة على فقراء مصر شعار الإخوان وحزبهم السياسي "العدالة والحرية" مما دفع بعض المحللين المصريين إلى وصف البلاد بـ "ديموقراطية الزيت والسكر".

كذب
ساعدت هذه الرشى الفاضحة الإخواني محمد مرسي في كسب الانتخابات سنة 2012. لكن بعد سنة، أشعلت سياساته المتطرفة أزمة دستورية أدت إلى مظاهرات شاملة في 30 يونيو 2013 الأمر الذي دفع الجيش المصري إلى الإطاحة به من السلطة. كمنظمة مرتبطة بالإخوان، يبدو أن كير التقط بعض النصائح من منظمته الأم. لكن في حين يعمل إخوان مصر على شراء الخدمة السياسية، على كير أن يعمل بحذر أكبر ضمن النظام الأمريكي الديموقراطي للحصول واستغلال السلطة السياسية.

بالنسبة إلى العمال الفيديراليين، كير هو المتبرع والمعترض، فيقدم التضامن أحياناً باسم "العدالة" و"حقوق الإنسان" وأحياناً يشكو من غياب العدالة والاضطهاد. في جميع الأحوال، يعمل كير على تشريع أيديولوجيته عبر تقديم نفسه كذباً كصوت للأمريكيين المسلمين وكبطل للعامل الأمريكي. ويدعو غرابة الحكومة والجمهور الواسع في أمريكا إلى تذكر أنّ جميع هذه التصرفات تهدف إلى خدمة أجندة دينية واحدة.