الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في مراسم تنصيب السلطان عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله شاه ملكاً لماليزيا (أرشيف)
الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في مراسم تنصيب السلطان عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله شاه ملكاً لماليزيا (أرشيف)
الأحد 18 أغسطس 2019 / 21:31

في تتويج ملك ... تتويج الصداقة

المثال الأقرب الخالي من الخيال هو علاقة زايد وراشد التي جسدت الاتحاد، وجسدها حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في قصة كتبها للأطفال وسماها "الصديقان"

بدا لنا نحن الإماراتيين أن وقفة ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مراسم تنصيب ملك ماليزيا كانت وقفة عز ومكانة اكتسبتها دولة الإمارات العربية المتحدة بسياستها الخارجية والتزاماتها الدولية، وتسعى حثيثاً إلى ترسيخها إقليمياً وعالمياً. وبدا للعالم أن حضوره كان نوعاً من تعضيد وتقوية العلاقات بين الشعبين والمجاملات السياسية. لكن القيمة المخفية كانت أكثر إبهاراً. إنها الصداقة.

بدأ الأمر بحضور مهيب لسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مراسم تنصيب السلطان عبدالله الملك السادس عشر على عرش ماليزيا في تاريخها الحديث. وفق تقليد بأن يتولى الملك العرش لمدة خمس سنوات في مداورة بين ولايات المملكة، وباختيار توافقي من حكام الولايات التسع.

وأخذ الأمر يتعمق أكثر بالتصريح الذي نشره سموه قائلاً: "سررت اليوم بحضور مراسم تنصيب صديقي العزيز عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله شاه ملكاً لماليزيا. تمنياتي له بالتوفيق والنجاح في خدمة بلده وشعبه"، تصريح تظهر فيه لمسة تبتعد عن السياسة وتقترب من المعنى الأجمل في العلاقات: الصداقة.

أما حين استذكرنا صورة قديمة نشرها سمو الشيخ محمد بن زايد، أثناء زيارة الملك الماليزي إلى أبوظبي، عرفنا أن الأمر يتصل بالصداقة فعلاً. إنها صورة تعود إلى أربعين سنة يظهر فيها العلاقة القوية التي كانت تربط بين الصديقين أثناء مرحلة الدراسة في كلية سانت هيرست بإنجلترا.

حين تمعنت في هذه الصورة انثالت في ذاكرتي قصص كثيرة لعظماء من التاريخ، كان لصداقة الصبا بينهم أثر في مصائر شعوب وإمبراطوريات. ربما يكون الخيال قد أضفى بعض لمساته على هذه القصص التاريخية. لكن المثال الأقرب الخالي من الخيال هو علاقة زايد وراشد التي جسدت الاتحاد، وجسدها حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في قصة كتبها للأطفال وسماها "الصديقان".

الصداقة قيمة رائعة. وأروع ما تكون حين يكون أثرها بارزاً في التاريخ. يحكي التاريخ العربي عن دويلات تناحرت وكان حكامها إخوة أو أبناء عمومة. ويحكي التاريخ الأوروبي عن عائلات ملكية تقاتلت وبينها روابط دم ومصاهرة. ويحكي أيضاً وللمفارقة عن دول تقاربت، مع اختلاف الدين، واللغة، والقومية، والسبب صداقة صبا بين فتيان أصبحوا حكاماً فحفظوا للصداقة حقها، وحافظوا على صلة الروح بالروح.

سيدي صاحب السمو، لست أدري أأعجب من مهامك الجسيمة، أم من نظرتك الثاقبة، أم من روحك الجميلة التي تقدر الصداقة. دمت لهذا الشعب أباً، وللإنسانية صديقاً.