مرشح حركة النهضة للانتخابات الرئاسية في تونس عبدالفتاح مورو (أرشيف)
مرشح حركة النهضة للانتخابات الرئاسية في تونس عبدالفتاح مورو (أرشيف)
الثلاثاء 20 أغسطس 2019 / 20:23

اجترار تونسي لمآزق "الربيع العربي"

ثمة ما يبرر استحضار مناخات الانتخابات المصرية التي أفضت إلى وصول محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة قبل سبع سنوات عند محاولة استشراف آفاق المشهد السياسي التونسي على ضوء خوض نائب رئيس حركة النهضة عبدالفتاح مورو الانتخابات الرئاسية المبكرة.

بمشاركتها في الانتخابات الرئاسية توفر حركة النهضة البيئة الملائمة لاجترار مآزق الربيع العربي وتقدم وصفة لدوامة أخرى من التعقيدات مفرداتها تعميق الأزمات التي لم تبرأ منها البلاد منذ هبوب رياح الربيع العربي

أول ما يقفز إلى الواجهة عند الشروع في قراءة المعطيات التونسية الجديدة نظرة زعيم الحركة راشد الغنوشي لتجربة جماعة الإخوان المسلمين المصرية، ففي الوقت الذي حاول التمايز عنها لتهدئة شكوك الشارع التونسي، اقتصر نقده لها على استعجالها للوصول إلى سدة الحكم.

تراكمات الأداء السياسي للنهضة بعد ما سمي بـ "الربيع العربي" تعزز المخاوف التي تثيرها هذه النظرة بين قطاعات واسعة من التونسيين لم تغب عنها ملابسات فترة حكم الحركة من وراء واجهة الحلفاء الليبراليين، والأزمات التي شهدتها البلاد خلال تلك الفترة ما يدفع إلى العودة لاجراء مقارنات بين التجربتين.

حالة التفتت والانقسامات التي تمر بها الأحزاب والتيارات العلمانية التونسية، وضعف قدرتها على تشكيل قطب بديل، ومنع انزلاقات متوقعة قاسم مشترك آخر بين تجربتي مرسي ومورو.

في سياق مشتركات التجربتين المصرية والتونسية، تندرج أيضاً انعكاسات وصول النهضة المحتمل إلى كرسي الرئاسة على العلاقات والسياسات الخارجية، في ظل ارتياب عواصم غربية، وعربية من جماعة الإخوان المسلمين.

من ناحية أخرى، لن يحول تآكل الوضع السياسي الداخلي الذي شجع النهضة على مغامرة ترشيح مورو، دون ظهور خطوتها باعتبارها شكلاً من أشكال تمدد اليمين، الأمر الذي يعني من بين ما يعنيه محاكاتها بؤس تطورات السياسة الغربية.

يصاحب هذه المعطيات مؤشرات تمس الأوضاع المعيشية التونسية بشكل مباشر، مثل دخول عبدالفتاح مورو إلى سباق الانتخابات الرئاسية، دون امتلاك حركته رؤى أو برامج اقتصادية واجتماعية، قادرة على التخفيف من حدة أبرز التحديات التي تواجهها البلاد في هذه المرحلة وعلى المدى المنظور وفي مقدمتها الغلاء، والفقر، والبطالة.

ولمكونات مأزق خوض النهضة للانتخابات الرئاسية حضورها الواضح في خطاب الحركة الذي يأخذ في بعض الأحيان منحى تبرير تقديم مرشح للرئاسة، ويتجه في أحيان أخرى إلى تقليل مخاوف التونسيين من رغبة الإسلام السياسي في الاستحواذ على السلطة، الامر الذي يبقيه دون التحول إلى رافعة لتوقعات الشارع التونسي بأداء مختلف.

بمشاركتها في الانتخابات الرئاسية توفر حركة النهضة البيئة الملائمة لاجترار مآزق "الربيع العربي"، وتقدم وصفة لدوامة أخرى من التعقيدات، مفرداتها تعميق الأزمات التي لم تبرأ منها البلاد منذ هبوب رياح "الربيع العربي" والحد من عوامل تجاوز حالة الانسداد، وتكريس احتمالات الانزلاق في متاهات جديدة، والابتعاد عن امكانيات الاستقرار السياسي، والاقتصادي، وتقليص هوامش البحث عن حلول من خارج الصندوق.