الثلاثاء 20 أغسطس 2019 / 16:36

خان شيخون.. العقدة والحل في سوريا

24 - إعداد - أحمد إسكندر

التطورات الميدانية في الشمال السوري، تؤشر إلى تقدم كبير بدأ يحرزه النظام السوري في ريف إدلب الجنوبي، بعد أن غير تكتيكات المعارك وأجرى تعديلات على خططه الهجومية بإشراف روسي لوجستي.

انهيار الهدنة الأخيرة التي أعلن عنها في بداية أغسطس (آب) بسبب ما زعم أنه خرق من فصائل المعارضة المسلحة في إدلب لاتفاق وقف إطلاق النار بعد استهدافها بالصواريخ قاعدة حميميم الروسية دفع بعمليات عسكرية مكثفة لقوات النظام السوري بدعم من الطيران الروسي.

محاور خان شيخون
النظام السوري اعتمد خلال عملياته العسكرية على فتح 5 محاور خلال طريقة إلى خان شيخون أهمها محورين متقابلين تماماً يمثل "فك الكماشة" الأول من سكيك شرقاً والثاني انطلاقاً من قرية الهبيط في الجهة المقابلة غرباً.

خان شيخون كانت مسرحاً لعدّة عمليات عسكرية واشتباكات خلال الحرب الأهلية السورية، وتعرضت لهجوم جوي بالسلاح الكيمياوي، نفذته قوات النظام ما أدى إلى وقوع 100 قتيل جلهم من الأطفال، ونحو 400 مصاب.

يتبع مركز ناحية خان شيخون لمنطقة معرة النعمان في محافظة إدلب، وما يميزها بعدها الاستراتيجي عن الحدود مع تركيا حيث تبعد مسافة 37 كليومتراً عن مدينة حماة و 110 كليومتراُ عن مدينة حلب و70 كيلومتراً عن مدينة إدلب.

وتشكل ناحية خان شيخون محور الطريق الدولي بين محافظة حلب والعاصمة السورية دمشق بمسافات قريبة من أهم 5 مواقع حيوية في سوريا.

وسعت قوات النظام السوري جاهدة للوصول إلى المدينة بكافة السبل حيث تشكل أكبر مدن الريف الجنوبي لإدلب وبالسيطرة عليها تعزل كامل الريف الشمالي لمدينة حماه عن إدلب وبالتالي قطع خطوط امداد المعارضة المسلحة.

من خلال هذا التكتيك العسكري تكون كافة المناطق مثل اللطامنة وكفرزيتا ولطمين ومورك محاصرة من جميع الجهات وبحكم "الساقطة عسكرياً" بقبضة بيد قوات النظام السوري.

منطقة سوتشي
الإصرار العسكري السوري الروسي يهدف إلى انتزاع هذه المنطقة من المعارضة والمعروفة بـ"منطقة سوتشي" المتفق عليها مع تركيا، وبات جلياً أن سوريا وروسيا ستستعيدها بالقوة بعد أن بدت تركيا عاجزة عن تنفيذ الاتفاق الموقع معها خلال قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان بسوتشي في سبتمبر (أيلول) 2018.

تركيا شكلت راعياً للهدنة الأخيرة وتعهدت بتنفيذ التزامها بسحب فصائل إدلب المسلحة من منطقة سوتشي بعمق 30 كيلومتراً، ولكن بعد يومين خرقت الفصائل الهدنة مع قوات النظام لتباشر الأخيرة حملتها العسكرية على خان شيخون بريف إدلب.

وتبدو فصائل إدلب المسلحة بحالة ارتباك رغم حصولها على أسلحة نوعية تستخدمها في المعارك الراهنة مثل الصواريخ الحرارية والمضادة للدروع وصواريخ غراد، الطائرات المسيرة. والأسلحة الثقيلة واكتفت بإعلانات تتحدث عن محاولتها استعادة المناطق التي خسرتها، وبيانات تتحدث عن خسائر في صفوف القوات المهاجمة.

البعد المعنوي
بسيطرة القوات النظامية السورية على منطقة الهبيط، بات باستطاعة قوات الجيش "إطباق الحصار على كبرى بلدات ريف حماة الشمالي التي تعرضت في اليومين الماضيين لقصف جوي وبري مكثف"، وهو مالم يحدث من 2012 وفقاً لما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتتعرّض محافظة إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة منذ نهاية أبريل (نيسان) لقصف شبه يومي من طائرات سورية وأخرى روسية، تزامناً مع معارك عنيفة تركزت خلال الأسابيع الماضية في ريف حماة الشمالي الملاصق لجنوب إدلب وبالسيطرة على الهبيط، تكون قوات النظام السوري قد اتخذت بعداً استراتيجي في مناطق لم يستطع النظام السوري من 2012 من دخولها في ريف إدلب الجنوبي.

وتعمل قوات النظام من جهة ثانية على التقدم إلى خان شيخون من جهة الشرق، ما سيمكّنها من فرض حصار مطبق على ريف حماة الشمالي الذي يضم أكبر نقطة مراقبة للقوات التركية على الأراضي السورية في بلدة مورك".

الأرض المحروقة
اعتاد النظام السوري على اتباع سياسة "الأرض المحروقة" في كل مكان من سوريا خصوصاً في إدلب (معقل المعارضة المسلحة) وأراد النظام من حملته إعلان تراجعه عما تم الاتفاق عليه في مؤتمر سوتشي في سبتمبر(أيلول) 2018، الذي شمل إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب.

بلغت المعارك المشتعلة بين قوات النظام السوري والمعارضة المسلحة ذروتها في مناطق خان شيخون، المحطة الاستراتيجية جنوب إدلب على طريق حلب دمشق الدولي، وبعد سيطرة قوات النظام السوري على قرية تل النار، بدأت المواجهة بين الفريقين على بعد كيلومتر واحد غرب خان شيخون، حاولت خلالها قوات النظام اختراق الجهة الشرقية للمدينة، فيما تفتقر جميع المناطق التي مر بها النظام إلى مقومات الحياة ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين إلى قرى وبلدات مجاورة.

وقال المتحدث باسم فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" التي تنضوي الفصائل المعارضة في المنطقة في إطارها، ناجي مصطفى: "التعزيزات التركية كانت في طريقها باتجاه نقاط القوات التركية في مورك".واتهم روسيا، حليفة دمشق، باتباع "سياسة الأرض المحروقة من أجل السيطرة على خان شيخون وريف حماة الشمالي" عبر استخدام "ترسانتها من الطائرات الحربية والمدفعية والقذائف" بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية "أ.ف.ب".

خلال سنوات النزاع السوري تغييرت المعادلة على الأرض لصالح النظام السوري بعد الدعم العسكري واللوجستي من الجانب الروسي، واتبعت قوات النظام وروسيا استراتيجية "القضم التدريجي" لمعاقل الفصائل المعارضة المسلحة تمهيداً للسيطرة عليها.