الأربعاء 21 أغسطس 2019 / 12:23

ماذا يعني إطلاق "غريس 1" بالنسبة إلى سياسة بريطانيا الخارجية؟

بعنوان" ماذا يعني إفراج بريطانيا عن ناقلة نفط إيرانية بشأن سياستها الخارجية ما بعد "بركزيت"، ترى مجلة "إكونوميست" أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن بريطانيا باتت عالقة، على نحو محرج، بين أمريكا وأوروبا.

ترغب بريطانيا، مثل حلفائها الأوروبيين، في تشجيع إيران على الالتزام بالاتفاق النووي

وتستهل المجلة مقالها بالإشارة لعبور ناقلة عملاقة مضيق جبل طارق متجهة نحو اليونان، قبل قليل من منتصف ليل 18 أغسطس(آب) الجاري. ولم يكن ذلك نشاطاً غير عادي- حيث تعبر المضيق سنوياً قرابة 120,000 سفينة، محملة بثلث نفط وغاز العالم. ولكن الناقلة أدريانا داريا التي كانت تحمل العلم الإيراني لم تكن ناقلة عادية. فقد تم تغيير اسمها القديم، غريس 1 قبل أيام فقط. وترافقت تلك الأنشطة مع تحرير الناقلة بعد احتجازها لأطول من شهر في جبل طارق، منطقة تابعة لبريطانيا.

فصل آخر
وحسب "إكونوميست"، لا يمثل الحادث مجرد فصل آخر في صراع متزايد بين إيران وأمريكا - بل يسلط الضوء على جهود تبذلها بريطانيا بازدياد من أجل موازنة سياستها حيال إيران ما بين صراع أمريكي ومداهنة أوروبية.

فقد شددت أمريكا عقوباتها ضد إيران في أبريل( نيسان) الماضي في ظل سياسة" ضغط أقصى" ينفذها الرئيس الأمريكي ترامب. وفضلاً عنه، تواجه أية شركة تتعامل مع إيران خطر العقوبات. وقد أدى ذلك لتخلي إيران عن بعض بنود الاتفاق النووي لعام 2015 والذي وقعته مع إدارة أوباما، وللرد بوسائل أخرى. وفي مايو(أيار)، حملت أمريكا وحلفاؤها مسؤولية مهاجمة سفن بواسطة ألغام عند خليج عمان. وقد تفاقمت الأمور إلى درجة خطيرة عندما أسقطت إيران في 20 يونيو(حزيران) طائرة تجسس أمريكية، ما تسبب بإصدار ترامب أمراً بشن ضربات جوية ضد إيران، لكنه تراجع عنه لاحقاً.

جو محموم
وحسب المجلة، في ظل ذلك الجو المحموم، صعد في 4 يوليو(تموز)، مارينز بريطانيون على سطح سفينة "غريس 1" (صار اسمها آدريان داريا 1) الإيرانية عند عبورها مضيق جبل طارق. وقاموا بذلك العمل استناداً لمعلومات استخباراتية أمريكية بأن ناقلة النفط كانت في طريقها إلى سوريا التي تخضع مصفاتها الرئيسية إلى عقوبات أوروبية. وفي 19 يوليو(تموز)، وبعد أسابيع من مصارعة بحرية خفية، كسبت إيران ورقة مساومة عبر استيلائها على ناقلة بريطانية، "ستينا إمبريو"، عند مضيق هرمز بتهم زائفة حول انتهاكات شروط السلامة.
  
وبرأي المجلة، لربما قوى ذلك الإجراء يد إيران، لكن حكومة جبل طارق لم ترضخ إلا بعدما وعدت طهران بأن لا تتجه الناقلة إلى سوريا، أو لأية جهة تشملها عقوبات أوروبية- وهي وعود استخلصت بعد أسابيع من الديبلوماسية المكثفة بمشاركة ديبلوماسيين بريطانيين وإيرانيين. وهكذا حررت الناقلة.

فرج
وكان ذلك، برأي "إكونوميست"، بمثابة فرج لبريطانيا لأن ذلك من شأنه أن يقلل من خطر الاستيلاء على مزيد من السفن، ما دفع البحرية البريطانية لإرسال سفن حربية إضافية إلى منطقة الخليج. لكن تلك الدراما لم تكد تنته، حتى بذلت أمريكا آخر مساعيها لمواصلة الضغط على إيران. فقد أصدرت المحكمة الفيدرالية في واشنطن في 16 أغسطس(آب) تحذيراً بشأن إعادة الاستيلاء على الناقلة، على أساس أنها تدار من قبل شبكة من الشركات يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني IRGC الذي صنفته إدارة ترامب، في أبريل(نيسان) كمنظمة إرهابية، عكس نصيحة مسؤولين عسكريين واستخباراتيين أمريكيين.

وقالت وزارة العدل الأمريكية إن "رحلات الناقلة الخادعة" تمت في إطار عملية غسيل أموال واسعة النطاق. وأشارت الوزارة إلى أن قوانين عقوبات الاتحاد الأوروبي تختلف عن العقوبات الأمريكية، وأن الأوروبيين – كباقي أرجاء العالم- يعاملون IRGC كأطراف سيئين ولا كإرهابيين.


موقف صعب
ورغم ذلك، وضع ذلك الصراع الديبلوماسي بريطانيا في موقف صعب. فقد حذر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في مايو(أيار) من أنه ما لم يساعد موقعون آخرون على الاتفاق النووي- بمن فيهم أوروبا والصين وروسيا- على الصمود في وجه عقوبات أمريكية مشددة، فإن إيران سوف تبدأ بانتهاك بنود في الاتفاق، ما يقربها من التمكن من صنع أسلحة نووية. وقد باشرت إيران تنفيذ وعيدها.

وحسب المجلة، ترغب بريطانيا، مثل حلفائها الأوروبيين، في تشجيع إيران على الالتزام بالاتفاق النووي. ويقول ديبلوماسيون بريطانيون إنهم ما زالوا يرغبون بتهدئة إيران عبر مواصلة أنشطة تجارية معها. ولكن الاستيلاء على آدريان داريا 1- بحمولتها من 2.1 مليوني برميل، أفشل تحقيق تلك الرغبة، ولأسباب ليس أقلها تحرك بريطانيا بدافع من المخابرات الأمريكية.