مجسمان لصاروخين في طهران (أرشيف)
مجسمان لصاروخين في طهران (أرشيف)
الأربعاء 21 أغسطس 2019 / 13:53

الاتفاق النووي انتهى.. هل تقرّ مجموعة السبع بذلك؟

كتب الباحث ماجد رافيزاده، في مقال بصحيفة "إندبندنت" البريطانية، أنه يتعين على قادة مجموعة السبع، المقرر أن تعقد اجتماعها الأسبوع المقبل، قبول حقيقة أن الاتفاق النووي الإيراني قد انتهى إلى الأبد.

سياسة الاسترضاء لا يجب أن تكون هي الرد على النهج الإيراني الجديد

 وحذر الباحث من أن التهديد الأمني الذي تشكله إيران على الأمن الإقليمي والدولي يُعد خطراً حقيقياً عاجلاً، كما أن محاولة تجاهل هذا الواقع وإحياء الاتفاق النووي الفاشل بكلمات دافئة لن تقود إلى النهج الأمثل الذي يجب اتباعه للتصدي لهذه القضية.

تحالف دولي بحري  
يتوقع الباحث أن تشهد قمة قادة مجموعة السبع التي سيتم عقدها هذا الأسبوع في منتجع "بياريتز" بفرنسا استمرار الخلافات حول الموقف إزاء إيران والإجراءات التي يجب اتخاذها ضدها. وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون قد حض المسؤولين البريطانيين، خلال زيارته إلى المملكة المتحدة الأسبوع الماضي، على تبني موقفاً أكثر تشدداً ضد طهران، حيث اكتسب اقتراحه بتشكيل تحالف دولي بحري في الخليج بعض القوة.

ويلفت الباحث إلى أنه خلال العام الماضي تورط الحلفاء الأوروبيون في محاولة الإبقاء على الاتفاق النووي الإيراني، ولكن ربما يدرك الجميع الأمور على حقيقتها بنهاية هذا الأسبوع؛ وبخاصة لأن استمرار العمل بالاتفاق لم يعد ممكناً، ويجب أيضا عدم محاولة انقاذه.

اتفاق معيب
ويعتبر الباحث أن الاتفاق النووي الإيراني كان "معيباً" في جوهره منذ البداية؛ فقد استبعد فريق التفاوض بشكل كامل أولئك القريبين من إيران، لتنفيذ سياسة وضعتها حكومات على بعد آلاف الأميال، وهو نهج يذكرنا بالعصر الاستعماري القديم.

وقد تجاهل الاتفاق تماماً تمويل إيران للوكلاء الإرهابيين مثل حزب الله وحماس والحوثيين، ولم يكن هذا الأمر ليحدث لو كانت دول الخليج أو إسرائيل على طاولة التفاوض آنذاك. والمفارقة أن صفقة النووي الإيراني أسفرت عن تحرير أموال إضافية تدفقت إلى هؤلاء الوكلاء من خلال تمويلات ضخمة من إيران.

ويقول الباحث: " لذلك تواجه السعودية أخطار إطلاق الحوثيين لصواريخ ضد الأهداف المدنية السعودية، كما نشر حزب الله مقاتليه المشاة في سوريا، وتتعرض جنوب إسرائيل إلى القصف المستمر من صواريخ حماس الممولة إيرانياً".

ويشدد المقال على أن الاتفاق النووي قد أخفق بشكل واضح في إثبات زعم أوباما أن "هذه الصفقة سوف تلبي حاجات الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفاؤها"؛ لاسيما أن الوضع الحالي في الخليج يشهد تصعيداً نشطاً للتوترات من قبل طهران.

ابتزاز الدول الأوروبية
ويصف الباحث استيلاء طهران على ناقلة النفط البريطانية خلال الشهر الماضي بأنه يمثل جزءاً من جهد أوسع لابتزاز الدول الأوروبية للحفاظ على تدفق الأموال بموجب الاتفاق النووي في ظل استمرار العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.

ويقول الباحث: "لا شك في أن الأوروبيين مضللون تماماً إذا اعتقدوا أن إطلاق سراح ناقلة النفط الإيرانية التي كانت محتجزة في جبل طارق بنهاية الأسبوع الماضي من شأنه أن يقود إلى تهدئة إيران ووضع حد لتصعيد التوترات الذي تعمد إليه طهران".

ويتطلب الشحن التجاري في مضيق هرمز الآن، وهو أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم، حماية من السفن البحرية الحليفة، ومن ثم فإن مصالح الأمن القومي للحلفاء الأمريكيين في المنطقة لم تتحسن، ناهيك عن اقتران ذلك بتمويل إيران للعنف والإرهاب في المنطقة.

الاتفاق النووي انتهى
ويلفت الباحث إلى أنه بغض النظر عن الصخب الصادر عن العواصم الأوروبية، فإن الواضح أن الاتفاق النووي قد مات بالفعل حتى مع محاولات لندن وباريس وبرلين وبروكسيل انقاذه. والواقع أيضاً أن تلك العواصم لديها سلطة محدودة لتشجيع رجال الأعمال على المخاطرة بانتهاك العقوبات الأمريكية وإثارة غضب الولايات المتحدة في حال التعامل مع إيران.

وبدلاً من تشجيع الأوروبيين على الدفاع عن الموقف الإيراني، فإن التصعيدات الأخيرة لطهران قد دفعتهم على الأرجح لتنبي طريقة تفكير إدارة ترامب. وبحسب الباحث فإن الإجراءات الإيرانية الأخيرة ضد ناقلات الشحن ما هي إلا أفعال يائسة لدولة جفت مصادر تمويلها لزعزعة الاستقرار في المنطقة. وعلاوة على ذلك تلعب الاضطرابات الداخلية التي تواجه نظام ملالي طهران دوراً مهماً في هذه القضية؛ إذ يعاني الإيرانيون من انهيار الاقتصاد وتدني مستوى المعيشة بينما تذهب المليارات إلى الخارج لتمويل شبكة وكلاء طهران.

فشل سياسة الاسترضاء
وربما يقود فرض العقوبات في نهاية المطاف إلى أن يحول نظام الملالي انتباهه إلى الشؤون الداخلية، ولكن ما يشهده العالم في الوقت الراهن هو مرحلة جديدة مباشرة بشكل أكبر من القتال الإيراني الذي يستهلك موارد أقل ويعتمد على استجابة سهلة الانقياد من المجتمع الدولي.

ويوضح الباحث أن المزيد من سياسة الاسترضاء لا يجب أن تكون هي الرد على النهج الإيراني الجديد، فقد تمت بالفعل تجربة هذه السياسة وفشلت، ولاتزال العواقب المباشرة المترتبة على ذلك الاسترضاء مستمرة حتى الآن مع استمرار الحوثيين المسلحين إيرانياً في التسبب في الموت والدمار في اليمن، فضلاً عن سيطرة حزب الله على مساحات شاسعة من الأراضي السورية.
ويختتم الباحث بالتأكيد أن التهديد الأمني الذي تشكله إيران بالنسبة إلى الأمن الإقليمي والدولي هو خطر حقيقي وعاجل، وأن محاولة إحياء الاتفاق النووي ليست السبيل على الإطلاق لمواجهة هذا الخطر.