الأربعاء 21 أغسطس 2019 / 16:24

بعد 8 سنوات من الحرب.. كيف يبدو النصر في سوريا؟

على مدى 8 أيام، جاب صحافيو "نيويورك تايمز" العديد من المناطق داخل سوريا، حيث وجدوا الخراب والحزن والكرم. إلا أن أبرز ما كان مفقوداً بعد ثماني سنوات من الحرب الأهلية؟ الشباب والطبقة المتوسطة.

في أولى لحظات الجولة داخل ضواحي مدينة دوما، كان جلياً أن هناك أمراً ما مفقود. كانت النسوة يحملن أكياس المشتريات، والمسنون يجوبون عبر دراجاتهم النارية، والأطفال النحيفون ينقلون غالونات المياه إلى منازلهم.

إلا أنه لم يكن هناك سوى حفنة من الرجال اليافعين.

لقد ماتوا في الحرب أو تم إلقاؤهم في السجن أو باتوا مبعثرين خارج الحدود السورية.



الخراب والانتعاش، حياة غير متساوية
بعد ثماني سنوات من الحرب الأهلية، تسيطر الحكومة السورية على معظم أنحاء البلاد، وبدا يوم أمس الثلاثاء أنها باتت أقرب من أي وقت مضى مسيطرة على إدلب، آخر الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة.

وخلال الزيارة التي قام بها وفد الصحيفة إلى 5 مدن وقرى سورية على مدى 8 أيام في يونيو (حزيران)، كان واضحاً الخراب والكرم والعزاء وحتى أناس يحاولون تمرير الوقت. المعاناة ليست متساوية بين جميع المناطق، حيث حضرت معظمها في المناطق الفقيرة وعلى المناطق التي سبق أن تمت السيطرة عليها من قبل قوات المعارضة أو التنظيمات المسلحة. حتى أن عملية التعافي كانت متقاسمة بشكل متساو.



في العاصمة دمشق، تم بناء مجمع تجاري (مول) بقيمة 310 مليون دولار أمريكي، خلال سنوات الحرب وعلى مسافة ليست ببعيدة عن الجبل الذي استخدمته القوات الحكومية في إطلاق القذائف المدفعية على التنظيمات المعارضة.

في دوما المجاورة، التي كان تحت سيطرة المعارضة في معظم فترة الحرب، الحصول على مياه كان بمثابة طموح بعيد المنال. في اللاذقية، بكت الأمهات تحت صور أبنائهن القتلى. بعد مرور أكثر من عامين على استعادة الأسد لمدينة حلب في الشمال البلاد، بدأت الحركة تعود للمصانع والأسواق القديمة، لكن التيار الكهربائي ينقطع بين الحين والآخر.



ليست البنية التحتية فقط التي تحتاج إلى إعادة بناء. سوريا تفتقد للطبقة الوسطى، فر أعضاؤها أو سقطوا من السلم الاقتصادي. تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من ثمانية من أصل 10 أشخاص يعيشون الآن في الفقر، ويعيشون بأقل من 3.10 دولار في اليوم للشخص الواحد.

وحتى مع عودة النازحين إلى ديارهم، لا يزال الشباب مجبرون على الانخراط في الجيش، أما المنشقون أو المرتبطون بهم فيختفون في السجون المخيفة. لا يزال السكان يفرون من البلاد، على الرغم من أن أعدادهم أقل بكثير مما كانوا عليه في أوجهم.

مع عدم وجود مساعدات حقيقية لإعادة الإعمار، يبذل السوريون ما في وسعهم لإصلاح ثقوب الرصاص في جدرانهم وإطعام أطفالهم والعثور على عمل.

ومع رحيل الكثير من الرجال، تُركت هذه المهمة للمسنين أو لليافعين جداً، وخاصة النساء - بما في ذلك نساء الأسر المحافظة التي تخرج للمرة الأولى إلى العمل.



الأسد في كل مكان
على الرغم من وعود التغيير، لا يزال الرئيس بشار الأسد متواجداً في كل مكان، وعلى كل المداخل، صوره منتشرة في جميع المناطق التي تم إعادة السيطرة عليها.

ليس الأسد وحده من تطغى صوره على المفارق، بل أيضاً صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم حزب الله حسن نصر الله، "في إحدى نقاط التفتيش كان هناك ما لا يقل عن 13 أسداً.. ينظرون جميعهم في زوايا مختلفة.. وكأنها مجموعة ضخمة من آلات التصوير" والعناصر التابعة له كانت متواجدة دائماً خلال جولة الصحيفة الأمريكية.

كيف يبدو النصر؟ ما لا يقل عن نصف مليون قتيل، أكثر من 11 مليوناً تركوا منازلهم. ركام في المدن، أشباح لدى الجيران. مراكز تسوق للبعض، وأسواق محلية صغيرة للآخرين. وعلى الرغم من ذلك، يظهر عنصراً بين الحين والآخر كي يعيد الذاكرة بان سوريا أكبر من مجرد حرب، مهما طالت، ومهما كانت فظيعة.