الأربعاء 21 أغسطس 2019 / 16:34

دمار الصومال.. قطر مرت من هنا

24 - إعداد - أحمد إسكندر

في "القرن الإفريقي" أصبحت التحركات القطرية مكشوفة لاسيما في السنوات الأخيرة، ولم يعد أمامها إلا الصومال المنهكة اقتصادياً ومؤسسياً وأمنياً.

احتياج الصومال إلى التنمية والوقوع تحت ضغوط الإغراءات القطرية اضطرها للموافقة على تلك المشاريع

حاول النظام القطري استغلال أزمات وخلافات دول القرن الأفريقي إلا أن مساعيه التخريبية التي تم كشفها على مدار الأعوام الماضية، من دعم لنظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير والذي يحاكم بالفساد والارتباط بمحاولة الانقلاب الفاشلة في ولاية "أمهرا" الإثيوبية في يونيو (حزيران) الماضي.

إلا الصومال
أبواب دول شرق "القارة السمراء" أغلقت في وجه الحكومة القطرية، ولم يبق لها سوى أراضي الصومال التي تحفل ببيئة سهلة للتوغل، وبسبب ضعف مؤسساتها اقتصادياً وأمنياً، حيث تسعى الدوحة للاستفادة من موقع الصومال الجغرافي المتميز، وتجهيزها لبث سموم الإرهاب والتخريب في دول الإقليم.



فجرت صحيفة "نيويورك تايمز" فضيحة حول دور قطر التخريبي في الصومال، وتورطها بدعم حركة "الشباب" المصنفة إرهابية عالمياً بتدريب عسكري وتوفير الأسلحة والدعم اللوجستي أيضاً، كشفه تسجيل صوتي بين السفير القطري في الصومال حسن بن حمزة بن هاشم، ورجل الأعمال والأمن في الصومال خليفة كايد المهندي، المقرب من أمير قطر الحالي تميم بن حمد آل ثاني.

وأثار الكشف عن فضيحة "نيويورك تايمز" موجة غضب عارمة في الأوساط السياسية والبرلمانية والشعبية الصومالية، ومطالبات للحكومة الفيدرالية بفتح تحقيق شامل وشفاف ومستقل حول الأنشطة التخريبية لقطر.

مشروع "هوبيو"
ويرى خبراء أفارقة في مشروع "هوبيو" هدفاً قطرياً للتوغل في الصومال وإيجاد موطئ قدم لتحقيق مصالح تجارية وسياسية، وأمنية وربما مخابراتية أيضاً.



وقال الباحث السوداني بمركز الخرطوم للدراسات السياسية والاستراتيجية أسامة أبوبكر، في حديث لصحيفة "الاتحاد" الإماراتية إن "منطقة شرق أفريقيا تشهد تنافساً شديداً على هذا الممر المائي الذي يربط شرق العالم بغربه"، وأضاف أن قطر حاولت البحث عن موطئ قدم لها في سواحل شرق أفريقيا، وجدت أن السواحل في جنوب الصومال مثل تنزانيا، كينيا، وغيرها سواحل مأهولة وبها امتداد إقليمي مؤثر، أما السواحل في الشمال مثل السودان، وجيبوتي ففيها العديد من القوى الدولية المؤثرة، ولذلك فإن المنطقة التي تتوفر فيها الفرصة بالنسبة لقطر هي الصومال.

دانت قطر نفسها، من حيث لا تدري، وخطوة الميناء دليل جديد على أنها في مقدمة الدول المؤيدة والراعية للمتطرفين في المنطقة وقصة حركة الشباب الإرهابية الممتدة في الصومال، لا تقل بأي حال عن حكايات التدمير والعمليات الإرهابية التي قامت بها تنظيمات مثل القاعدة وداعش، وكل الفرق المتشددة في الإقليم.

توقف مراقبون عند المغزى الذي جعل التربص مستمراً برعايا دول وعدم الاقتراب من دول أخرى، حتى قدمت الدوحة دليلاً ملموسا، من المرجح أن يكشف ألغاز عمليات جرت وعجزت بعض الجهات عن فك طلاسمها، أو اعتبرتها ضمن لعبة توزيع أدوار داخلية بغيضة، وتثبت في مجملها أن الفوضى في الصومال هدف حيوي تتجاوز مكوناته الصراع التقليدي بينه وبين دول مجاورة له، دخلت في نزاعات حدودية وسياسية طويلة.

وأشار الكاتب في صحيفة "العرب" محمد أبوالفضل إلى أن العالم سيفهم أن توطيد الدوحة لمصالحها في الصومال وتمكينها من ميناء بحري أو غيره، جاء على جثث وأشلاء الكثير من المواطنين والأجانب، ولا تزال الفضيحة التي كشفت محتوياتها "نيويورك تايمز" الشهر الماضي ترخي بظلال سلبية على الدور القطري المشبوه في الصومال.

ولفت أبو الفضل إلى أن قطر تعتقد أنه بالحصول على ميناء الصومال نهاية المطاف أو سيكون كفيلاً بوضع موطئ قدم لها في أي ترتيبات تتعلق بالأمن الإقليمي فهي مخطئة، موضحاً أن المعطيات الراهنة لن تسمح بتجاوز بعض التقديرات العميقة التي تملك مفاتيحها قوى إقليمية ليس من بينها قطر.



لماذا؟

من جهته أوضح الباحث السوداني الجنوبي بالعلوم السياسية بجامعة القاهرة تيكواج بيتر، أن قطر تسعى للتوسع في مواقع استراتيجية جغرافياً، وتُعد الصومال المدخل الرئيس لتحقيق تلك الأهداف. وأضاف أن مساعي قطر للسيطرة على الموانئ والنقل البحري، تأتي تحقيقاً لأهداف مختلفة.

ويرى بيتر أن النظام القطري يعزز من علاقاته مع النظام الصومالي من جانب، والحركات الإرهابية من جانب آخر، حتى يمكنه ذلك مستقبلاً من عقد مفاوضات سياسية بين الجانبين، لتحقيق استقرار داخلي مشروط بالتعاون معها (قطر) فقط.

وقالت الباحثة الإريترية بالشأن الأفريقي ثريا سليمان، إن الصراع في اليمن كان سبباً رئيسياً في التنافس بين العديد من القوى المختلفة على الموانئ بدول شرق أفريقيا على وجه التحديد، لاسيما أن دول تلك المنطقة هي الأقرب جغرافياً لدولة اليمن، باعتبارها الدول المتشاطئة على البحر الأحمر.

ونوهت سليمان إلى أن الصومال شهدت ولا زالت العديد من الصراعات الدموية وعدم الاستقرار الأمني الذي بدوره أثر بالسلب على الوضع الاقتصادي، ومن ثم فإن احتياج الصومال إلى التنمية والوقوع تحت ضغوط الإغراءات القطرية اضطرها للموافقة على تلك المشاريع، ورجحت أن خطوة بناء الميناء سيتبعها مستقبلاً بناء قاعدة عسكرية تحقيقاً لأهدفها بالسيطرة على مواقع بساحلية في الصومال.