الخميس 22 أغسطس 2019 / 12:13

الهيمنة العسكرية الأمريكية... بين الفرضية والواقع

حول أسطورة الهيمنة العسكرية الأمريكية، كتب جوستين لينش، عضو في الحرس الوطني التابع للجيش الأمريكي، ومنتدى رواد الدفاع، في موقع "وور أون ذا روكس"، أنه من الشائع اليوم الحديث عن استراتيجية كبرى، وتتناول عدة مواقع إخبارية وهيئات أبحاث وصحف، هذه القضية بانتظام.

لعبت الولايات المتحدة دوراً مهماً في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ولكنها لم تكن القوة القتالية الرئيسية فيهما

وحسب الكاتب، غالباً ما تجري أحاديث حول خيارات أمريكا الاستراتيجية وحيث يؤمل أن تحدث مزيداً من التأثير، ويبدأ متتخصصون في الشأن العسكري، وأكاديميون على حد سواء في البحث عن فرضيات يعرضونها بشأن الوسائل المتوافرة لأمريكا.

وحسب الكاتب، تشير أحدى الفرضيات الشائعة إلى أن الولايات المتحدة تمتعت منذ عقود بهيمنة عسكرية تقليدية، وقدرة على هزيمة أي خصم في معركة تقليدية. ولكن فرضية الهيمنة العسكرية التاريخية، التي غالباً ما تفهم على أنها حقيقة، تكاد تكون غير معتمدة كلياً على أدلة ذات مغزى.

الهيمنة والأداء
وبرأي كاتب المقال، فيما لا يجادل أحد بقوة الجيش الأمريكي، لا يمكن قياس الهيمنة من خلال الإنفاق العسكري أو حتى التدريبات. ولا يمكن قياس الهيمنة سوى عبر الأداء، ولا يدعم تاريخ الولايات المتحدة رواية الهيمنة العسكرية التقليدية.

ولأن الهيمنة العسكرية الأمريكية التقليدية فرضية أكثر منها حقيقة، على الاستراتيجيين التساؤل عن صلاحيتها وأهميتها بالنسبة للسياسة والاستراتيجية. وإن ثبت أن الرواية الشائعة غير معتمدة، تتغير تحولات الاستراتيجية الأمريكية.

واستمرت الثقة بهيمنة الجيش الأمريكي طوال عشرات السنين. وفي خطاب ألقاه الرئيس السابق باراك أوباما أمام خريجي الأكاديمية البحرية الأمريكية ، قال: "أعدكم بالإبقاء على الهيمنة العسكرية الأمريكية، والحفاظ عليكم كأفضل قوة مقاتلة شهدها العالم".

دروس تاريخية
ويشير الكاتب لتعلم معظم الأمريكيين تاريخ الهيمنة العسكرية الأمريكية. ويدعم ذلك الاعتقاد سردية عن انتصارات في حربين عالميتين، وفي قتال أحادي الجانب في حرب الخليج الأولى، وغزوات سريعة في العراق وأفغانستان".
لكن التاريخ لا يدعم، برأي الكاتب، ذلك الاعتقاد. فقد لعبت الولايات المتحدة دوراً مهماً في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ولكنها لم تكن القوة القتالية الرئيسية في كلا الحربين. وحارب الأمريكيون بشراسة وضحوا وأحدثوا تغييراً أساسياً في كلا الحربين، لكنهم قاتلوا ضمن تحالفات كبيرة ضمت دولاً أخرى.

كما، وحسب الكاتب، لم تكن حرب الخليج الأولى، وللأسف، مؤشراً قوياً على القوة العسكرية الأمريكية، بالمقارنة مع قوى أخرى كبرى. فقد كان الصراع ميالاً بشدة لصالح الولايات المتحدة وحلفائها، لأن الجيش العراقي خاض معظم معاركه في مناطق مفتوحة، وحيث أمكن للجيش الأمريكي استخدام تقنياته بشكل أكبر كفاءة مما كان عليه الحال لو دار القتال في مدن أو غابات.

وعلاوة عليه لم يكن الجيش العراقي ملتزماً بالدفاع عن احتلاله للكويت، لأن عدداً من الجنود العراقيين اعتبروا احتلال الكويت عملاً غير أخلاقي.

عوامل مشابهة
وبرأي الكاتب، لعبت نفس العوامل دورها في غزوتي أفغانستان والعراق في 2001 و 2003. وفيما حققت كلا الحملتين انتصارات باهرة في نواح كثيرة، فقد نفذتا ضد دول صغيرة وفقيرة، وتعطي مؤشرات أفضل بشأن مصير دول فقيرة كتلك عندما تحارب دولاً كبيرة وغنية، عوضاً أن تكون مؤشرات عن القوة العسكرية الأمريكية.

ويعود الكاتب ليؤكد أنه، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تحارب الولايات المتحدة جيوشاً حسنة التدريب أو ذات موارد جيدة. فقد قاتلت الولايات المتحدة ضد كوريا الشمالية والصين وشمال فيتنام وليبيا وإيران وبنما والعراق، ومجموعات متمردة في البلقان وطالبان وداعش، وعدد من التنظيمات المتمردة. وكان الأعداء الوحيدون من ذوي التدريب الجيد هم الفيتناميون والكوريون الشماليون، والعراقيون. وأثناء تلك الصراعات، حاربت الولايات المتحدة ضد قوات أضعف منها بكثير، ولكن لديها سجل متفاوت في القتال ضد خصوم متوسطي القوة.

ورغم كل ما سبق، لا يشكك الكاتب في قوة الجيش الأمريكي، ولا في تضحيات وحرفية الجنود الأمريكيين، أو في استعداد الولايات المتحدة للحرب القادمة. لكنه يدعو للبحث في كيفية استفادة الولايات المتحدة من وسائلها الاقتصادية والديبلوماسية والعسكرية لحماية المصالح القومية في المستقبل.