الخميس 22 أغسطس 2019 / 13:03

استطلاعات الانتخابات الأمريكية...هل تستفيد من أخطاء 2016؟

رأى الكاتب السياسي براين جوندَف أنّ توصيف الأخبار الزائفة محفوظ للشبكات الإعلامية وبعض أبرز الصحف في أمريكا، لكن يمكن أيضاً تطبيقه على استطلاعات الرأي حول الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويذكر في موقع "أمريكان ثينكر" أنّ العديد من شركات استطلاعات الرأي توقعت فوز هيلاري كلينتون سنة 2016 بفارق كبير على ترامب. وأبلغت صحيفة "نيويورك تايمز" قراءها يوم الانتخابات في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) أنّ احتمال فوز كلينتون بالسباق الرئاسي هو 85%.

إذا أجريت دراسة عن آراء الناس بأداء ترامب في دائرة انتخابية ليبيرالية، ستكون أرقام تأييده منخفضة عن 10% في أفضل الأحوال

لم يكن مستطلعو الرأي على خطأ وحسب بل كانوا في حالة إنكار شديد للأحداث التي تكشفت أمامهم ميدانياً. كان معظم مستطلعي الرأي مخطئين سنة 2016، لكنّ توقع شركة راسموسن كان الأقرب إلى النتيجة. وأشار جوندف إلى أنّ مستطلعي الرأي حالياً لم يتعلموا من أخطائهم السابقة وفقاً لما تظهره بعض الإحصاءات الأخيرة. منذ أيام عدة، انتشر في الشبكات الإعلامية عنوان: "استطلاع رأي فوكس نيوز يظهر ترامب خاسراً أمام وورن، ساندرز وهاريس". يضيف الكاتب: "هذا كل شيء، إذاً، انتهى السباق. الرسالة إلى مؤيدي ترامب هو الاستسلام في اليأس وترك قبعات ‘اجلعوا أمريكا عظيمة مجدداً‘ في الخزانة".

الخطأ الأول في المنهجية
يوضح جوندف أنّ فوكس نيوز لم تنفذ الاستطلاع بل طلبته من شركة براون للأبحاث كما هو مذكور في منهجية الاستطلاع. وترتبط قيمة استطلاعات الرأي بقيمة عيناتها. مسح استطلاع فوكس نيوز آراء الناخبين المسجلين، بعكس راسموسن التي تستطلع آراء المقترعين المحتملين. أشارت شبكة سي أن أن إلى أنّ 55% من الناخبين فقط صوتوا سنة 2016. بالتالي، إنّ استطلاع رأي يستفسر توجهات نصف مجموعة لا يتعب نفسه حتى بالتصويت سيكون أقل دقة بكثير من مسح آراء الذين سيصوتون على الأرجح.

انخفاض الثقة
يرتبط الجانب الآخر من أخذ العينات بالميول السياسية لهؤلاء المستطلَعين. على سبيل المثال، إذا أجريت دراسة عن آراء الناس بأداء ترامب في دائرة انتخابية ليبيرالية، ستكون أرقام تأييده منخفضة عن 10% في أفضل الأحوال. أخذ استطلاع فوكس نيوز عينات من الديمقراطيين أكثر ب 8% من عينات الجمهوريين (48 مقابل 40%). إنّ غالبية استطلاعات الرأي التي توقعت فوزاً كبيراً لكلينتون فعلت الأمر نفسه إزاء توزيع العينات سنة 2016، وتتحدث النتائج عن نفسها. لهذا السبب، لا يثق العديد من الجمهوريين باستطلاعات الرأي فيرفضون الإجابة على الأسئلة عبر الهاتف أو يعطون أجوبة خاطئة لتشويه النتائج.

مقارنات
في 16 أغسطس (آب) الحالي، أظهر استطلاع الرأي الرئاسي اليومي لراسموسن أنّ ترامب حظي بثلاث نقاط مئوية أكثر مما حظي به أوباما في اليوم نفسه من الرئاسة: 46 مقابل 43%. وانتُخب أوباما بسهولة لولاية ثانية. يظهر إحصاء غالوب أنّ ترامب يحظى بشعبية تصل إلى 41%، وهو الرقم نفسه الذي كان يحظى به أوباما في السنة الثالثة من رئاسته.

بشكل مثير للاهتمام، كانت شعبية رونالد ريغان عند 43% في سنته الرئاسية الثالثة وانتُخب لولاية ثانية بفارق كبير وفي 49 ولاية. لكن بشكل مناقض، كانت شعبية جورج بوش الأب عند 71% في سنته الثالثة، وخسر إعادة الانتخاب. يعني هذا أنّ لاستطلاعات الرأي قيمة توقعية محدودة.

بين تحليل الاقتصاد والمال

قد تكون المقاييس الأخرى مثل حالة الاقتصاد أكثر أهمية من اتصالات هاتفية عشوائية للناخبين المسجلين. إنّ البطالة المنخفضة بشكل قياسي خصوصاً للنساء والسود والهسبانيين واقتصاداً مزدهراً قد يكونان مؤشراً أفضل إلى آفاق إعادة انتخاب ترامب. بغض النظر عن تحول الإعلام من اتهام ترامب بالتواطؤ مع روسيا إلى اتهامه بالعنصرية والتسيد الأبيض، يشير استطلاع شركة ماريست إلى أنّ 50% من اللاتينيين يدعمون أداء الرئيس الأمريكي. ووفقاً لراسموسن، يدور دعم السود لترامب حول 30% بعدما حصد سنة 2016 دعم 8% من أصواتهم.

من جهة أخرى، إنّ شركة بريدكتيت، المعروفة باسم "سوق الأسهم للسياسات"، لا تعكس استطلاعات الرأي بل قرارات المتداولين الماليين. حين سئل هؤلاء عن هوية الرابح في انتخابات 2020، قال 44% من هؤلاء المستثمرين إنّ ترامب سيربح، مقارنة بإليزابيث وورن (22%) وجو بايدن (18%) وبيرني ساندرز (9%).

تطور كبير عن 2016
بعدما ذكر جوندف أنّه حتى على مستوى الحشود الذي لا يؤخذ به عادة لقياس الدعم السياسي، والذي تفوق فيه على أي مرشح ديموقراطي وفقاً لما أثبته في نيو هامشير، سيكون ترامب سنة 2020 قد اكتسب أربع سنوات من الخبرة. سنة 2016، لم يكن سوى رجل أعمال من دون خلفية سياسية ممتلكاً فقط الطاقة والحماس والكاريزما. وختم الكاتب نفسه أخيراً بأنه إذا واصل مستطلعو الآراء صياغة الرأي العام السياسي بدلاً من نقله كما هو، فسيكونون مخطئين على الأرجح في سنة 2020 كما كانوا سنة 2016.