المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي (أرشيف)
المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي (أرشيف)
الخميس 22 أغسطس 2019 / 15:45

تقرير: الاقتصاد هاجس يؤرق خامنئي

24 - إعداد: ريتا دبابنه

في اجتماع مع الرئيس الإيراني حسن روحاني وحكومته، ركز المرشد الأعلى على القاضايا الاقتصادية الداخلية التي تعاني منها طهران، متجنباً بشكل عام قضايا السياسة الخارجية الرئيسية، مثل التوترات مع الولايات المتحدة أو العلاقات مع أوروبا، قائلاً إن "الاقتصاد والثقافة هما أهم مشكلتين تحتاجان إلى معالجة".

على الرغم من الاقتصاد المفلس والمتعثر والتضخم المرتفع والبطالة والفقر المدقع قال خامنئي إن السنوات الـ40 المقبلة ستكون أفضل

وخلال حديثه مع روحاني ووزراء حكومته، ورئيس التلفزيون الإيراني الرسمي أمس الأربعاء، عرض خامنئي حلوله الخاصة لـ "المشكلتين"، وفق ما أورد موقع "راديو فردا" المعني بالشأن الإيراني.

"مفتاح الحل"!
وكان غياب الهجمات الكلامية الحادة المعتادة ضد الولايات المتحدة وحلفائها في خطابه جديراً بالملاحظة، كما أن خامنئي لم يعالج الفضائح المحلية الأخيرة ولا الغضب الشعبي الواسع ضد النظام.

فاكتفى خامنئي بدعوة إدارة روحاني إلى إيلاء المزيد من الاهتمام للاقتصاد وللإنتاج المحلي، باعتباره "مفتاح حل مشاكل البلاد".

كما نصح خامنئي بتخليص البلاد من اعتمادها على عائدات النفط كمصدر رئيسي للدخل، على الرغم من أنه لم يوضح بالضبط كيفية استبدال عائدات النفط بدخل آخر، علماً بأن النظام الاقتصادي الذي رعاه على مدار 30 عاماً ليس مواتياً للمنافسة الحقيقية أو الاستثمارات الأجنبية.

أوهام خامنئي
وطالب خامنئي كعادته، "بتغيير المواقف تجاه المنتجين الخارجيين، باعتبارهم جزءاً من الحرب الاقتصادية "، مشيراً بذلك إلى العقوبات الأمريكية ضد إيران.

وعلى الرغم من الاقتصاد المفلس والمتعثر، والتضخم المرتفع والبطالة والفقر المدقع، قال خامنئي، إن السنوات الـ40 المقبلة ستكون أفضل.

وطالب المرشد الأعلى أيضاً بـ "التحرك نحو التقدم الاقتصادي كوسيلة لاستعادة العدالة والقضاء على الفقر"، غير مدركاً على ما يبدو لحقيقة أن المؤسسات الغنية تحت رعاية مكتبه، وكذلك الحرس الثوري، تسيطر على ما لا يقل عن 20% من الاقتصاد الإيراني، ما يترك القليل من المساحة للمنتجين والمصنعين من القطاع الخاص للنمو، وفقاً لـ"راديو فردا".

انفتاح الثقافة.. بالقمع
أما في مجال الثقافة، فدعا خامنئي إدارة روحاني إلى "تفتح الأجواء الثقافية"، ويأتي ذلك في الوقت الذي يخلق فيه القضاء الإيراني، الذي يعمل تحت إمرة خامنئي، ووزارة الثقافة، وهي جزء من إدارة روحاني، أكبر قدر من العقبات أمام الأنشطة الثقافية أو المثقفين الإيرانيين بشكل عام.

فبحسب التقرير، كشف نشطاء أن وزارة الثقافة الإيرانية منحت قبل أسبوعين، نحو مليون دولار لشركة خاصة أنشأها عاملون في النظام، لفحص جميع الكتب المنشورة في إيران، وتنفيذ الرقابة نيابة عن الوزارة.

وحينما انتُقدت بسبب الاستعانة بمصادر خارجية للرقابة على الشركات الخاصة، أخبر مسؤول في الوزارة الصحافة في ذلك الوقت، أن الرقابة مسؤولية أساسية للإدارة فحسب.

رقابة وترهيب
ويضيف التقرير، بينما طلب من الحكومة فتح الأجواء الثقافية، طالب خامنئي بـ "مواجهة جادة وذكية" مع "تسلل العدو" و"الهجوم الثقافي ضد المبادئ الدينية والثورية والأخلاقية".

وهذا يعني الدعوة إلى إنفاق المزيد من الأموال للتشويش على الإشارات التلفزيونية من الخارج، ومنع الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، مع التحكم في وسائل الإعلام داخل إيران أيضاً عن طريق الرقابة والترهيب.

وتعد إيران واحدة من أكبر البلدان قمعاً وسجناً للصحافة والصحافيين، وكثيراً ما يتم إدانتها من قبل هيئات مراقبة حرية الإعلام الدولية مثل مراسلون بلا حدود، بسبب الاعتقالات التعسفية وحبس الصحافيين ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي.

خلافات وفساد
وتابع خامنئي "خلال السنوات الأخيرة، كانت الإدارات الإيرانية تعاني من الخلافات التي لم تترك سوى القليل من الوقت للمسؤولين لمتابعة الأولويات". ومع ذلك، لم يذكر بتاتاً أن معظم هذه "الخلافات" كانت نتيجة فساد مالي واسع النطاق وغير خاضع للسيطرة في هيئات الدولة، بما في ذلك السلطة القضائية القوية.

وأشار خامنئي إلى أن إدارة روحاني ما زالت أمامها عامين آخرين "لخدمة الوطن"، ودعا المسؤولين إلى إعطاء الأولوية للمشاكل التي يحتاجون إلى معالجتها، لأن هذه المشاكل تؤثر على شريحة الدخل المنخفض من السكان.

تجاهل الوقائع
وشدد المرشد الأعلى للملالي على أن سهولة الوصول إلى عائدات النفط تسببت في مشاكل طويلة الأمد لإيران وأعاقت تقدمها، قائلاً: "حتى في حالة عدم وجود عقوبات، لا تزال القوى الغربية تسيطر على السوق من خلال التسعير والحد من المشتريات من أجل التأثير على منتجي النفط من خلال ممارسة الضغوط عليهم".

من الواضح جداً كيف تتناقض تصريحات خامنئي مع ما تعيشه إيران في الوقت الراهن من مشكلات اقتصادية جسيمة، إنفاق عسكري ضخم، وإهدار موارد مالية في شن حروب بالوكالة في المنطقة، فضلاً عن سوء الإدارة والفساد وتأثير العقوبات التي جاءت نتيجة سياسة النظام الملالي الخارجية والداخلية على حد سواء.