رؤساء البلديات الذين أقالهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
رؤساء البلديات الذين أقالهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الجمعة 23 أغسطس 2019 / 12:44

إقالة رؤساء بلديات في تركيا... ما الذي تبقى من الديمقراطية؟

تواصل أنقرة مسار نقض النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية التي شهدتها تركيا شهر مارس(آذار) الماضي. في هذا الإطار، كتب النائب التركي السابق أيكان إردمير أنّ ثلاثة رؤساء بلديات ينتمون لحزب الشعوب الديمقراطي أقالتهم الحكومة التركية يوم الإثنين الماضي من مناصبهم بعد أقل من ستة أشهر على توليهم إياها، علماً أنّ ولايتهم تمتد لخمس سنوات.

ع استمرار تآكل الدعم الشعبي للرئيس التركي الإسلاموي، يتكل أردوغان بازدياد على الأساليب القاسية مدمراً ما تبقى من شبه بديمقراطية صناديق الاقتراع في تركيا

وذكر في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي عانى من هزيمة محرجة خلال الانتخابات المحلية في مارس، يواصل تجاهل إرادة الناخبين الأتراك عبر تعيين أمناء مكان رؤساء البلديات المعارضين له.

ممارسة ليست الأولى من نوعها
أدخل أردوغان ممارسة إطاحة رؤساء البلديات المنتخبين للمرة الأولى في سبتمبر (أيلول) 2016، مستفيداً من حال الطوارئ التي أعلنها بعد وقت قصير على الانقلاب الفاشل في تركيا. استهدف الرئيس التركي مع حلفائه القوميين المتطرفين المسؤولين الموالين للحزب الكردي فاستبدلوا 90 من أصل 102 رؤساء بلديات من حزب الشعوب الديمقراطي بأمناء موالين للحكومة.

بعد فترة قصيرة على انتخابات مارس 2019 التي أعطت العديد من العمداء الموالين لحزب الشعوب تفويضاً متجدداً لاستلام مناصبهم، قلبت اللجنة العليا للانتخابات عملية انتخاب 7 من رؤساء البلديات الموالين للحزب نفسه وسلمت مناصبهم للخاسرين من حزب العدالة والتنمية.

اقتحام منازل
يتابع إردمير أنّ ثمة مؤشرات إلى استمرار أردوغان في توسيع سلطته من خلال بلديات أخرى. وذكر رؤساء مشاركون لبلديات واقعة ضمن محافظة كارس المحاذية لأرمينيا أنّ الشرطة اقتحمت منازلهم يوم الاثنين وطابت منهم عبر محاميهم الإدلاء بإفاداتهم. وغرد أحدهم، أيهان بيلجن، أنه سيواجه اتهامات ب "تأسيس وإدارة منظمة مسلحة".

قبل يوم واحد، أشار كاتب عمود موال للحكومة التركية إلى أنّ السلطات قد تطيح 34 عمدة من حزب الشعب الجمهوري العلماني. يمكن أن يشمل ذلك عمدة اسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي خرج فائزاً من إعادة تصويت في يونيو (حزيران) بعدما قام أردوغان، من دون تبرير قانوني، بإلغاء نتائج انتخابات المدينة في مارس.

يحترم إرادة الشعب.. عندما تناسبه
أثار تجاهل أردوغان الصارخ لنتائج الانتخابات انتقاداً متزايداً من أوروبا في حين بقيت الإدارة الأمريكية صامتة. حذر رئيس تجمع السلطات المحلية والإقليمية في مجلس أوروبا أنديرس كناب من أنّ "الاستخدام المفرط للإجراءات القانونية ضد الممثلين المنتخبين محلياً في تركيا ... يقوض بشكل خطر العمل السليم للديموقراطية المحلية".

ودعت الناطقة باسم الاتحاد الأوروبي في الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية مايا كوتسيانتيتش الحكومة التركية "إلى إلغاء الإجراءات التي تمنع عمل الديمقراطية المحلية". أما المقررة الخاصة في البرلمان الأوروبي للشؤون التركية كاتي بيري فقالت إنّ "إرادة الشعب في تركيا ليست محترمة على ما يبدو إلا عندما تخدم حزب العدالة والتنمية الحاكم".

اعتراض داخلي
أضاف إردمير أنّ سعي أردوغان لتوسيع سلطته أثار انتقادات ممن كانوا أقرب المقربين إليه، وهما الرئيس السابق عبدالله غول ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو اللذان يعملان على تأسيس حزبين منشقين عن حزب العدالة والتنمية. في تغريدة حصدت أكثر من 50 ألف ضغط إعجاب، كتب غول أنّ خطوة أردوغان "لم تكن صحيحة بالنسبة إلى ديموقراطيتنا". وغرد داود أوغلو أنّ إقالة رؤساء البلديات من مناصبهم عمل "مناقض لروحية النظام الديموقراطي".

تدمير بقايا الديمقراطية
على الرغم من الانتقادات المتزايدة في الداخل والخارج، يبدو الرئيس التركي غير متأثر بها. استخدمت الشرطة خراطيم المياه والعصي ضد المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشارع اعتراضاً على قراره الأخير، فاعتقلت أكثر من 400 شخص وجرحت ثلاثة نواب من حزب الشعوب الديموقراطي. مع استمرار تآكل الدعم الشعبي للرئيس التركي الإسلاموي، يتكل أردوغان بازدياد على الأساليب القاسية مدمراً ما تبقى من شبه بديمقراطية صناديق الاقتراع في تركيا.