قمة السبع في فرنسا (أرشيف)
قمة السبع في فرنسا (أرشيف)
السبت 24 أغسطس 2019 / 16:15

أبرز التحديات المطروحة على طاولة "السبع الكبار"

يفتتح قادة دول مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى قمة مشحونة في مدينة بياريتس الفرنسية يتابعها بدقة الرأي العام العالمي، الذي ينتظر منهم حلولاً عملية للأزمات التي تهز العالم من الحرب التجارية إلى إيران وحرائق الأمازون.

وأصبحت مدينة بياريتس بمثابة حصن بعدما انتشر فيها أكثر من 13 ألف شرطي ودركي وغادرها السياح، حيث يثير تجمع المعارضين مخاوف من وقوع أعمال عنف.



اختبار للغرب
تمر مجموعة السبع بمرحلة صعبة، فهذا النادي للقوى الليبرالية الكبرى الذي يواجه معارضة لهيمنته من قبل القوى الجديدة يعاني من انقسامات داخلية، خصوصاً منذ انتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة.

وسيحاول الرئيس الفرنسي أن تكون نتائج القمة فعالة عبر دعوة دول أخرى مثل الهند والتحرر من البيان الختامي، وقال "بدلاً من التفاوض على تصريحات سنحاول تحقيق تقدم حول تحالفات بين دول نواياها حسنة".

وكما أنه يأمل بتجنب الإخفاق الذي شهدته القمة الأخيرة في كندا، عندما رفض ترامب البيان الختامي بعدما قام بتوقيعه.



النووي الإيراني
بعد 40 عاماً، تواجه الدول الصناعية الكبرى السبع تراجعاً في التعددية وبروز قوى جديدة مثل الصين ونزعة قومية في قلب الديمقراطيات الغربية.

والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المصمم على طرح نفسه كوسيط في المشهد العالمي المتقلب، لا يفقد الأمل من انتزاع بعض التنازلات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول النووي الإيراني، الملف الأول المتفجر الذي يهدد بإشعال منطقة الشرق الأوسط، وقال "ما آمله من الولايات المتحدة ومن النقاشات على مستوى مجموعة السبع، هو توضيح الاستراتيجية لدفع الإيرانيين إلى التحرك".

وتسعى باريس للحصول على تخفيف العقوبات الأمريكية التي تستهدف النفط الإيراني، مقابل احترام إيران مجدداً للاتفاق وفتح مفاوضات جديدة مع طهران حول برنامجها الباليستي ونفوذها الإقليمي.



حضور روسي
وسيسعى ماكرون الذي تستضيف بلاده هذه السنة قمة مجموعة السبع، الدبلوماسية والليونة لإقناع نظرائه بالاتحاد بدءاً بالعشاء إلى افتتاح القمة اليوم، وحتى المؤتمر الصحافي الختامي بعد ظهر يوم غد الإثنين.

وقال رئيس "مركز تجديد الحوكمة الدولية" (سنتر فور إنترناشونال غوفرنانس إنوفيشون)، روهينتون ميدورا الكندي: "لا تنسوا أن القمة المقبلة ستعقد في الولايات المتحدة في 2020 سنة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بالتالي من مصلحة دونالد ترامب أن تكلل القمة بالنجاح وأن يمهد للقاء المقبل".

وروسيا التي استبعدت من هذه القمة منذ ضمها شبه جزيرة القرم في 2014، قد تكون موضع نقاش أيضاً إذ سيطلب ترامب أن تشارك مجدداً فيها، وقال الثلاثاء الماضي "مشاركة روسيا منطقية أكثر".



جونسون.. نجم القمة
وسيكون هذا اللقاء أول قمة دولية يحضرها بوريس جونسون بصفته رئيساً للحكومة البريطانية، قبل أسابيع من موعد خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر(تشرين الأول) المقبل، وستكون تصريحاته بشأن الخروج من التكتل الأوروبي موضع متابعة دقيقة، لا سيما أنه سيعقد لقاء على انفراد مع ترامب الذي يضاعف التصريحات القاسية بحق الاتحاد.

وقال مصدر دبلوماسي بريطاني أمس الجمعة ”أعرف أن شائعة تفيد أننا سنغير موقفنا بعد اللقاء مع الرئيس الأمريكي، لكنكم لن تروا تغييراً جذرياً في مقاربتنا".

وبدورها، أكدت مديرة مركز دراسات "معهد من أجل الحكومات" برونوين مادوكس، "سنرى ما إذا كان بوريس جونسون قادراً على أن يظهر وجهاً آخر للعالم، غير ذاك الذي أظهره حين كان وزيراً للخارجية"، معتبرةً أنه كان "مخيباً للآمال" في ذلك الدور في إشارة إلى هفواته.

واعتبرت الباحثة في مركز "أوبن يوروب" آنا ناديبايدزي، أن "طبيعة الرسالة التي سيرسلها جونسون لها أهمية كبرى، فهي مؤشر على الاتجاه الذي ستسلكه المملكة المتحدة بعد بريكست"، ويرى مدير مركز "سنتر فور يوبيان ريفورم" شارلز غرانت، أن جونسون "يواجه معضلة" لأنه يوجد حدود لما يريد أن يذهب إليه، خصوصاً بشأن ملف التغير المناخي.



أزمة بريكست
وربما لا تهم بوريس جونسون كل القضايا المطروحة في القمة، بأكثر ما يهمه تنفيذ "بريكست" وعقد اتفاقات تجارية بين بريطانيا وشركائها في العالم بعد خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، التي سيناقش مع رئيسها تفاصيل الاتفاق المحتمل.

وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، الذي زار لندن أخيراً، أعلن أن بريطانيا "في أول الصف لعقد اتفاقية تجارية بعد بريكست".

ومن شأن هكذا اتفاق، بغض النظر عن المستفيد الأكبر منه أن يعزز وضع جونسون داخلياً بخاصة إذا اضطر لخوض انتخابات مبكرة قبل نهاية العام، ولكنه سيجد نفسه أيضاً مضطراً إلى عدم الظهور في القمة، وكأنه ربيب الولايات المتحدة، خاصة وأن الأوروبيين ليسوا على وئام تام مع الرئيس الأمريكي.



رئة الأرض
ومن جهتها، فرضت الحرائق التي تشهدها منذ أيام غابة الأمازون "رئة العالم"، نفسها على جدول أعمال القمة، بعد اتهام الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو بـ"عدم التحرك".

وستكون هذه الكارثة البيئية على جدول أعمال المناقشات في العشاء، الذي سيحضره الرئيسان الفرنسي ماكرون والأمريكي ترامب، والمستشارة الألمانية ميركل ورؤساء الحكومات البريطاني، بوريس جونسون، والإيطالي جوزيبي كونتي والياباني شينزو آبي والكندي جاستن ترودو.

ويريد الرئيس الفرنسي الذي يضع المناخ في صلب مجموعة السبع، الحصول على تعهدات من القادة بمن فيهم ترامب المشكك في النظريات حول البيئة، تمهيداً لقمة الأمم المتحدة للأرض في سبتمبر(أيلول) المقبل.



الحرب التجارية
وفي سياق متصل، استؤنفت بقوة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، التي يمكن أن تؤثر على كل العالم وستكون من أبرز المحاور التي سيتم تداولها في القمة.

وتبادل البلدان فرض رسوم جمركية عقابية، فقد زادت بكين الرسوم على بضائع أمريكية بقيمة 75 مليار دولار رداً على زيادة الولايات المتحدة الرسوم على بضائعها في الأول من أغسطس(آب) الجاري.

وما كان من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلا أن رد بالإعلان عن زيادة جديدة في الرسوم على سلع صينية بقيمة إجمالية تبلغ 550 مليار دولار.



تظاهرات وأعمال عنف
وتخضع كل منطقة بلاد الباسك، وبالتحديد منتجع بياريتس، لإجراءات أمنية مشددة تتمثل بانتشار 13 ألفاً ومئتي شرطي ودركي يدعمهم الجيش.

ويفترض أن تنظم تظاهرة مسموح بها وتضم كل معارضي مجموعة السبع، اليوم، لكن السلطات تخشى وقوع أعمال عنف خصوصاً في مدينة بايونا القريبة من بياريتس، ويقول منظمو التظاهرة التي ستجرى بين أينداي وايرون (إسبانيا)، مشاركة 10 آلاف شخص على الأقل.



وتدفع هذه التغيرات التي شهدها العالم إلى التساؤل عن مستقبل مجموعة السبع الصناعية، وأي دور يمكن أن تلعبه في هذا النظام المتغير الذي يشهد قوى وتكتلات جديدة بينما تعاني قواه التقليدية، على غرار الاتحاد الأوروبي من الانقسامات والضعف، فيما تدفع سياسة ترامب إلى عزلة الولايات المتحدة.

فالأسئلة المطروحة اليوم، هي هل أن التحالفات والقواعد الدولية التي أسهمت في تأسيسها ورعايتها واشنطن يمكن الحفاظ عليها أم أنها إلى زوال نهائي؟ وهل يمكن إحياء النظام الراهن بالرغم من بعض السياسات التي أدت إلى تنفير حلفائه وتشجيع خصومه، البديل الذي ستكشف عنه الأيام القادمة، أم أن كل الجهود لإعادة إحياء النظام الدولي أو إنعاشه ستكون بلا فائدة؟.