(أرشيف)
(أرشيف)
السبت 24 أغسطس 2019 / 16:42

خسارة قطر لعرش الغاز.. تحديات جديدة لنظام الحمدين

تنهال التحديات الاقتصادية بشكل دراماتيكي على دولة قطر في الآونة الأخيرة، خاصةً بعد أن كشفت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، في تقرير حديث، أن الدوحة تتجه نحو خسارة موقعها كأول مصدر للغاز الطبيعي المُسال في العالم، أمام أستراليا، ودخول لاعبين جدد في سوق الغاز الدولية.

وأعلنت أمس الخميس، شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، أن أستراليا ستنتزع من قطر لقبها كأكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم خلال العام المقبل، فيما تعمل أستراليا على زيادة الإنتاج بمجموعة من مشروعات التصدير بمليارات الدولارات.


قطر تخسر
وقالت الحكومة الأسترالية إن أستراليا وقطر واصلتا التنافس على لقب أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم في أول 5 أشهر من 2019، إلا أنها تمكنت من تصدير كميات غاز مسال أكبر من قطر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 وأبريل (نيسان) 2019.

وأوضحت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن أستراليا تخطت بالفعل قطر في قدرة إنتاج الغاز الطبيعي المسال، حيث دفعت المرافق الجديدة الطاقة التصديرية لأستراليا من 2.6 مليار قدم مكعب لليوم في 2011 إلى أكثر من 11.4 مليار قدم مكعب في اليوم عام 2019.


انهيار اقتصادي
ومن هنا، يمكن القول إن الدوحة باتت قاب قوسين أو أكثر من الانهيار الاقتصادي، لعدة أسباب، من ضمنها أنها أعلنت في نهاية 2018 انسحابها من منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" للتفرغ تماماً لتنمية مشاريع الغاز، وهو ما لم يجد نفعاً حتى اللحظة، بل إنه أثر سلباً على صادراتها بحسب البيانات.

ومنذ الأزمة التي تسببت بها في المنطقة، بسبب إصرارها على الاستمرار في سياساتها بدعم الإرهاب وزعزعة استقرار الدول العربية، ما استدعى قطع علاقات أربع دول عربية (الإمارات، والسعودية، والبحرين، ومصر) لها براً وبحراً وجواً عام 2017، يشهد الاقتصاد القطري تراجعاً مستمراً، أدى إلى عجز مالي كبير، وتراجع في سوق الأسهم المحلية.

تأرجح البورصة
ففيما يخص البورصة القطرية، أعلنت السلطات المسؤولة، في يونيو (حزيران) عن عملية تجزئة الأسهم من 10 ريالات إلى ريال واحد فقط، في الوقت الذي تعصف فيه شح السيولة بمبيعات المركبات بشكل حاد، للشهر الثالث على التوالي.


ووفقاً لأحدث البيانات، خسرت بورصة قطر نحو 46.2 مليار ريال قطري (12.7 مليار دولار) من قيمتها السوقية، خلال 17 جلسة من تعاملات مايو (أيار) الماضي، وتراجعت قراءة مؤشر بورصة قطر الرئيسي بنسبة 6.3% خلال تعاملات مايو (أيار)، إلى 9730 نقطة، نزولاً من 10376 في ختام تعاملات أبريل (نيسان)، وهبط مؤشر جميع أسهم العقارات في بورصة قطر، بنسبة تجاوزت 16% خلال تعاملات مايو (أيار)، مقارنة مع نهاية تعاملات أبريل (نيسان)، ليستقر عند 1600.02 نقطة.

عجز كبير
ووفقاً لبيانات حديثة نشرها مصرف قطر المركزي، فإن هناك تصاعداً كبيراً في عجز الموجودات الأجنبية للجهاز المصرفي القطري، المؤلف من البنك المركزي والبنوك العاملة في السوق المحلية، حيث جاء في التقرير أن إجمالي عجز موجودات الجهاز المصرفي في قطر بالعملة الأجنبية 42.8% خلال يونيو (حزيران) الماضي على أساس سنوي.


وبلغ إجمالي قيمة عجز موجودات الجهاز المصرفي في قطر بالعملة الأجنبية حتى يونيو (حزيران) الماضي، وفق البيانات الرسمية نحو 120.7 مليار ريال (33.2 مليار دولار أمريكي)، من أصل 23.23 مليار دولار أمريكي في يونيو (حزيران) 2018، بحسب بيانات مصرف قطر المركزي الرسمية.

مستقبل قاتم
الخبير الاقتصادي البحريني أكبر جعفري، أكد في تصريح صحافي وفق موقع "قطرليكس"، أمس الخميس، أن "استمرار تصاعد العجز المالي في قطر، في ظل عجوزات بوفرة العملة الأجنبية وبنسبة تجاوزت الـ33 مليار دولار، سيتسبب قريباً بحدوث انكماش حاد وخطير في النمو الاقتصادي، سيطال كافة القطاعات الاقتصادية والحيوية".


وقال جعفري، إن "هذا الانكماش المتوقع قريباً، ستكون آثاره تراتبية، بمعنى أن المصرف المركزي القطري ستؤثر سياساته النقدية على المصارف، والمصارف ستؤثر بدورها على توفير حجم السيولة للسوق من النقد الأجنبي، بتأثير سيطال القوة الشرائية للعناصر الاقتصادية المتنوعة في البلد".

وأشار المسؤول البحريني إلى أن "تهاوي عجز الموجودات في الجهاز المصرفي القطري من العملة الأجنبية أخيراً، يحمل دلالات بالغة السوء، مع الحاجة الماسة للحصول على السيولة اللازمة لتمويل النفقات والمشاريع الحكومية التي تشهد تباطؤاً ملحوظاً في التقدم والإنجاز".

فضائح البنوك
من ناحية أخرى، وفيما أعلنت الدوحة شراء بنك "في.تي.بي" لحصة في بنك سكيور القطري، كشف البنك الروسي الأسبوع الماضي، أن استثماره جاء بطلب من السلطات القطرية، ويرجح محللون، تحدثوا لصحيفة "العرب" اللندنية، أن تكون قطر قدمت إغراءات مالية "تحت الطاولة" لضمان استثمار البنك الروسي في محاولة لشراء ثقة المستثمرين المتراجعة بمستقبل الاقتصاد القطري، لافتين إلى أنها "عمدت إلى إجراءات كثيرة مماثلة لتخفيف عزلتها الدولية منذ فرض المقاطعة العربية عليها".


يأتي ذلك ضمن حملات الدعاية الواسعة التي تخوضها المؤسسات القطرية وصندوقها السيادي منذ سنوات، حيث أنفقت خلالها مبالغ طائلة في استثمارات استعراضية لتحسين صورتها في الخارج دون إحراز أي تقدم يذكر، بل إنها الآن باتت أكثر عرضة للتساؤلات والتحقيقات بشأن معاملاتها المشبوهة التي تقدر بمليارات الدولارات لصالح التنظيمات الإرهابية من حماس والإخوان إلى القاعدة وداعش، وصولاً إلى طالبان وحركة الشباب وغيرهم الكثير.

ومن ضمن ملفات الإرهاب والفساد المالي التي تحملها قطر في جعبتها، والتي تخرج يوماً بعد يوم إلى العلن، ملف بنك الريان القطري، الذي فرضت قبل يومين، السلطات البريطانية قيوداً جديدة على خدماته، بعد كشف مصادر قضائية قيامه بتمويل جمعيات ومنظمات مصنفة على لوائح الإرهاب وعمليات غسيل أموال.


مونديال 2022
وفي سياق متصل، يقف تاريخ قطر الملوث بالفضائح، عائقاً أيضاً أمام ملف مونديال 2022، حيث أفاد تقرير لمركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية، في يوليو (تموز)، تقريراً أن توقعات مخاطر تكبد قطر خسائر اقتصادية جراء تنظيم فعاليات المونديال بمفردها في ازدياد مستمر، وذلك لتوقع انخفاض عدد السياح الأجانب خلال شهر المونديال، بالإضافة إلى زيادة احتمال تحديات الأمن.

وحسب التقرير، لن تستطيع قطر الإيفاء بمتطلبات استضافة المونديال مع عدم إيجاد حل للأزمة في الخليج، متوقعاً أن "تؤوي الدوحة وضواحيها على الأرجح إن لم تتشارك معها دول أخرى في احتضان فعاليات كأس العالم 2022 أكثر من متوسط نصف مليون زائر من المتفرجين على امتداد شهر كامل، فضلاً عن آلاف السياح الذين سيقصدون الدوحة خلال الشهر نفسه. وبمقارنة مساحة الدوحة الصغيرة وكثافة الزوار ستكون العاصمة الأكثر اكتظاظاً على مرّ تاريخها، وهو ما سيضاعف التحديات الأمنية والاقتصادي على حد سواء.



ضعف النظام المالي
جاء ذلك بعد موجة من الإضرابات والتظاهرات العمالية شهدتها العاصمة القطرية، ما أدى إلى أعمال شغب نجمت عنها خسائر مادية، في ظل تعتيم إعلامي تام من مختلف وسائل الإعلام القطرية، إلا أن السلطات "الحمدين" علقت أخيراً على هذه الوقائع باعترافها بضعف النظام المالي وشح السيولة، في محاولة تبرير سبب تأخر دفع أجور العمال الأجانب، وهو ما كشف عمق الأزمة المالية والاقتصادية التي تعاني منها الدوحة.

كل هذا يكشف حجم التحديات التي تواجهها قطر التي باتت مرتعاً للإرهاب والفساد، ما أدى بطبيعة الحال إلى عزلة خانقة أثرت وتؤثر سلباً على شعبها الذي يعاني الأمرين بسبب سياسات "الحمدين" الاستفزازية وتعنته اتجاه الدول المقاطعة.