الأحد 25 أغسطس 2019 / 12:15

لماذا يراهن إسلاميو تونس على الانتخابات المقبلة؟

سلّط الكاتب السياسي في صحيفة "أهرام ويكلي" هاني غرابة الضوء على أمل الإسلامويين في تونس بالعودة إلى السلطة عبر الانتخابات المقبلة عقب وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.

يرى الإسلامويون التونسيون هذه الانتخابات كفرصة عظيمة لتأمين السلطة الكاملة في البلاد عبر ترشيح أبرز لكن أكثر مرشحيهم تقدماً في السن، مثل مورو 71 عاماً، والغنوشي 78 عاماً

 وذكر في "المشروع الاستقصائي عن الإرهاب" أنه للمرة الأولى، يملك حزب النهضة الإسلاموي مرشحاً للانتخابات الرئاسية. لحزب النهضة الذي أسسه راشد الغنوشي سنة 1981 صلات بتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي ويتّبع عقيدته.

ينتقدهم ثم يزورهم

شغل عبد الفتاح مورو منصب رئيس المجلس النيابي بالوكالة منذ وفاة السبسي في 25 يوليو (تموز) الماضي وهو اليوم مرشح النهضة لخلافته. حملته لغاية اليوم مبهمة وقد وعد "بخدمة أهداف الأمة وعزتها وكرامتها جنباً إلى جنب مع إخوتي التونسيين. نسعى للحفاظ على الجمهورية ودعم الدولة ومؤسساتها". يقدّم نفسه على أنه "إصلاحي" وينتقد الإخوان لتفريطهم بفرصة حكم مصر لصالح تحقيق هدفهم بتأسيس خلافة إسلامية عالمية.

ويقول: "لن تحصل أبداً! سيكون أفضل لو حلمتم بكيفية لعب دور إيجابي لدولتكم الخاصة". ويشرح غرابة، محلل شؤون التطرف في صحيفة أهرام ويكلي، أنه بغض النظر عن هذا الكلام، حافظ مورو على علاقات مع الزعماء الإسلامويين بمن فيهم داعية الإخوان يوسف القرضاوي الذي زاره في قطر سنة 2015.

الإسلامويون يعرقلون الإصلاحات

غنوشي مرشح اليوم عن أحد المقاعد النيابية في البرلمان. إذا فاز فقد يصبح سريعاً رئيس مجلس النواب. يسمح هذا المنصب لشاغله، وفقاً للقانون التونسي، بأن يصبح رئيساً موقتاً للبلاد في حال فشل الرئيس في أداء واجبه الوطني أو في حال وفاته. قبل وفاته، مثّل السبسي قوة استقرار لتونس بعد اندلاع اضطراب أهلي سنة 2013 أطلقه تداعي الأوضاع الأمنية والاقتصادية واغتيال زعماء معارضين.

بعد سنتين على فوز الحزب الإسلاموي في الانتخابات الأولى التي تلت تنحي الرئيس زين العابدين بن علي عن منصبه، استقال رئيس الوزراء المنتمي إلى النهضة وقد تخلى الحزب عن مناصب وزارية بارزة أخرى. حاول السبسي إطلاق إصلاحات إجتماعية مدنية من بينها المساواة بين الجنسين، لكن النهضة رفضت هذه الأفكار التي فشلت بتجاوز البرلمان.

وفرح بعض الدعاة الإسلامويين بوفاة السبسي ودعوا المسلمين إلى عدم الصلاة على روحه. في هذه الأثناء، يبقى مصير تلك الإصلاحات معلقاً على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة: الأولى في 15 سبتمبر (أيلول) والثانية في 6 أكتوبر (تشرين الأول) بعد أن تم تقديمها من نوفمبر (تشرين الثاني).

من يتقدم الاستطلاعات؟
كانت استطلاعات الرأي متذبذبة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. أظهر استطلاع للرأي أجرته سيغما كونساي أنّ النهضة متقدم على تحالف نداء تونس العلماني ب 36 مقابل 29%. لكن في استطلاع أجري في مايو (أيار)، انخفض دعم النهضة إلى 18%. لم يكن سبب هذا التغير واضحاً لكن النهضة لام شركة الاستطلاع نفسها. وفي إحصاء آخر لشركة إمرود للاستشارات حظي النهضة بدعم 8.6% من المستطلعين فقط.

حزب قلب تونس الجديد الذي يوصف بأنه شعبوي حل أولاً في الاستطلاع وهو يعد بتحرير الاقتصاد والإصلاح الاجتماعي. ونشر وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي رسماً بيانياً لاستطلاع قيل إنه أجري من قبل شركة ستراتيج للاستشارات في سويسرا وهو يظهر تنافساً حاداً مع تقدم الزبيدي يليه مؤسس حزب قلب تونس نبيل القروي، فيما حل رئيس الوزراء يوسف الشاهد رابعاً وعبد الفتاح مورو خامساً. لكن جميع أرقام هؤلاء المرشحين تقع ضمن هامش خطأ 2% وهو هامش معياري في استطلاعات الرأي.

"لا أحتاج لدعم النهضة"
لغاية اليوم، قبلت الهيئة التونسية المستقلة للانتخابات بـ 26 من أصل 96 مرشحاً رئاسياً، وبعضهم بارزون جداً. أسس الشاهد حزباً جديداً في يناير (كانون الثاني) وسماه "تحيا تونس" وهو حزب علماني من يسار الوسط. أول رئيس تونسي ما بعد الثورة، منصف المرزوقي، مرشح أيضاً للانتخابات. في يناير، طالب المرزوقي النهضة بالتحالف معه، وهو المعروف باصطفافه إلى جانب الإسلامويين وقد استضافته الجزيرة التي هاجم عبرها الرباعي المناهض للإرهاب.

استقال الزبيدي من وزارة الدفاع كي يترشح للرئاسة وقد يكون المرشح المدعوم من التونسيين العلمانيين. دعمت الأحزاب العلمانية مثل نداء تونس وآفاق تونس الزبيدي الذي قال: "لا أحتاج دعماً من النهضة وأرفض دعمهم لأننا لا نتقاسم العقائد نفسها". ووعد بفتح الملفات السرية التي تفصل الجهاز الأمني السري للنهضة الذي قتل معارضين سياسيين وفقاً للتقارير.

تحديد مسار تونس
يرى الإسلامويون التونسيون هذه الانتخابات كفرصة عظيمة لتأمين السلطة الكاملة في البلاد عبر ترشيح أبرز لكن أكثر مرشحيهم تقدماً في السن، مثل مورو 71 عاماً، والغنوشي 78 عاماً. بالنظر إلى الانتكاسات والهزائم في دول شرق أوسطية أخرى، مثل مصر والسودان وليبيا ستكون هذه الانتخابات جوهرية للإسلامويين. سنة 2014، فاز النهضة ب 69 مقعداً ونداء تونس بـ 86 من أصل 218 مقعداً وقد استطاع الأخير الحكم بمساعدة أحزاب حليفة. ويرى غرابة أخيراً أنّ مسار تونس، بالاتجاه صوب الإصلاحات أو الحكم الإسلاموي، يكمن في العلميتين الانتخابيتين المقبلتين.