الأحد 25 أغسطس 2019 / 10:17

كيف يمكن استغلال التناحر بين القاعدة وداعش؟

في سياق سعيها للحفاظ على نظام موالٍ للغرب في أفغانستان، قد تستفيد الولايات المتحدة من فرصة متاحة لها فعلياً، من أجل الحد من خسائر بشرية ومادية لحماية المنطقة، وجمع معلومات استخباراتية، عوض مغادرتها، ومن ثم العودة إليها.

القاعدة أقدم وأكثر خبرة من داعش، ولذا هو أكثر خبرة في العمليات الإرهابية، وفي التخطيط على المدى الطويل


ورأى لورنس فرانكلين، مسؤول مكتب إيران في عهد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد، وكولونيل سابق في سلاح الجو الأمريكي في موقع "غيتستون"، أن تنافساً يجري حالياً بين أبرز شبكتين جهاديتين في العالم، القاعدة وداعش، من أجل إقامة خلافة إسلامية دولية. فمع أن هدفهما المتوسط المدى يقوم على استبدال نظام ليبرالي بآخر إسلامي، ولكن أهدافهما المباشرة متباينة.

وفي المدى المنظور، يريد تنظيم القاعدة الضغط على الولايات المتحدة كي تنسحب من المشاركة المباشرة في الشرق الأوسط. ولكن، من جانب آخر، يرغب داعش "بتطهير المنطقة من أنظمة عربية علمانية، ونخب حاكمة فاسدة ومثقفين مسلمين غير ملتزمين بما فيه الكفاية".

تكتيكات واستراتيجيات مختلفة

وحسب كاتب المقال، تختلف أيضاً تكتيكات واستراتيجيات القاعدة عن داعش، وكذلك علاقاتهم مع مسلمين آخرين، وفي معاملتهم لغير المسلمين وأساليبهم في الهداية.

وحسب التقرير الرابع والعشرين لفريق رصد العقوبات والدعم التحليلي، والذي قدم للأمم المتحدة في يوليو( تموز)، يتسم القاعدة بالمرونة والقابلية على التكيف وبأنه أكثر صبراً من داعش.

وهذا أمر منطقي، حسب الكاتب، لأن القاعدة أقدم وأكثر خبرة من داعش، ولذا هو أكثر خبرة في العمليات الإرهابية، وفي التخطيط على المدى الطويل.
ويلفت الكاتب إلى أن معظم قادة القاعدة من الجيل الأكبر سناً من نظرائهم الداعشيين. ويعتبر الكادر الأقدم من القاعدة مقاتلين من العرب الأفغان المخضرمين في الجهاد ضد السوفييت خلال احتلال موسكو لأفغانستان من 1979- 1989. وعلاوة عليه، تدرب معظم قادة القاعدة في معسكرات التنظيم ذاته في أفغانستان. ومنذ مقتل كبار قادة القاعدة، تحول التنظيم إلى شبكة فضفاضة. وقد بدأ القاعدة نفسه هذا التحول بعد مقتل أو اعتقال عدد من قادته في عمليات مكافحة الإرهاب التي تنظمها الولايات المتحدة.

متعصبون رومانسيون
وعلى نقيض ذلك، كما يلفت كاتب المقال، يغلب على مقاتلي داعش كونهم أصغر سناً من عناصر القاعدة، ويمكن معرفة ذلك من خلال عشرات الآلاف من المتطوعين الشباب الأجانب الذين وفدوا، في عام 2015، من أكثر من 100 بلد للقتال إلى جانب التنظيم. ويعتبر عدد كبير من مجندي داعش متعصبين رومانسيين مستعدين، دون تردد، للتضحية بأنفسهم لقتل آخرين. وليس هؤلاء، عموماً، متعلمين أو متطورين كنظرائهم في القاعدة، ويبدون أقل تسامحاً مع مسلمين غير ملتزمين بالجهاد مثلهم.

كما يتجاهل معظم أنصار داعش الأمر القرآني الذي يحض على السماح "كفار" من الذين تعهدوا بدفع الجزية بالبقاء ضمن المجتمع المسلم، وحتى لو قبلوا بأن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية. وخير مثال على ذلك، عندما أجبر مقاتلو داعش مسيحيين عراقيين، من الذين عاشوا في وادي نينوى على الهرب إلى كردستان العراق، أو التعرض للقتل.

تحالف وثيق
وتظهر صراعات داخل المجتمع الجهادي في أفغانستان وغرب أفريقيا وتونس وإندونيسيا المسارات المتباينة بين القاعدة وداعش.

وتعتبر حركة طالبان في أفغانستان من العناصر الرئيسية لهذا النزاع. فالحركة تدعي بأنه حال انسحاب القوات الأمريكية من بلدهم الممزق بسبب الحرب، سوف تكون قادرة، نسبة لاستمرار تحالفها الوثيق مع القاعدة، على إلحاق الهزيمة بداعش.

لكن هناك عقبة كبيرة عقبة على هذا الطريق، لأن تحالف طالبان – القاعدة يواجه اليوم بازدياد تحدياً من قبل قوات قوية تابعة لداعش منتشرة في عدة أقاليم أفغانية. وعلاوة عليه، انشق عن طالبان عدد من المتمردين أو مقاتلون متشددون يعارضون المفاوضات الجارية مع أمريكا، وانضموا إلى داعش.

كما ينشط القاعدة في شمال أفريقيا، وله خلايا نائمة في نيجيريا والنيجر وتونس. وقد وفرت الحرب الأهلية السورية التي بدأت قبل ثماني سنوات، وخاصة بعد تقويض خلافة داعش، للقاعدة حافزاً ليثبت أنه قوة مقاومة أكثر ديمومة في محاربة "النظام السوري المرتد".

ويبدو حسب الكاتب، أن وحشية إرهابيي داعش ساهمت في سقوط خلافته. ولا يمكن التقليل من أهمية سيطرة القاعدة على محافظة إدلب التي تضم مناطق قريبة من اللاذقية حيث لروسيا منشآت بحرية وجوية منذ عشرات الأعوام. وقد أعطى هذا دعماً لصورة تنظيم القاعدة وسط متمردين سوريين خاصة عندما يقارنونه بانهيار داعش في الرقة.

وهكذا يخلص الكاتب بالتأكيد على أنه، في منطقة مضطربة كهذه، وحيث لا يزال من غير الواضح من له الكلمة العليا، من الحكمة الاحتفاظ بوجود عسكري أمريكي متواضع عوض سحب جميع القوات. وإن التخلي كلية على المنطقة، كما تخلى أوباما عن سوريا والعراق، ومن ثم وجدها تكتسح من قبل مجموعات إرهابية، سيكون خطأ كارثياً.