إيرانيون يحرقون علماً إسرائيلياً في يوم القدس في طهران
إيرانيون يحرقون علماً إسرائيلياً في يوم القدس في طهران
الإثنين 26 أغسطس 2019 / 14:36

هآرتس: لماذا تخاطر إيران بتصعيد كبير مع إسرائيل؟

كتب انشيل فايفر، مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية"، أن إسرائيل منعت ملالي طهران من بناء قواعد عسكرية لشن هجمات ضدها، ولكنها أخفقت في طرد الإيرانيين من سوريا، لافتاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتزم إبقاء الوضع على هذا النحو.

إسرائيل وإيران في مأزق الآن بسوريا، فقد نجحت إيران في إبقاء الأسد في السلطة ولكن خطتها لتحويل سوريا إلى قاعدة أخرى لعملياتها بالوكالة (مثلما فعلت في لبنان والعراق واليمن) قد أُحبطت حتى الآن

ويُشير المراسل إلى أن خطة إيران لإطلاق سرب من المقاتلات المسيرة من سوريا باتجاه أهداف إسرائيلية، التي أحبطتها قوات الدفاع الإسرائيلية ليلة السبت الماضي، لم تكن غير مسبوقة.

التصعيد المباشر مع إسرائيل
وخلال الأشهر التسعة عشر الأخيرة، كانت هناك أربع محاولات على الأقل من قبل إيران أو وكلائها من الميليشيات لإطلاق مقاتلات مسيرة أو صواريخ على إسرائيل، وذلك بداية من الطائرة المسيرة التي أسقطتها مروحية أباتشي الإسرائيلية بعد لحظات من عبورها الحدود في فبراير (شباط) 2018.

ويعتبر المراسل أن التصعيد الأخير ينطوي على أمر مختلف يتمثل في أن مستوى استعداد إيران يبدو أعلى من الماضي، وعلى الأرجح أن قرار القيادة العليا للحرس الثوري الإيراني بشن الهجوم يرتبط بصورة مباشرة برغبة إيران في الرد على الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل ضد الميليشيات التي تدعمها إيران في العراق.

ولكن اللافت للنظر أيضاً، بحسب المراسل، أن إسرائيل اعترفت بسرعة بمسؤوليتها عن هذه الضربات الخاصة، سواء في إحاطات مفصلة من وحدة المتحدثين باسم جيش الدفاع الإسرائيلي وكذلك في تصريحات متزامنة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وبينما كانت معظم الهجمات غير المعلنة تستهدف تهديدات مستقبلية، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي أعلن أن الضربة الأخيرة حالت دون وقوع هجوم فوري على إسرائيل.

تحول إستراتيجي
ويقول المراسل: "وبالمصادفة، يواجه نتانياهو انتخابات حاسمة خلال ثلاثة أسابيع. وقبل انتخابات إبريل (نيسان)، أبدى نتانياهو استعداداً مماثلاً لشن ضربات في سوريا. وعلى الرغم من العداء الشديد للدولة اليهودية منذ قرابة أربعة عقود، فقد تجنب ملالي إيران المواجهة العسكرية المباشرة مع إسرائيل، وبدلاً من ذلك استخدمت إيران الوكلاء".

ويرى مراسل "هآرتس" أن التحول الإستراتيجي منذ شهر فبراير(شباط) 2018 نحو المشاركة الفعالة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في الهجمات يرجع إلى عدة عوامل بعضها ناتج عن السياسات الإيرانية الداخلية والرغبة في تسجيل انتصارات دعائية، وبخاصة أنه إذا نجح بعض الطائرات المسيرة في استهداف إسرائيل، فإن تأثير ذلك سيكون هائلاً على الوعي العام الإسرائيلي والإيراني، رغم أن الضرر سيكون طفيفاً نسبياً لأن تلك الطائرات لا يمكنها حمل سوى بضعة كيلوغرامات من المتفجرات.

ويضيف المراسل أن السبب الآخر لرغبة الحرس الثوري الإيراني في المخاطرة العالية والالتزام بتصعيد كبير مع إسرائيل يتمثل في إحباط ملالي طهران من اعتراض إسرائيل الناجح على خطتهم لإقامة وجود عسكري إيراني دائم في سوريا، بما في ذلك التهديد الذي يشكله هذا الوجود على قلب إسرائيل.

لعبة بوتين
ويوضح المراسل أن إسرائيل حققت بالفعل نجاحاً كبيراً على مستوى الاستخبارات في اكتشاف محاولات إيران وكذلك من الناحية العملية نجحت في مهاجمة الأصول الإيرانية في سوريا وتدميرها من خلال مئات الغارات، والتي ظل معظمها غير معترف به.

ويؤكد المراسل على أن إسرائيل نجحت في إحباط خطط الهجوم الإيراني ومنع إنشاء قواعد طويلة الأجل على الأراضي السورية، ولكنها فشلت في تحقيق الهدف الشامل المتمثل في إنهاء كل الوجود العسكري الإيراني في البلاد. وكان يجب تحقيق ذلك جزئياً من خلال ضغط من روسيا (والولايات المتحدة)، ولكن يبدو أن بوتين يلعب لعبة أكثر تعقيداً في سوريا.

ومنذ التدخل الروسي في سوريا، تشاركت روسيا مع إيران في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بيد أنها في الوقت نفسه لم تتخذ إجراءات لمنع إسرائيل من مهاجمة الأصول الإيرانية هناك. وتمثل الاتفاق غير المعلن بين نتانياهو وبوتين في أنه يمكن لإسرائيل ملاحقة قدرات إيران الهجومية عندما تهدد إسرائيل.

مأزق إيران وإسرائيل
ولكن، بحسب المراسل، بقيت القوات التي جمعتها إيران في سوريا على حالها، وخاصة مقاتلو حزب الله وأعضاء الميليشيات الشيعية والعراقية والباكستانية المدربين في إيران. وترغب روسيا في بقاء القوات البرية الشيعية حتى لا تضطر إلى المخاطرة بالعديد من الجنود الروس.

ويلفت المراسل إلى أنه في العديد من المراحل خلال الحرب السورية التي اندلعت في 2011، طالبت بعض المؤسسات الأمنية الإسرائيلية بشن هجمات ضد قوات نظام الأسد التي قتلت مئات الآلاف من السوريين، ولكن نتانياهو عمد إلى تحديد نطاق عمليات إسرائيل في سوريا بحيث يكون قاصراً على ضرب الأهداف التي تشكل تهديداً لإسرائيل، وباتت هذه السياسة أكثر تشدداً مع وصول القوات الروسية إلى سوريا.

ويختتم مقال "هآرتس" بأن إسرائيل وإيران في مأزق الآن بسوريا، فقد نجحت إيران في إبقاء الأسد في السلطة ولكن خطتها لتحويل سوريا إلى قاعدة أخرى لعملياتها بالوكالة (مثلما فعلت في لبنان والعراق واليمن) قد أُحبطت حتى الآن. ولكن لايزال عشرات الآف المقاتلين الشيعة في سوريا تحت سيطرة إيران المباشرة، وأثبتت أحداث ليلة السبت الماضي أن محاولات إيران في استخدام سوريا كمنصة لشن هجمات ضد إسرائيل ستستمر.