الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أرشيف)
الإثنين 26 أغسطس 2019 / 20:37

صفقة ترامب نتانياهو... قبل الانتخابات الإسرائيلية أم بعدها؟

لا أحد يعرف يعرف موعداً لإعلان الخطة الأمريكية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي تعرف باسم "صفقة القرن"، ليس لأن الخطة شديدة السرية، فقد تسرب معظم محتواها ونُشر في وسائل الإعلام، وليس تجنباً لمفاجآت رفضها من الفلسطينيين، فقد تم التعبير عن هذا الرفض حتى قبل انكشاف خطوطها العريضة.

صفقة ترامب – نتنياهو يتحدد مصيرها بعد الانتخابات في إسرائيل وأمريكا، وليس قبل ذلك

واقع الأمر أن الأمريكيين أعلنوا عن وجود الخطة أو المشروع قبل إعداده وصياغة تفاصيله، وكانوا يطمحون لردود فعل فلسطينية وعربية مغايرة لما أعان في رام الله، وعمان، والقاهرة، حيث أكدت الأطراف الفاعلة والمؤثرة، تمسكها بثوابت أراد الأمريكيون القفز عنها.

وإذا كان هناك من يقول إن الخطة جاهزة وقد بدأ تنفيذها بالفعل من خلال الاعتراف الأمريكي بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، ومن خلال الإعتراف بضم الجولان السوري المحتل، فإن ما جرى في هذا السياق يترجم توجه الإدارة الأمريكية الحالية والتحامها بالمشروع الإسرائيلي وتبنيه بالكامل، ولا يُمكن النظر إلى هذه الإجراءات باعتبارها جزءاً من خطة شاملة للحل، أو بنوداً في صفقة كبرى بين العرب وإسرائيل، بل هي إجراءات تؤسس لفرض وقائع جديدة على الأرض، تنطلق منها الخطة الأمريكية وتقوم على أساسها، وهي جزء من صفقة بين اليمين الأمريكي ونظيره الإسرائيلي، أو بين دونالد ترامب وبنيامين نتانياهو.

لا أحد يعرف موعداً لإعلان الخطة الأمريكية التي يُفترض أن يعلنها سيد البيت الأبيض، بل إن ترامب نفسه لا يعرف موعداً لإعلان الخطة، بدليل التناقض في تصريحاته عنها، فهو الذي قال قبل أيام إن واشنطن ستكشف عن خطتها بعد الانتخابات الإسرائيلية، وهو الذي يعلن اليوم أن هذا الإعلان قد يسبق الانتخابات، وربما يعود بعد أيام ليعلن تأجيل الإعلان عن الصفقة التي يجهد نسيبه جاريد كوشنر في محاولة ترويجها والضغط على الأطراف المختلفة لقبولها دون الإعلان عن تفاصيلها!

هل هو تردد أم محاولة لكسب المزيد من الوقت وتحقيق أكبر قدر من الضغط على الفلسطينيين والعرب من أجل توريطهم في مشروع تمكين إسرائيل في المنطقة؟!

واقع الأمر أن واشنطن مترددة، ليس في تحديد محتوى الخطة، ولكن في توقيت الإعلان عنها، خاصة وأن نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة لم تكن مرضية للإدارة الأمريكية التي لا تجد شريكاً في تل أبيب غير نتانياهو. كما أن ما يتسرب من معطيات حول الضغوط الأمريكية على عواصم القرار العربي يؤكد أن الإدارة اليمينية الأمريكية تستغل فترة الانتظار بكل ما فيها من ضبابية وتشتت لتضغط على الفلسطينيين والعرب بوسائلها المعروفة، والتي لا تنحصر في الضغط المالي والحصار الاقتصادي وتجويع الفلسطينيين، بل تتمثل أيضاً في توجيه الرسائل الصعبة إلى العواصم العربية وتحذيرها من أثمان رفض المشروع الأمريكي.

في المقابل فإن الانتخابات الإسرائيلية مقبلة، وكذلك الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولا يقين لدى أي من الحليفين، ترامب ونتانياهو، بالقدرة على البقاء في الحكم. فإذا سقط ترامب فإن صفقته ستسقط معه، وإذا عجز نتانياهو عن تشكيل حكومة ليكودية فإن جذب الأطراف الأخرى للمشاركة في حكومة ائتلافية يفرض عليه شروطاً قد تحول دون قبول الصفقة، لأن شركاءه بالضرورة سيكونون أكثر منه تطرفاً في اليمين.

هي إذن لعبة شخصين، وصفقة بينهما، وهو رهان غير موثوق النهايات على نجاحهما في المضي إلى آخر الطريق في هذا المشروع، لأن كلا منهما يواجه ملفات داخلية صعبة واتهامات تصل حد الفضيحة الشخصية.
صفقة ترامب – نتنياهو يتحدد مصيرها بعد الانتخابات في إسرائيل وأمريكا، وليس قبل ذلك.