الثلاثاء 27 أغسطس 2019 / 16:33

كيف استفاقت تركيا على واقع مخيب لآمالها في إدلب؟

كتب وزير الخارجية التركي الأسبق والعضو المؤسس لحزب العدالة والتنمية يشار ياكش أنّ سيطرة القوات السورية على خان شيخون في شمال غرب حلب قد يغير أجندة العلاقات الروسية-التركية.

الإشارة إلى تطبيق اتفاق سوتشي قد يكون رسالة حول فشل تركيا في تحقيق وعدها بسحب سلاح المعارضة

بعد التوقيع على اتفاق سوتشي في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي من أجل تأجيل هجوم الأسد في مقابل تأسيس منطقة منزوعة السلاح بعرض 15 إلى 20 كيلومتراً ونزع سلاح جميع المجموعات المتطرفة، كان معلوماً أنّ قوات الأسد ستتحول في نهاية المطاف إلى إدلب بعدما هزمت المعارضة في معظم البلاد. وذكر ياكش في صحيفة "ذي اراب نيوز" أنّه حين بدأت القوات السورية بشن هجوم على مركز خان شيخون، ظنت أنقرة أنّ أمن نقطة مراقبتها في مورك كان مهدداً فقررت إرسال تعزيزات.

استياء روسي وإحباط تركي
أعلنت الحكومة السورية أنّ التعزيزات هدفت إلى مساعدة إرهابيي هيئة تحرير الشام في خان شيخون. هاجمت القافلة الأسبوع الماضي وقتلت ثلاثة أشخاص من بينهم حسين قاسم، قائد فيلق الشام المدعوم من تركيا. انتقد الإعلام التركي روسيا بسبب عدم فعلها ما يكفي لمنع القوة الجوية السورية من قصف القافلة. في الواقع، لم تمتنع موسكو عن وقف الهجوم وحسب بل دعمته أيضاً.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "قبل التوقيع على اتفاق إدلب، كانت حوالي 50% من تلك الأراضي تحت السيطرة الإرهابية، واليوم ذلك الرقم هو 90%. كان هنالك أيضاً العديد من المحاولات لمهاجمة قاعدتنا في حميميم من منطقة إدلب، لذلك ندعم جهود الجيش السوري لشن عمليات محلية لتحييد هذه التهديدات الإرهابية". إنّ استياء روسيا من الموقف التركي يكاد يكون غير مخفي في هذا البيان. كانت تركيا محبطة من هذا التطور بسبب اختلاف مقاربتها لاتفاق سوتشي عن مقاربة روسيا على الأرجح.

النظرة الروسية
بالنسبة إلى روسيا، كانت خلفية اتفاق سوتشي كالتالي: حين كان الجيش السوري على وشك إطلاق عملية عسكرية في إدلب، طلبت تركيا من روسيا إقناع الحكومة السورية بتأجيلها، آملة بإقناع بعض مجموعات المعارضة المعتدلة بإلقاء سلاحها. تدخلت روسيا لصالح التأجيل لأنها ظنت أنّ قلق تركيا من موجة لجوء كبيرة كان مبرراً.

ثانياً، وبحسب ياكش، إذا أمكن تركيا أن تقنع بعض الفصائل المسلحة بإلقاء سلاحها، كان سيصبح ذلك قيمة إضافية للاستقرار. من جهة ثانية، اعتبرت روسيا بعض المجموعات المرتبطة بهيئة تحرير الشام أهدافاً مشروعة، لكنّ تركيا لم تفعل ذلك. من هنا، لم تكن روسيا تريد مواصلة الضغط على دمشق لتأجيل إضافي للعملية العسكرية في إدلب. كان ذلك لبّ التفاهم في سوتشي وفقاً لروسيا.

ماذا عن النظرة التركية؟
تبدو قراءة تركيا للاتفاق نفسه مختلفة قليلاً. ظنت أنقرة أنّ تأجيل سوريا للعملية العسكرية في إدلب كان سيطول أكثر. من هنا، نظرت إلى الاتفاقية كأساس للبقاء التركي المطول في إدلب.استفاقت تركيا على الواقع بعد مهاجمة قافلتها.
كذلك، برزت مصادفة أخرى لافتة للنظر وهي أنّ هذه الضربة أتت بعد أسابيع من رفض تركيا الضغط الأمريكي على عملية شرائها منظومة أس-400 الروسية، أي بعبارة أخرى، عند اصطدام العلاقات التركية-الأمريكية بمستوى متدنٍّ. كانت النقطة الخلافية الأخرى مع الولايات المتحدة مسألة المنطقة الآمنة في شمال شرق سوريا. تم اتخاذ خطوة ملموسة هنالك، لكن ذات آفاق غير مؤكدة. بالاستناد إلى كيفية تقدم هذا الموضوع، قد يكون على أنقرة إعادة تقويم تعاونها مع روسيا في إدلب.

رسالة عن فشل تركيا
بحسب ياكش، من المرجح أن يستمر هذا المسار على ضوء المبادرات العسكرية التي ستتخذها الحكومة السورية – مع أو من دون الموفقة الضمنية من موسكو – وردّ تركيا عليها. تمت إثارة هذا السؤال من قبل أردوغان خلال محادثته الهاتفية مع بوتين الأسبوع الماضي. قال الكرملين: "اتفق الطرفان على إلغاء تهديد الإرهاب وتعزيز جهودهما المشتركة لتطبيق مذكرة سوتشي". تقترح هذه اللهجة إلى أنّ الطرفين أبقيا على موقفهما.

إنّ الإشارة إلى تطبيق اتفاق سوتشي قد يكون رسالة حول فشل تركيا في تحقيق وعدها بسحب سلاح المعارضة. ستصدر تفاصيل إضافية حول أمن نقاط المراقبة التركية حين يزور أردوغان روسيا، لكن إذا قضى النظام الروسي على وجود الثوار في إدلب، فمراكز المراقبة التركية التي كان من المفترض أن تراقب فض النزاع قد تخسر أهميتها.