شعار الإخوان المسلمين.(أرشيف)
شعار الإخوان المسلمين.(أرشيف)
الجمعة 30 أغسطس 2019 / 15:14

كيف يوفر إعلان "موت الإسلام السياسي" خدمة للمجموعات الإخوانية؟

في مقالها على موقع "المغربية"، انتقدت الصحافية الإيطالية سعاد سباعي ما أعلنه المحلل السياسي الفرنسي والبروفسور في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا أوليفييه روي خلال لقاء حول حوار الأديان والثقافات في ريميني الإيطالية.

هذا الهايدرا (وحش أسطوري إغريقي عبارة عن تنين برؤوس عدّة) سيبقى حياً طالما أنّ هنالك دولاً مارقة تقودها قيادة إسلاموية إلى جانب مفكرين غربيين يؤمّنون، عن وعي أو غير وعي، قوة حيوية له

وقال روي: "مات الإسلام السياسي". تتساءل سباعي عن صحة هذا القول وعما إذا كان الجهاد قد مات معه أيضاً، قبل أن تشير إلى ضرورة توجيه هذه الأسئلة مباشرة إلى هؤلاء الذين يجسدون الإسلام السياسي، أي "الإخوان" الإرهابيون بمذهبيهم السني والشيعي.

"شكراً لكم"
"بِمَ قد يجيب أردوغان، أمراء قطر، شيخ الفتنة القرضاوي والمرشد الأعلى لإيران الخمينية علي خامنئي؟ بمَ قد يردّ حزب الله، الحوثيون ومتشددو جماعة الإخوان الإرهابية وشبكاتهم العابرة للأوطان (التي تجد في اسطنبول، الدوحة وطهران النقاط المرجعية الأساسية للخلافة التي ستعود يوماً)؟". تكتب سباعي أنّ الجواب سيكون "شكراً لكم"، شكراً عظيماً وصادقاً.

في الواقع، إنّ إعلان نهاية الإسلام السياسي يساوي إخفاء التهديد الحالي للسلام والأمن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولحقوق الإنسان في المنطقة. إنّه حافز لطموحات "الإخوان" الذين وعلى الرغم من الإخفاقات في الربيع العربي، لم يتخلوا مطلقاً عن هدف الاستيلاء على السلطة من أجل تأسيس ديكتاتوريات متطرفة عبر عمليات الإطاحة بالأنظمة والانتخابات الديموقراطية.

حافز آخر
علاوة على ذلك، إنّ إعلان نهاية الإسلام السياسي هو حافز آخر لجماعة لإخوان الإرهابية، كي يستمروا في طريقة عملهم التي تبنوها حتى اليوم في أوروبا ومن ضمنها إيطاليا، حيث من الأسهل طبيعياً تعزيز الأجندة المتطرفة بما أنّ المساجد والمراكز الإسلامية والأئمة الممولين من قطر لا يُعترف بهم كمنتمين للإخوان بل يتم وصفهم بأنهم مسلمون معتدلون. ويؤكد ذلك كتاب "أوراق قطر". تتساءل سباعي أيضاً عما إذا كان يجدر بالمراقبين التوقف عن الاهتمام بالأشخاص الذين تجذر التطرف في نفوسهم بسبب الهزيمة الميدانية التي لحقت بالقاعدة وداعش ولأنه بقي فقط بعض المقاتلين المرتبطين بنزاعات محلية كما يقترح روي.

ليست شهادة وفاة على الإطلاق
تناقض رؤية المحلل السياسي الفرنسي أحدث تحذير أطلقته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والذي سلط الضوء على حقيقة مختلفة جداً عن رؤيته. في الواقع، إنّ مسار زرع التطرف والتجنيد لا يتوقف عن التقدم على الشبكة العنكبوتية وفي السجون وهذا مؤشر إلى حيوية الشبكات الأيديولوجية والجهادية.

إنّ عدم تحقيق الإسلام السياسي أهدافه حتى اليوم ليس بأي شكل من الأشكال شهادة على وفاته. إنّ الإخفاقات خلال وبعد الربيع العربي هي جزء من تلك الطريق إلى الخلافة التي يقول "الإخوان" والمجموعات الجهادية إنها ستكون مليئة بالعقبات والظروف غير المؤاتية، لكن أيضاً بالفرص المناسبة التي هم على استعداد للاستفادة منها.

التحرر من وحش الإخوان
إنّ الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى الذي تحدث خلال اجتماع ريميني مباشرة بعد روي، هو على دراية واضحة بهذا الواقع. كوزير سابق للعدل، يأتي العيسى من منطقة الخليج التي عانت من التأثير المؤذي للإسلام السياسي. وتشير سباعي في الختام إلى أنّ ما يواجه الرباعي المناهض للإرهاب (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) من نزاع مع قطر يمثل محاولة العالم العربي لتحرير نفسه مرة واحدة وإلى الأبد من هايدرا الإخوان.

هذا الهايدرا (وحش أسطوري إغريقي عبارة عن تنين برؤوس عدّة) سيبقى حياً طالما أنّ هنالك دولاً مارقة تقودها قيادة إسلاموية إلى جانب مفكرين غربيين يؤمّنون، عن وعي أو غير وعي، قوة حيوية له حين يعلنون موت الإسلام السياسي.