من مخلفات حرب 1973.(أرشيف)
من مخلفات حرب 1973.(أرشيف)
الجمعة 6 سبتمبر 2019 / 21:23

الأسد الأب و"وادي الدموع "!

هذا المسلسل يعيد من جديد انتاج السؤال المهم حول دور النظام السوري في تعميق الأزمات العربية – العربية

الكتابة التاريخية بصورة عامة و"المذكرات السياسية" بصورة خاصة لها نسقها الفني والمهني الخاص بها، وتحديداً ما يتعلق بالمضمون والمحتوى، حيث تصبح هذه الكتابة فارغة وعديمة القيمة عندما لا تقدم للقارئ أو المثقف أو الدارس المختص المعلومات الجديدة التي تثير وتستفز عقله وتحفزه على زيادة البحث بل والتحقق والتحري للوصول قدر المستطاع لما هو الأقرب إلى الحقيقة.

عدوى كتابة المذكرات أصابتنا في الأردن خلال هذا العام والذي سبقه، وهي عدوى حميدة بكل الأحوال وتعمل على تأسيس حراك فكري وثقافي يصب في نهاية المطاف في "خزين الأردن" الثقافي والتاريخي والسياسي وكذلك الحال في أي بلد عربي آخر، إلا أن ما كتب ونشر مؤخراً من قبل بعض السياسيين الأردنيين لم يقدم "للمكتبة التاريخية" أية إضافة نوعية ذات قيمة وهو أمر يبعث على الأسف، لكنه في ذات الوقت يشجع على رياضة البحث والتحري.

في عز هذا الوضع العربي والأردني يُفاجئنا "العقل الاسرائيلي" بالتحقق من قضية خطيرة جدا كانت ومازالت لغزاً في حياتنا السياسية وتحديداً في موضوع الصراع مع اسرائيل والحرب (في الجولان وعليه ) ومن هزم ومن انتصر؟ وكيف سارت الأمور في خضم المعركة؟.

فقد أنجز الإسرائيليون برنامجاً تلفزيونياً من ثماني حلقات يعد الأكثر تكلفة في تاريخ الدراما التلفزيونية بلغت قيمة انتاجه 8 مليون دولار، أي مليون دولار للحلقة، وكتبه أهم كاتبي دراما في اسرائيل وهما رون ليشام، وعميت كوهين. والمسلسل يتناول بشكل خاص ومحدد ما جرى في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 في هضبة الجولان وفي المنطقة المسماة بالعبرية "عمق هابخا" وبالعربية "تل المخافي" وبالاستناد لشهادات ثلاث شخصيات عسكرية اسرائيلية خاضت غمار تلك الحرب.

ووفق وسائل اعلام اسرائيلية وسورية معارضة وعربية محايدة، كان الترويج للمسلسل تحت عنوان مثير للغاية ألا وهو: هل سيجعل نظام الأسد يضع يده على قلبه ؟

يعتمد البرنامج على معلومة مهمة قد تساهم في تثبيت الشكوك التاريخية بشأن الرئيس السوري السابق حافظ الاسد بأنه عقد صفقة مع واشنطن عندما كان وزيرا للدفاع عام 1967 وانه قام بتسليم الجولان مقابل السيطرة والحكم في سوريا.

الأساس الموضوعي للبرنامج يتحدث وبشهادات إسرائيلية عن يوم السادس من أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1973. وفي هذا اليوم هاجمت الفرقة السابعة السورية اللواء المدرع الاسرائيلي، وتمكنت من اختراق الدفاعات الإسرائيلية من خلال استخدام المناظير الليلية السوفيتية في ذلك الوقت. وفي صباح ذلك اليوم وجدت 40 دبابة اسرائيلية في مواجهة مئات الدبابات السورية، واستطاع الإسرائيليون صد الهجوم السوري ولمدة 4 أيام. وفي اليوم الأخير، وبعد أن سيطرت القوات السورية عملياً على هضبة الجولان شبه كاملة ووصلت إلى بحيرة طبريا، كانت المفأجاة بأن وصلت الأوامر للقوات السورية بالانسحاب للمواقع التي انطلقت منها قبل معركة "وادي الدموع ".

ليس لغزاً الشخص الذي أصدر الأوامر فهو بكل تأكيد "الأسد الأب"، وهذا المسلسل يعيد من جديد انتاج السؤال المهم حول دور النظام السوري في تعميق الأزمات العربية – العربية والمساهمة في خلق الواقع الحالي الذي يخدم دولة الاحتلال الإسرائيلي. فالأسد الأب والابن لديهما قناعة بأن اللبناني والفلسطيني " وبمجمل أوضاعهم، هما اوراق في يد سوريا وأن خسارة الحكم في سوريا هي خسارة لا تطاق وستنهي حكم الطائفة العلوية إلى الأبد.