الأحد 8 سبتمبر 2019 / 12:49

نساء داعش يحيين الحسبة في مخيم الهول

وصف الصحافي سيث فرانتزمان قرار الدنمارك بنشر قوات عسكرية في سوريا لدعم عملية "العزم الصلب" لدحر داعش، بأنه إنجاز مهم للتحالف الدولي الذي يقاتل التنظيم الإرهابي بعد محاولات استغرقت أكثر من ستة أشهر لحض المزيد من الدول على إرسال قوات لمواجهة التحديات المتزايدة التعقيد في شرق سوريا.

النساء في الهول يعدن إحياء تنظيم داعش وأيديولوجيته داخل أسوار المخيم

ويُشير فرانتزمان، في تقرير بصحيفة "جيروزاليم بوست"، إلى ترحيب الولايات المتحدة بقرار الدنمارك يوم الجمعة الماضي، اليعملمشاركة في عمليات في منطقة يعمل فيها الجنود الأمريكيون عن كثب مع قوات سوريا الديمقراطية على هزيمة فلول داعش.

داعش لايزال في العراق وسوريا
وبحسب تصريحات الجنرال جو دانفورد رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، في مجلس العلاقات الخارجية يوم الخميس الماضي، فإن داعش لايزال لديه وجود مهم في العراق وسوريا، ولكنه تراجع ويعمد الآن إلى شن عمليات في شكل تمرد. وثمة حاجة إلى قرابة ما بين 50 و60 ألف من قوات الأمن المحلية للتعامل مع الوجود المتبقي لداعش، وبخاصة لأن التحالف الدولي كان قد أوشك على الانتهاء من حوالي 50% من هذه المهمة.

ويوضح التقرير أن الولايات المتحدة تعمل أيضاً عن كثب مع تركيا لوضع آلية لتهدئة مخاوف أنقرة الأمنية على طول الحدود مع شرق تركيا، حيث هددت أنقرة خلال العام الماضي بشن عملية عسكرية تستهدف المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبرها تهديداً وتتهمها بعلاقات بحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.

ويضيف التقرير أن طائرات الهليكوبتر الأمريكية من طراز "بلاك هوك يو اتش 60" قامت يوم الخميس الماضي بدورية جوية مشتركة مع طائرات هليكوبتر عسكرية تركية لمنطقة الآلية الأمنية فوق شمال شرق سوريا. وتستهدف هذه الآلية الأمنية تهدئة المخاوف الأمنية التركية والحفاظ على الأمن في شمال شرق سوريا لمنع ظهور داعش مرة أخرى، فضلاً عن السماح للتحالف الدولي بالاستمرار في التركيز على تحقيق الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش.

تهديدات أنقرة
وفي الوقت نفسه، أصدر التحالف الدولي ضد داعش فيديو جديداً يؤكد أن مدينة الرقة التي كانت عاصمة الخلافة المزعومة لداعش حررت عام 2017 وتتغلب الآن على تحدياتها. ويُعد جذب الاستثمار من التحديات الرئيسية التي تواجه منطقة شرق سوريا، وبخاصة بعد حالة عدم اليقين التي سادت في  ديسمبر(كانون الأول) 2018 عندما أعلنت الولايات المتحدة عن احتمالية انسحابها من المنطقة.

ويرى الصحافي أن الجهود المبذولة حتى الآن لإعادة الاعمار والاستثمار في الزراعة وإزالة الألغام التي تركها داعش، لاتزال بطيئة. ولكن ثمة العديد من التحديات الأخرى في شرق سوريا، وأبرزها مهمة هزيمة فلول داعش وتدريب قوات سوريا الديمقراطية. بيد أن تهديدات أنقرة تقود إلى تشتيت الانتباه عن تحقيق هذه المهمة؛ حيث تعمد أنقرة إلى إثارة الأزمات كل شهر من أجل محاولة إجبار الولايات المتحدة على فعل شيء ما.

ويقول التقرير: "على سبيل المثال، تسببت تهديدات أنقرة الأخيرة في إنشاء آلية أمنية والضغط على قوات سوريا الديمقراطية لإزالة التحصينات الدفاعية التي أقامتها على طول الحدود. ويتذكر الكثيرون داخل قوات سوريا الديمقراطية أن تركيا عمدت في شهر يناير(كانون الثاني) الماضي إلى غزو منطقة عفرين (معظم سكانها من الأكراد) بزعم أنها كانت تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني".

فلول داعش
ويلفت التقرير أن الغزو التركي لعفرين قد أجبر أكثر من 150 ألف كردي على الفرار من ديارهم وباتت المنطقة اليوم موطناً للمتطرفين. ومن ثم فإن إعلان تركيا عن رغبتها في القيام بعملية عسكرية أخرى على غرار عفرين في شرق سوريا يشكل تهديداً حقيقياً يثير الخوف الشديد بين السكان المحليين.

وعلاوة على ذلك يخشى الأكراد أيضاً من تهديدات أنقرة بعودة شرق سوريا إلى "مالكيها الحقيقيين"، وإرسال مليون لاجئ سوري (معظمهم عرب من حلب ومناطق أخرى وليسوا من شرق سوريا) إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

 وتستهدف أنقرة من ذلك تشجيع النزعة الشعبوية بين اللاجئين وجماعات المعارضة السورية التي تدعمها تركيا، من أجل توحيدهم ضد قوات سوريا الديمقراطية التي يسيطر عليها الأكراد، الأمر الذي يقود إلى صرف انتباههم عن هجوم النظام السوري في إدلب.

ويعتبر التقرير أن احتجاز أكثر من 10 آلاف مقاتل من داعش (2000 منهم من الأجانب) في شرق سوريا يمثل تحدياً كبيراً؛ وبخاصة لأنه لا توجد آلية في شرق سوريا لمحاكمتهم على جرائم الإبادة التي ارتكبها داعش ضد الأقليات، ومن ثم فإن هؤلاء الدواعش يجلسون في المخيمات ويخططون لعودة التنظيم الإرهابي.

نساء داعش

ويضم مخيم الهول بشمال شرق سوريا أكثر من 70 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال نصفهم دون سن الثامنة عشر ، وعلى الأرجح أن 45 ألف نسمة من سكان هذا المخيم من الموالين لداعش، بمن فيهم النساء الأكثر تطرفاً اللواتي حضرن من دول غربية لدعم داعش وكن جزءاً من "الحسبة" الكتائب التي تطبق الشريعة.
  
وينقل تقرير "جيروزاليم بوست" عن صحيفة "واشنطن بوست" ومجلة معنية بالأمن الداخلي الأمريكي أن النساء في الهول يعدن إحياء تنظيم داعش وأيديولوجيته داخل أسوار المخيم. وقامت نساء داعش بإعادة بناء الحسبة وأحرقن أشخاصاً أحياء واستخدمن أسلحة محلية الصنع مثل السكاكين لمضايقة النساء والأطفال. وبسبب غياب القوات الأمنية الكافية لمراقبة المخيم فإنه يُسمح لعشرات الآلاف بالقيام بكل ما يريدون، وبالتالي يمكن إحياء نوع من الخلافة داخل المخيم المترامي الأطراف،  في انتظار اللحظة المناسبة لتنفيذ هجماتهم.

ويخلص التقرير أنه على الرغم من الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة في تدريب قوات الدفاع الذاتي والقوات المحلية، فإنه يتعين عليها مواجهة هذه التحديات لتحقيق الاستقرار، وبخاصة التهديدات الناشئة عن الدواعش المعتقلين وخلايا داعش النائمة، وكذلك تهديدات تركيا المستمرة بشن عملية عسكرية.