دورية أمريكية-تركية مشتركة في المنطقة الآمنة في سوريا.(روسيا اليوم)
دورية أمريكية-تركية مشتركة في المنطقة الآمنة في سوريا.(روسيا اليوم)
الأحد 8 سبتمبر 2019 / 15:50

تهديدات أردوغان.. يأس متزايد

رأى الكاتب السياسي ياوز بيدر أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بات محشوراً في الزاوية داخلياً وخارجياً لذلك لم يعد له من خيار سوى مضاعفة خطاباته وبياناته. عبر انتقاد الولايات المتحدة حول ما يسمى ب "المنطقة الآمنة في سوريا وتهديد الاتحاد الأوروبي ب "فتح البوابات أمام اللاجئين"، يظهر أردوغان يأساً متزايداً. تحولت سياسة تركيا المفترضة "صفر مشاكل مع الدول المجاورة" إلى "لا شيء سوى مشاكل في الجوار".

تركيا غير راضية أبداً عن الاتفاق حول المنطقة الآمنة. لن يكون عمقها 32 كيلومتراً كما طالبت أنقرة بل سيتراوح عمقها بين 5 إلى 14 كيلومتر

ويضيف الكاتب في صحيفة "ذي اراب ويكلي" اللندنية، أنه من المعروف أنّ انقلاب 180 درجة في السياسة التركية أتى نتيجة الخيارات التي اتخذتها شخصيتان بارزتان: السوريالية السياسية لوزير الخارجية ورئيس الحكومة الأسبق أحمد داود أوغلو والقرارات العشوائية لرئيسه أردوغان.

من مأزق إلى آخر

بالمقارنة مع الأوضاع الحالية، كانت تلك الأيام جيدة. على الرغم من اتخاذ مسارات خاطئة مع دول إقليمية عدة، تمتعت أنقرة حينها بالوقت والمساحة للمناورة. ليس بعد اليوم. تهيمن النزاعات والانشقاقات والإحباط على الأجندة التركية حيث يؤدي إصرار تركيا على المطالب القصوى إلى ردود فعل سلبية أو إلى مأزق يليه مأزق آخر. خلال العقد الماضي، حول أردوغان تركيا إلى فاشلة في السياسة الخارجية التي تتطلب في عالم اليوم المعقد انتباهاً وحذراً إضافيين.

ما الذي يبقيه متوتراً؟
أبقى التصعيد بسبب المسألة النفطية شرقي المتوسط والنزاع المتعدد المستويات في بحر إيجه اليونان وقبرص منفعلتين. وبرز خلاف جديد متطور بين تركيا ولبنان بسبب ملاحظات الرئيس اللبناني ميشال عون الذي ذكر أنّ العثمانيين مارسوا الإرهاب ضد اللبنانيين خلال الحرب العالمية الأولى مما أدى إلى سقوط الآلاف بسبب الجوع والتجنيد والسخرة. ردت تركيا عبر استدعاء السفير اللبناني للاعتراض. على الرغم من كل ذلك، إنّ الوضع في سوريا، أكثر من أي مسألة أخرى، هو الذي يبقي أنقرة أكثر توتراً.

مزاعم أردوغان وردّ أوروبا

في 5 سبتمبر الحالي، وجّه أردوغان بمزاجه الاعتيادي الغاضب رسائل إلى واشنطن وبروكسل: "نقوم باتخاذ خطوات لجعل الأراضي السورية، بين شرق نهر الفرات والحدود العراقية، أكثر أمناً". وأضاف: "نحن مصممون على البدء بتأسيس المنطقة الآمنة بحكم الأمر الواقع في شرق الفرات حتى آخر أسبوع في سبتمبر. من المثالي أن نقوم بذلك مع أصدقائنا الأمريكيين لكن إن لم يكن بإمكاننا بناء أرضية مشتركة، فسنبدأ على طريقتنا. هدفنا هو توطين مليون سوري على الأقل على طول الحدود البالغة 450 كيلومتراً". وتابع "سيحصل ذلك أو سنضطر إلى فتح البوابات. إمّا ستوفّرون الدعم أو ستعذروننا لكنّنا لن نتحمل هذا الثقل وحدنا".

ادعى أردوغان أنّ تركيا حصلت على ما يزيد قليلاً عن نصف مبلغ 6.6 مليار دولار الذي وعده الاتحاد الأوروبي عبر اتفاق الحد من الهجرة مع تركيا سنة 2016. لكنّ الناطقة باسم المفوضية الأوروبية ناتاشا بيرتو ردت سريعاً عبر الإشارة إلى أنّ الاتحاد أرسل 6.2 مليار دولار من أصل 6.6 مليارات وسيتم تحويل المبلغ الباقي في وقت قريب.

جبل خلافات

من الواضح أنّ تركيا غير راضية أبداً عن الاتفاق حول المنطقة الآمنة. لن يكون عمقها 32 كيلومتراً كما طالبت أنقرة بل سيتراوح عمقها بين 5 إلى 14 كيلومتراً. تبقى الدوريات المشتركة غامضة وهنالك جبل اختلافات بين الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا ووحدات حماية الشعب الكردية. وقالت مصادر من هذه الوحدات إلى وكالة أسوشييتد برس إنها قلقة من مخططات لإرسال أعداد كبيرة من اللاجئين إلى تلك المناطق مع خوف من دفع السكان الأكراد المحليين إلى النزوح صوب مناطق أخرى.

وقال القيادي الكردي البارز ألدار خليل إنّ "لن تقبل الإدارة والقوات التي يقودها الأكراد قوات تركية أو قواعد دائمة في ما يسمى بالمنطقة الآمنة أو بحرية الطيران التركي فوق المنطقة. إنّ اتفاقاً نهائياً سيشكل اعترافاً تركيا غير مباشر بالإدارة التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا".

لن تجرؤ على دخول سوريا
إنّ الشعور بغضب بعض الضباط الرفيعي المستوى في الداخل جعل أردوغان بلا خيار سوى إرسال رسالة لقناة المساعدة الوحيدة التي يعرفها في واشنطن: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ويبدو أنه حين سيجتمع به في الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيطلب منه المساعدة مجدداً. مع ذلك، يعلم كل مصدر موثوق به في واشنطن أنّ تركيا لن تجرؤ على دخول شمال شرق سوريا بمفردها لأنّ الرد الأمريكي سيكون حاداً حازماً.

خطة نجاة؟

يتابع بيدر أنّ رفع أردوغان اللهجة مع الاتحاد الأوروبي قصة مختلفة بشكل بسيط. على خلفية تدفق اللاجئين عبر بحر إيجه قد يدفع القوى الأوروبية البارزة إلى الخوف واتباع سياسة الاسترضاء. "فتح البوابات" قد يكون آخر موضوع يحتاج إليه الاتحاد الواقع في الفوضى. واتخذ أردوغان خطوة حادة ضد المعارضة الداخلية. إنّ إعلانه إرسال مليون سوري إلى بلادهم يمكن أن يكون قد لقي تصفيقاً من المعارضة الأساسية وحليفه القومي الصغير. ويناسب هذا خطة أردوغان للنجاة السياسية عبر اللعب على وتر القومية والشعور المناهض للأمريكيين في الداخل.