طلاب وطالبات في مدرسة ابتدائية بأبوظبي (أرشيف)
طلاب وطالبات في مدرسة ابتدائية بأبوظبي (أرشيف)
الأحد 8 سبتمبر 2019 / 20:49

"كفو"

الكفاءة والكفاية والتكافؤ والمكافأة يجمع بينها جذر واحد، وتلامس دلالاتها معاني سامية عالية راقية وطموحة. محببة تكون هذه الكلمة وصفا للشخصية، ومحفزة في التشجيع. ولا أعلم في اللهجة الإماراتية المحلية كلمة أسهل ولا أقصر ولا أمتع ولا أكثر تشجيعا من أن يقال لك: كَفُوْ.

حسنا فعلت وزارة التربية والتعليم أن جعلت هذه الكلمة عنواناً لحملة ترويجية تستقبل بها طلابها، وتفتح لهم أبوابها وهي تغرس فيهم الإيجابية، وتثير فيهم الدافعية، وتضاعف لهم التحفيز المستحق ليكون خالداً في الوجدان ومرتبطاً بالشخصية الإماراتية، فيقال: "أيها الإماراتي الكفء. كفو عليك".

كفء من الكفاءة وتعني المقدرة على أداء مهمة ما، والجمع كفاءات، وكفء من الكفاية وتعني المهارة، والجمع كفاءات، وكفء من التكافؤ وتعني التماثل وعدم الرضا بالدونية والسعي الحثيث لأن تكون مثيلاً ونظيراً لمثلٍ عالٍ وقدوةٍ شامخةٍ. وقد ترتبط بالحصول على مكافأة.

في ميدان التربية ثمة تطورات على صعيد الدراسة والتنظير، وعلى صعيد الممارسة والتطبيق، فمن هذه التطورات في الخطاب التربوي الانطلاق من الأهداف إلى المعايير، وقد كانت نقلة نوعية أحضرت معها تغيرات في أدبيات التعليم وطرائقها، وما كادت المعايير تستقر حتى ظهر التعليم القائم على الكفايات.

وأظن أنه سيعمر طويلا، لأنه يحمل في ثناياه روح التعليم الثلاثية، المعرفة،  والمهارة، والوجدان.

تحمل كلمة كفو معيارية دقيقة في الحكم على الأشخاص حكما نقديا مؤدبا وبليغا في آن، لن تخشى فيه من المبالغة بالوصف أو الازدراء للشخصية، فكلمة التعديل بأن تقول هو كفء للمنصب، أو المكانة، أو الزواج كافية وشافية، وكلمة الجرح بأن تقول هو ليس كفؤاً، كافية وشافية أيضاً، بلا ازدراء ولا خوف من ملامة.

أحد الصغار الذين ألهمتهم كلمة "كفو" عاد إلى منزله ببالون يحمل شعار الحملة، وسأل أمه: "كيف أرد على من قال لي كفو؟ ما الرد الأفضل؟"، قالت الأم وهي تستحضر روح التراث، وروح الاتحاد، وروح الأجداد: "قل له يا بني، كفو من رباك".