إنفوغراف 24
إنفوغراف 24
الإثنين 9 سبتمبر 2019 / 15:57

وكلاء إيران في العراق.. هذه نشأتهم وأهدافهم

24 - إعداد: شيماء بهلول

عادت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران إلى دائرة الضوء في العراق، لتكون واحدة من أبرز نقاط الجدل في المشهد السياسي الداخلي، بعد أن تصاعد دورها في محاولات التصدي لهجوم كاسح نفّذه تنظيم داعش الإرهابي.

فإيران بذراعها الرئيسي تحت اسم فيلق القدس التابع للحرس الثوري، المسؤول عن العمليات الإرهابية الخارجية، كان له الدور الرئيسي في إنشاء الأذرع الخارجية لطهران والمكونة من ميليشيات محلية في عدد من دول المنطقة.

وترتكز هذه الميليشيات على الطائفية المذهبية كنقطة ارتكاز لكل تحركاتها، من أجل حشد الأقليات لتنفيذ المشروع الإيراني في الإقليم، وفيما يلي نتعرف على أبرز الميليشيات والأذرع الإيرانية المتواجدة في الأراضي العراقية، وهي كالآتي:



الحشد الشعبي
بعد انهيار الدولة العراقية، وجد مئات آلاف الشيعة أنفسهم عاطلين عن العمل أو غير قادرين على الوصول إلى الخدمات العامة، حيث واجهت مجتمعاتهم هجمات مستمرة من المجموعات الإرهابية المحلية والأجنبية، وبقايا حزب البعث، ومن القوى الغربية المحتلة بحسب وجهة نظرهم.

وتأسست هذه الحركة عام 2014، من كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق ومنظمة بدر وقوات الشهيد الصدر، ثم توسع الحشد من المتطوعين الشيعة.

ووضع الحشد هدفاً معلناً وهو حماية بغداد والمراقد المقدسة من تنظيم داعش الذي سيطر على الموصل والرمادي والأنبار والفلوجة، لكنه تورط في مجازر ضد المدنيين في المدن ذات الغالبية السنية، وظهرت سريعاً بوصلته الطائفية وتعدى المهمة المعلنة إلى أخرى تهدف إلى ترسيخ النفوذ الإيراني الطائفي في العراق.



فيلق بدر
بدأ فيلق بدر العمل عام 1982 كذراع عسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي أسسه محمد باقر الحكيم بمعاونة مخابراتية إيرانية، قضت بتجنيد العراقيين المنفيين في إيران وأسرى الجيش العراقي خلال الحرب العراقية الإيرانية لمصلحته.

وخلال الحرب العراقية الإيرانية، شارك الفيلق في عدة معارك ضد الجيش العراقي، وفي عمليات الانتفاضة الشعبانية الشيعية في العراق عام 1991.

وبعد سقوط نظام صدّام حسين عام 2003، واغتيال المؤسس، بدا التصاق الفيلق بالأجندة الإيرانية في العراق جلياً جداً، وتغير اسمه إلى "منظمة بدر" بعد إصدار قانون حل الميليشيات، وقد كان هذا الفيلق يتلقى الدعم والتدريب من إيران، ويشن عمليات عسكرية ضد النظام العراقي السابق بقيادة صدام حسين.

ويترأس فيلق بدر حالياً، وزير النقل في حكومة نوري المالكي المنتهية ولايتها، هادي العامري منذ عام 2002، ويتألف من نحو 12 ألف مقاتل، غالبيتهم انخرطوا في صفوف الأجهزة الأمنية العراقية، ويتولون مناصب قيادية في وزارة الدفاع وجهاز الاستخبارات.

ويمتد نفوذ المنظمة إلى داخل أجهزة الأمن الداخلي العراقية، وترتبط بشكل وثيق بالقيادة الإيرانية ولا سيما بقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني.



كتائب حزب الله العراقية
بعد الإطاحة بنظام صدام حسين وتصاعد النفوذ الشيعي، تشكلت عدة فصائل شيعية مسلحة منها كتائب لواء أبي الفضل العباس وكتائب كربلاء وكتائب السجاد وكتائب زيد بن علي، هدفها مواجهة الاحتلال الأمريكي وإقامة دولة إسلامية في العراق.

وتوحدت تلك الفصائل عام 2006 لتشكل حزب الله-العراق الذي صنّفته أمريكا عام 2009 منظمة إرهابية، ولا تخفي الكتائب التي تغيّر اسمها بعد الانسحاب الأمريكي من العراق إلى "حزب الله-النهضة الإسلامية"، ارتباطها الوثيق بإيران.

وقد شاركت في الحرب السورية بحجة الدفاع عن مرقد السيدة زينب في دمشق، وفي عدة معارك ضد تنظيم داعش في العراق، ويترأس الكتائب حالياً أبو مهدي المهندس الذي وُجهت إليه تهمة الإعداد لتفجيرات الكويت عام 1983، والذي تربطه علاقة وثيقة وقوية بقاسم سليماني.



عصائب أهل الحق العراقية
هي حركة مسلحة قاومت الاحتلال الأمريكي منذ عام 2004، يترأسها قيس الخزعلي وكانت تعمل كإحدى سرايا جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر، لكنها استقلت عنه تماماً بعد الإعلان عن حل جيش المهدي عام 2008.

وتلقت العصائب الدعم والتدريب والمال والسلاح من إيران، وانضمت إلى تشكيلات "الحشد الشعبي" حتى باتت إحدى مكوناته الرئيسية، ويقدر البعض عدد أفرادها بـ10 آلاف مقاتل.

وارتكبت المنظمة العديد من الجرائم الطائفية، حيث كانت تتعمد استفزاز سكان المدن والقرى السنية، سواء باعتقال أبنائها أو قتلهم أو سرقة المنازل والمتاجر أو تنظيم استعراضات مسلحة طائفية، كما حدث في حي الأعظمية وسط بغداد أكثر من مرة.



حركة النجباء العراقية
أسست هذه الحركة على يد أكرم الكعبي، عقب انشقاقه عن عصائب أهل الحق، ميليشيا "حركة حزب الله النجباء"، عام 2013.

وفي الحرب السورية قاتلت الحركة إلى جانب النظام السوري، ولم يخفِ الأمين العام للحركة تلقي الدعم المالي من إيران، وقد وصف المتحدث باسم الحركة أبو وارث الموسوي قاسم سليماني بـ"بطل الانتصارات في المنطقة"، كما وصفه أكرم الكعبي بـ"رجل السلام والمهمات الصعبة".



جيش المهدي
يعتبر الجناح المسلح للتيار الصدري الذي يقوده رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وقد تأسس في سبتمبر(أيلول) عام 2003 لقتال القوات الأمريكية في العراق.

ويتكون من شباب يقلدون رجل الدين محمد محمد صادق الصدر، الذي قيل إنه اغتيل من قبل حزب البعث العراقي عام 1999، ويجمعهم الانتماء إلى المذهب الشيعي، وتشير التقديرات إلى أن عدد أفراده يصل إلى نحو 60 ألفاً.

وقبل فترة العنف الطائفي عام 2006، خاض الجيش معارك عدة مع القوات الأمريكية التي احتلت العراق بناء على تحريض ودعم من إيران التي عملت مع النظام السوري على إفشال المشروع الأمريكي في العراق لغايات توسعية، قصد السيطرة على مدخراته وثرواته النفطية، كما يعلق على ذلك مراقبون.

وكانت ميليشيا جيش المهدي تنشط في جنوب العراق وبغداد ومحافظة ديالى، وهي أكثر الميليشيات قوة على الأرض، ومجهزة بالسلاح الخفيف والمتوسط، قبل أن يفاجئ الصدر الجميع بإمكانات عسكرية غير متوقعة عندما عاد جيش المهدي من جديد في يونيو(حزيران) الماضي باسم "سرايا السلام" في استعراض عسكري ببغداد، حمل مقاتلوه أسلحة ثقيلة وصواريخ "مقتدى واحد"، يعتقد أنّه تلقاها من إيران التي تدعم غالبية الفصائل الشيعية المسلحة.



جيش المختار
تعرف هذه الحركة بأنها ميليشيا شيعية تابعة لحزب الله فرع العراق، يتزعمه رجل الدين واثق البطاط، الذي يقول إن تنظيمه امتداد لحزب الله اللبناني، ويرفع مثله رايات صفراء لكن بشعارات مختلفة عما يرفع في لبنان.

ويرفع الحزب منذ تأسيسه مطلع يونيو(حزيران) 2010 شعارات تدعو إلى قتل أعضاء حزب البعث المحظور، ومن تصفهم بـ"النواصب والوهابيين"، إشارة إلى المتطرفين السنة، ويجاهر البطاط بالولاء المطلق للمرشد الإيراني علي خامنئي، ويقول إنه سيقاتل إلى جانب إيران إذا ما دخلت في حرب مع العراق.

وتشير التقديرات إلى أنّ ميليشيا جيش المختار تضم نحو 40 ألف مقاتل غالبيتهم من الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و30 عاماً، والذين ينتمون إلى الأحياء الفقيرة في بغداد وجنوب العراق، وهي تتلقى دعماً مباشراً من إيران أيضاً.



لواء أبو الفضل العباس
وهو فصيل مسلح حديث التأسيس، أعلن عنه من قبل المرجع الشيعي العراقي قاسم الطائي، إبان اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد في 2011 لمساعدة قوات النظام السوري.

ويضم الفصيل، الذي يقوده الشيخ علاء الكعبي، مقاتلين عراقيين ينتمي أغلبهم إلى عصائب أهل الحق وحزب الله العراقي والتيار الصدري، ويرجع اسم اللواء إلى أبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب، ويعتبر من أوائل الفصائل الشيعة التي تدخلت عسكرياً في سوريا ووقفت إلى جانب النظام السوري منذ العام 2012 بدافع عقائدي.



 وكلاء إيران
لا شك في أنّ استراتيجية إيران في العراق متعددة الأوجه، إلا أنها أساساً استراتيجية فرّق تسد، وحيث ظهرت المظالم والانقسامات في صفوف التيار الصدري وغيرها من المجموعات، بادرت إيران إلى تقديم الأسلحة والمال والتدريب.

وعملت إيران مع القادة السابقين لمنظمة بدر عام 2003 لتأسيس وكالات من شأنها أن تستغل ازدياد العنف والصراع الطائفي، ويقود بعض هذه الوكالات ميليشيا الحشد الشعبي التي أُلحِقت في الآونة الأخيرة بالنظام، لتشكل مجموعات موازية للميليشيا العراقية الأضعف.

وتشكّل الميليشيات الشيعية بالوكالة زر تشغيلٍ وعازلاً في آنٍ معاً، فمن ناحية، هي الزر الذي يمكن لإيران أن تضغط عليه لتواجه بشكلٍ غير مباشر، أولئك الذي يهددون مصالحها وتخوّفهم وتعزلهم أو تضرهم، وتشكّل من ناحية أخرى عازلاً يتيح لإيران أن تنأى بنفسها عن الموقف، الأمر الذي يتيح لها المحافظة على صورة إيجابية على الصعيدين الإقليمي والدولي.



هيمنة إيرانية
ومع اشتداد الضغط الدولي على طهران، بدأت الجمهورية الإسلامية باتخاذ تدابير أكثر عدائية لتهديد أمن العراق والمنطقة، ففي أغسطس(آب) الماضي، أوردت وسائل إعلام أن إيران نقلت خلال الأشهر القليلة الماضية نحو 20 صاروخاً بالستياً لمليشياتها بالعراق.

وقال الخبير العسكري مؤيد سالم الجحيشي إن "طهران تعتبر إمداد مليشياتها بالسلاح خياراً لابد من المضي قدماً به في إطار استراتيجيتها لفرض هيمنتها".

واعتبر المحلل السياسي عادل الأشرم بن عمار، أن إيران تحاول تقوية تواجدها في العراق من خلال الميليشيات التي تدعمها هناك، وأنها تتجه لذلك حالياً على نحو أكبر مما سبق في ظل المعطيات الراهنة، وقال إن "إيران تبحث عن تدابير أكثر عدائية للحفاظ على ما تمتلكه من نفوذ"، مبيناً أن دعم الميليشيات بالصواريخ والسلاح والتدريب هو إحدى أهم أدواتها.



لقد عانى العراق خلال العقد الماضي من الميليشيات الشيعية، ولكن في الآونة الأخيرة، ساهم الفراغ الأمني الذي تبع ظهور داعش في تقوية الميليشيات الشيعية الموجودة سابقاً والتي تتمتع بخبرة قتالية عالية.

وقد يكون لذلك عواقب بعيدة على الدولة العراقية ونسيج المجتمع السياسي خلال السنوات المقبلة، فبعد أن كانت هذه المجموعات الإجرامية انتهازية، أصبحت في الآونة الأخيرة جزءاً من النظام في الدولة العراقية، وكثيرٌ منها لا يراعي حقوق الإنسان والمعايير الدولية.

فالمتابع للمشهد العراقي منذ الاحتلال الأمريكي حتى اليوم يلاحظ تصاعد النفوذ الإيراني في العراق وتغلغله، ليس في المدن والشوارع وحدها، وإنما في الأجهزة العسكرية والأمنية والمخابراتية والاقتصادية والحزبية.

وتسعى إيران إلى التأكد من أنّ العراق لن يكون مجدداً في وضع يسمح له بتهديد أمنها الوطني مجدداً، والأهم من ذلك، منعه من أن يصبح منصة إطلاق عمليات لغزو أراضيها، وفي المقابل، ترغب طهران أن يكون العراق منصة إطلاق لخدمة مصالحها الإقليمية ولشنّ صراعات كتلك الحاصلة في سوريا، بهدف جعله ركيزة أساسية لبنيتها الأمنية الإقليمية.