وزيرة الخارجية السودانية الجديدة أسماء عبدالله (أرشيف)
وزيرة الخارجية السودانية الجديدة أسماء عبدالله (أرشيف)
الإثنين 9 سبتمبر 2019 / 21:16

أسماء عبدالله.."كنداكة" الدبلوماسية السودانية الجديدة

24 - بلال أبو كباش

استطاعت "كنداكة" السودان الجديدة السيدة أسماء عبدالله فرض نفسها على قائمة الحكومة السودانية المدنية، مستفيدة من خبراتها الطويلة، ومعرفتها القوية بأسس العمل الدبلوماسي والسياسي، لتصبح أول امرأة تتولى حقيبة الخارجية في تاريخ السودان، وثالث عربية تقود دبلوماسية بلدها بعد الموريتانيتين الناها بنت مكناس، وفاطمة فال بنت أصوينع.

ويعكس وجود 4 سيدات في الحكومة السودانية بينهن وزيرة خارجية تغيراً حقيقياً في النهج الدبلوماسي وتحولاً إلى المدنية بعد ضياع البلاد طيلة أعوام في متاهات حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، الذي حكم السودان بالحديد والنار، وأنهك اقتصاده، وأضعف عملته.

خبرة طويلة
وتعرف أسماء المولودة في 1946 بالخرطوم بخبرتها الطويلة، في المجالين الدبلوماسي والسياسي منذ دخولها كلية الاقتصاد في جامعة الخرطوم وتخرجها بشهادة دبلوم في الاقتصاد والعلوم السياسية، وآخر في العلاقات الدولية في 1971،  ثم على ماجستير في العلاقات الدولية من جامعة سيراكيوز في الولايات المتحدة.

وبعد تخرجها التحقت أسماء بالسلك الدبلوماسي، وعملت في عدد من البعثات الدبلوماسية في الخارج بينها السويد، وروسيا، والمغرب، والأمم المتحدة كما شغلت منصب سفيرة السودان في النرويج، قبل فصلها من العمل الدبلوماسي بقرار من الرئيس المعزول عمر البشير بعد انقلابه العسكري في 1989.

انتصار اجتماعي
ورغم أن أسماء خرجت للعمل الدبلوماسي في وقت كان يعاني منه السودان من قيود اجتماعية كثيرة، إلا أنها استطاعت كسر تلك القيود معطية الأولوية للسودان وشعبه، وخاضت بذلك مغامرة كبرى بتنقلها بين بلدان عدة إلى جانب السفيرتين فاطمة البيلي وزينب عبد الكريم.

مسؤولية كبرى
والواضح أن اختيار أسماء محمد عبد الله على رأس الدبلوماسية السودانية، لم يكن لأنها سيدة، بقدر ما كان لكفاءتها وجدارتها، بعد نجاحها المهني وتنقلها من دائرة دبلوماسية إلى أخرى، ما جعلها تشرف على إحدى أبرز الوزارات السيادية التي ستعمل على حل عدد من أعقد مشاكل السودان، المتمثلة في إصلاح ما أفسده النظام السابق وإعادة السودان إلى صورته الطبيعية، وتخليصه مما لحق به في عهد البشير من شبهات، وإخراجه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ما سيسمح للسودان باستعادة بعض عافيته وحيويته في المجالين الاقتصادي والمالي، ومساعدته على الوصول إلى القروض والتمويلات الدولية والإقليمية التي كانت ممنوعة عنه بسبب دعمه السابق للإرهاب.

وتقع على عاتق أسماء مسؤولية كبرى، خاصة وأن رئيس الحكومة عبدالله حمدوك الذي اختارها لهذا المنصب، يعول عليها كثيراً في قيادة الدبلوماسية السودانية في هذه المرحلة الانتقالية، لاستعادة مكانة السودان على الخارطة العربية والأفريقية والدولية.

ويؤكد مراقبون، أن معرفة أسماء عبدالله بكواليس وزارة الخارجية السودانية، ومهنيتها، يؤهلانها للنجاح في مهمتها الجديدة لفك العزلة عن السودان، وتسويق ديمقراطيته الجديدة، والعمل مع الدول الصديقة على دعمه سياسياً واقتصادياً، لإنعاش الأمل في المستقبل لدى الشباب السوداني.

وبعد أن شاركت في مراسم أداء القسم مرتدية الثوب الأبيض التقليدي، وبنظارة طبية، يُنتظر أن تعمل الدبلوماسية المخضرمة على الانصراف إلى أداء مهامها في أقرب الآجال، خاصةً أن كل المراقبين والمحللين سيتابعون أداء العبدالله، في الفترة القليلة المقبلة، في ظل الأولوية المطلقة التي أعطاه رئيس الحكومة الجديد لمسألة التفاوض مع واشنطن لرفع اسم الخرطوم من لائحة الدول الراعية للارهاب، والذي سيكون الاختبار الجدي، أو الجبهة الحارقة الأولى التي ستعمل الوزيرة الجديدة على اقتحامها، إلى جانب الأولوية الثانية والتي لا تقل أهمية عن الأولى، أي العلاقة الخاصة بين السودان وجارته الشمالية مصر، بعد التشوهات الكثيرة التي طالتها في عهد عمر البشير، والخلافات التي تسببت فيها حكومات الإنقاذ الإسلامية في السودان على امتداد ثلاثة عقود، والتي وجدت ترجمتها في خلافات سياسية ونزاعات حدودية، وتجارية، مختلفة، وزادت تعقيداً بعد ظهور مشكلة سد النهضة الأثيوبي، وانقلاب الخرطوم على القاهرة، التي وجدت نفسها وحيدةً في وجه أديس أبابا ومطالبها المجحفة بحصة ضخمة من مياه النيل، على عكس ما تضمنته كل الاتفاقات السابقة مع كل من السودان ومصر.