الثلاثاء 10 سبتمبر 2019 / 15:09

ثلاثة أخطاء أمريكية في إدارة التوتر بين تركيا والأكراد

مع اتفاق واشنطن وأنقرة الشهر الماضي، على "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا، يرى غيران أوزكان، ممثل حزب الشعوب الديمقراطي التركي( HDP) لدى الولايات المتحدة الأمريكية، أنه فيما نجحت واشنطن، لبعض الوقت، في منع تنفيذ عملية عسكرية تركية أحادية ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الغالبية الكردية، فإن تفاصيل خطة "المنطقة الآمنة" غامضة، وسيثبت على الأرجح، أنها ليست أكثر من تدبير مؤقت.

تفضيل تاريخ تركيا في الناتو على تحول أردوغان وعدائه للغرب، والنظر إلى مجموعات كردية كأطراف عسكرية دون إمكانية إشراكها في عملية سياسية، والفصل بين نزاعات في تركيا وسوريا

وعرض أوزكان رأيه، ضمن موقع "ناشونال إنترست"، قائلاً إن ديبلوماسيين أمريكيين تدخلوا في اللحظة الأخيرة. وعوضاً عن التفاوض من موقع قوة، فضلوا حلاً يسمح بحفظ ماء وجه أردوغان، بدلاً من إجبار حكومته على معالجة الأسباب الجذرية للصراع.

ويرى كاتب المقال أن هذه الأزمة هي من أعراض مشكلة أكبر للاستراتيجية الإقليمية. وحتى تاريخه، شهدت إدارة أمريكا للتوترات بين تركيا وقسد ثلاثة أخطاء: تفضيل تاريخ تركيا في الناتو على تحول أردوغان وعدائه للغرب، والنظر إلى مجموعات كردية كأطراف عسكرية دون إمكانية إشراكها في عملية سياسية، والفصل بين نزاعات في تركيا وسوريا رغم ترابط لا يمكن إنكاره.

فرضيات فاشلة
وباعتقاد الكاتب، بنيت جميع تلك الفرضيات الفاشلة على تصور عفا عليه الزمن بشأن الشرق الأوسط ولدور تلعبه قوى خارجية، منها الولايات المتحدة. كما هددت جميع تلك الفرضيات قدرة أمريكا على تحقيق الأهداف المعلنة في سوريا. فإذا سعت الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من سوريا مع ضمان هزيمة مستدامة لداعش، والعمل على إنهاء صراع ثماني سنوات عن طريق التفاوض، فإن دروساً من أزمة "المنطقة الآمنة" تكشف عن استراتيجية جديدة.

حبر على ورق
ويرى كاتب المقال بأن التزامات تركيا تجاه حلف الناتو لم تعد، بالنسبة لرئيسها أردوغان، أكثر من حبر على ورق. لكن، بالنسبة للولايات المتحدة، تسمح لصناع قرار بتبرير أشد التجاوزات الاستبدادية للحكومة التركية الحالية. ويدرك مسؤولون أتراك هذه النقطة، وتبعاً له تأتي ثقتهم في انتزاع تنازلات حول سوريا، واستمرار صمت دولي بشأن قمع داخلي.

وعلى الولايات المتحدة عدم السماح لتركيا بمواصلة الاستفادة من هذا الاختلاف في وجهات النظر. وبدلاً من اتخاذ وضعية الناتو المشتركة كأسس للاسترضاء، ينبغي على الولايات المتحدة مطالبة تركيا بالالتزام بمعايير الحلف.
وحسب الكاتب، يفترض أيضاً بأمريكا الاعتراف بأن تحول أردوغان الاستبدادي ليس بمعزل عن تقاربه مع روسيا. ويعتبر أشد الأصوات ولاء لروسيا ضمن حكومته من أقوى الداعمين للقمع داخل تركيا، وللعدوان خارجها.

نهج جديد
ويرى الكاتب ضرورة تبني نهج سياسي جديد من أجل التعامل مع جماعات كردية. ولطالما نظرت إليها الولايات المتحدة من خلال عدسات عسكرية، دون اهتمام يذكر بالدواعي السياسية التي دفعتها للقتال. وقد سرى هذا النهج في العقدين الأخيرين للقرن العشرين. وفي كردستان العراق، تعاونت الولايات المتحدة مع حركة مقاومة كردية مسلحة عندما كانت مفيدة لها، وتخلت عنها لنظام صدام حسين عندما انتفت تلك الفائدة، وسمحت لقادة أكراد بإقامة سلطة حكم غير مستقرة وغير ديموقراطية حين نالت المنطقة حكماً ذاتياً وعبر الحدود مع تركيا شكلت الحركة تهديداً، فمنحت الولايات المتحدة حكومات تركية متعاقبة شيكاً على بياض لمحاربتها، بكلفة بشرية كبيرة. وساد المنطق نفسه، سواء مع أكراد مسلحين شركاء أم إرهابيين، فاعتبروا أطرافاً عسكرية لا أهمية لأهدافها السياسية النهائية، ولا لدوائرها المدنية أية أهمية.

قضايا سطحية

واليوم هناك، حسب الكاتب، خطر تكرار نفس النهج في سوريا. فقد حررت قوات قسد مناطق أكبر في سوريا من قبضة داعش من أي طرف آخر في الصراع، ولكن جناحها السياسي لم يمنح مقعداً حول مائدة المفاوضات. ويتطلب التعامل مع تحديات وقضايا سياسية تواجهها قسد – تحقيق العدالة بحق معتقلين لديها من داعش، وإعادة إعمار عشرات البلدات المدمرة بسبب الحرب، وحماية طويلة الأمد من قوى مجاورة معادية- جهوداً دولية. ورغم ذلك، تبدو الولايات المتحدة حذرة في تعاملها مع قسد، وعوضاً عنه تبحث عن حلول لقضايا أمنية سطحية مع تجنب جذورها السياسية.