نتنياهو يهرب من قاعة في أسدود بعد سقوط الصواريخ (أرشيف)
نتنياهو يهرب من قاعة في أسدود بعد سقوط الصواريخ (أرشيف)
الخميس 12 سبتمبر 2019 / 20:39

العرض الأخير لـ "ملك إسرائيل"

يبدو أن منظمة الجهاد الاسلامي هي التي أطلقت الصواريخ على أسدود هذا الأسبوع، الصواريخ التي تسببت في انطلاق صافرات الإنذار في مستوطنات غلاف غزة، حسب التعبير الذي أصبح دارجاً، ودوت في أسدود في الوقت الذي كان نتانياهو، يتحدث في تجمع انتخابي لحزبه.

في تحليل خطوات "نتانياهو" أو محاولة التنبؤ الى أين سيتجه، لا ينبغي استبعاد أي احتمال، أو اهمال الجانب الشخصي الذي يدفعه نحو البحث عن تشكيل الوزارة بأي ثمن

هذا ما تسرب عبر أكثر من موقع إخباري إسرائيلي، منها موقع "كان"، الذي أضاف أن إسرائيل تدرك تناقص قدرة حماس على كبح جماح الجهاد الإسلامي المقربة من إيران، ثمة ما يشي هنا أن إطلاق الصواريخ على أسدود أثناء وجود نتانياهو في التجمع الانتخابي لم يكن من قبيل الصدفة.

المشهد الذي التقط بكاميرا هاتف من داخل قاعة الاجتماع يظهر نتانياهو وهو يقطع خطابه، ويتوجه مسرعاً نحو الملجأ محاطاً بحراسه، بينما يواصل الجمهور البقاء في القاعة دون إشارات واضحة على الهلع، في الخلفية تهتف مجموعة لـ "بيبي" الذي اختفى خلف أحد الأبواب.

سوء حظ أو سوء تدبير، ليس واضحاً بعد، هو الذي دفع الرجل إلى ذلك الاجتماع الحزبي في الجنوب، كانت الفكرة مناقضة لكل النتائج التي ترتبت عن انسحابه من المنصة، فقد خطط ليلقي قنبلته في حضن غانتس، وجماعة أزرق أبيض، في حضنه تماماً، وقد سبق الاجتماع إعلان عن بيان هام سيعلنه "مساء اليوم"، ولكن صافرات الإنذار، وتلك الحركة غير المحسوبة في الخروج من القاعة، أفسدت كل شيء تقريباً، وبدل أن تفور حماسة الناخبين الإسرائيليين أمام إعلانه عن نيته ضم غور الأردن وشمال البحر الميت إلى إسرائيل مباشرة بعد انتخابه، واصل الإعلام إعادة نشر الشريط القصير لذهابه نحو الملجأ.

حتى غانتس وجد سبباً ليقلل من شأنه عندما قال إنه "هرب مسرعاً وترك رفاقه في القاعة عرضة للخطر"، وأنه، أي غانتس، ما كان ليفعل ذلك وكان سيتأكد أولاً أن الجميع أصبحوا بأمان، ثم يغادر.

بالنسبة لنتنياهو الذي يخوض معركة قد تكون الأخيرة في حياته السياسية، الأمور لا تذهب في الاتجاه المأمول.

ليس ثمة هدايا حقيقية في البريد القادم من ترامب هذه المرة، لذلك أخذ "إعلان ضم غور الأردن وشمال البحر الميت" بنفسه مباشرة من سلة صفقة القرن التي اطلع عليها وساهم في صياغتها، أقرب إلى استعارة من الصفقة التي لم تعلن بعد، وتجري عملية تأجيل إعلانها حسب مقياس مصير نتانياهو نفسه، ربما لهذا أضاف، كمن يضيف استغاثة، أن ذلك يجري بالتنسيق مع الولايات المتحدة.

هذه المرة لم يعتمد على بريد ترامب، الهدايا الكبرى التي تلقاها في الجولة السابقة للانتخابات استنفذت، ضم القدس، وضم الجولان ومظلة صفقة القرن...، لذلك كان لا بد من التصرف، خاصةً أن استقالة أحد ركائز الصفقة، جيسون غرينبلات، جاءت في توقيت سيئ وأعطت انطباعاً يشي بأن ثمة ما يتفكك هناك، ثم جاءت إقالة جون بولتون الغرائبية لتعزز هذا الانطباع.

ولكن توقيت كشف زرع أجهزة تنصت على إدارة ترامب، ومستشاريه، ومعاونيه، والشبهات الواضحة التي تحيط بدور إسرائيل في ذلك، رغم صمت ترامب حتى الآن، ستكون الغيمة السوداء التي ستواصل مطاردته والالتصاق به أثناء وبعد الانتخابات، أياً كانت النتائج.

محلياً شكل الفشل المتدحرج لـ "قانون الكاميرات" ضربةً مؤلمةً لحملته، وهو القانون الذي لو تم إقراره كان سيحد من اندفاع العرب، نحو صناديق الاقتراع، وسيمنح التهديدات التي وجهها ناشطو الليكود لرؤساء وممثلي المجالس العربية في حال تصويتهم للقائمة العربية المشتركة، مصداقيةً معززةً بالصور.
  
يمكن هنا من باب تنويع المصائب إضافة عقوبة إدارة فيس بوك على منشوراته بعد منشوره العنصري الذي يحرض على العرب: "... العرب يريدون القضاء علينا جميعاً، نساءً وأطفالاً ورجالاً..".

في تحليل خطوات نتانياهو، أو محاولة التنبؤ الى أين سيتجه، لا ينبغي استبعاد أي احتمال، أو إهمال الجانب الشخصي الذي يدفعه نحو البحث عن تشكيل الوزارة بأي ثمن، لأن البديل هو مواجهة ملفات الفساد التي تنتظره مع لوائح اتهام طويلة، سيكون من الصعب عليه صدها، أو التنصل منها، وتحويلها إلى "مؤامرة يسارية".

في الساعات الأخيرة التي تسبق الانتخابات يصبح الشخصي أكثر أهمية، وكلما اقترب من حافة الجرف يصبح توقع تصرفاته محكوماً بكابوس المصير الشخصي وشبح المحاكمة.

يعرف ناخبوه أنهم ينتشلونه من السجن، وأنه يدفع الثمن الآن وسيواصل دفع ثمن الخدمة مستقبلاً، ويعرف ليبرمان أنه سيساومه على سجنه وليس على حقائب وزارية أو قانون تجنيد المتدينين، ويعرف خصومه أن عليهم مواصلة دفعه نحو الهاوية.