الأحد 15 سبتمبر 2019 / 12:59

هل تخلت إسرائيل عن سياسة "الغموض" في المواجهة مع إيران؟

وصف زلمان شوفال، السفير الإسرائيلي الأسبق لدى الولايات المتحدة، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه أكثر زعماء إسرائيل شبهاً بمؤسس الدولة الإسرائيلية ديفيد بن غوريون، وقال إن عليه التعامل مع العديد من القضايا في الوقت نفسه، خاصةً أن للحرب في الشرق الأوسط أكثر من جبهة على الصعيدين العسكري والدبلوماسي.

سياسة العقوبات التي فرضها ترامب هي التي أجبرت إيران على إعادة تقييم موقفها السابق، وكذلك إرسال وزير خارجيتها إلى قمة مجموعة السبع بفرنسا

ويُشير شوفال، في مقال بصحيفة "جيروزاليم بوست"، إلى أن من القضايا التي سيتعامل معها رئيس الوزراء الإسرائيلي هي الولايات المتحدة، الحليف الحقيقي الوحيد لإسرائيل، وكذلك روسيا التي بات لها وجود جديد في الشرق الأوسط، ولكن إيران وتهديداتها العدوانية في مقدمة الأولويات، خاصةً بعد أن كشف نتانياهو مرة أخرى الأسبوع الماضي أنها تنتهك اتفاقاتها ومستمرة في نشاطاتها النووية، فضلاً عن التعامل مع الشيعة الإيرانيين وغيرهم من الوكلاء الذين تخوض معهم إسرائيل معارك مستمرة على جبهات مختلفة.

"الغموض" .. سياسة تقليدية

ويقول شوفال: "على خلاف الماضي، عندما كانت العمليات العسكرية تقود غالباً إلى تطورات دبلوماسية غير مقصودة، باتت الأنشطة العسكرية والدبلوماسية الإسرائيلية متماسكة، وتعكس الرؤية الشاملة للحكومة الإسرائيلية. ولا ينطوي ذلك على القضايا التي تتعلق فحسب بإسرائيل وجيرانها بصورة مباشرة، ولكن يشمل أيضاً التطورات العالمية وتأثيراتها المحتملة سواءً المباشرة أو غير المباشرة. ومن ثم يجب النظر إلى الأعمال العسكرية الأخيرة ضد إيران ووكلائها في سوريا وغيرها من الأماكن في ضوء ذلك".

ويرى كاتب المقال أن هذه الأحداث، وأموراً أخرى، أعادت السجال حول سياسة إسرائيل التقليدية المتمثلة في "الغموض" التي ثبت أنها تخدم بالفعل مصالح إسرائيل المهمة، ولكن ثمة بعض الاستثناءات التي يجب فيها التخلص من عباءة السرية لتحقيق بعض المكاسب سواء ديبلوماسيا أم عسكرياً.

ويعتقد اليوم المفكرون الاستراتيجيون، رغم أنهم لا يزالون أقلية، أنه يجب إعادة النظر في سياسة "الغموض" خاصة فيما يتعلق بالقضية النووية.

تعامل مزدوج مع إيران

ويعتبر كاتب المقال أن الهيمنة العسكرية الإيرانية ستظل محور التركيز الرئيسي لنتانياهو في الأشهر والسنوات المقبلة، ولذلك ستكون "مفاجأة" الزيارة الخاطفة لوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في قمة مجموعة السبع في منتجع بياريتز بفرنسا وتداعياتها المحتملة على أجندة نتانياهو.

ويلفت الكاتب إلى أن الأوروبيين، وفرنسا خاصةً يتعاملون في بعض الأحيان بشكل مزدوج مع إيران، فرغم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حاول طمأنة الولايات المتحدة على أن المبادئ التي أثارها في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي، التي تمنع إيران بشكل أساسي من الحصول على أسلحة نووية، وتقييد تطوير الصواريخ الباليستية، وإنهاء الأنشطة التخريبية لإيران في الشرق الأوسط، يجب أن تنطبق على أي اتفاق جديد مع إيران، إلا أن المبادرة الفرنسية لتقديم قروض لإيران بـ 15 مليار دولار قد قوضت تأكيدات ماكرون.

صفقة القرن
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يوافق من حيث المبدأ على مقابلة الرئيس الإيراني حسن روحاني، وفي المقابل لاتزال إيران تتخذ موقفاً صارماً.

وإذا عقد هذا الاجتماع، فإن الكثير من الأمور ستعتمد على مدى اتساق نهج ترامب مع القضية الإيرانية وعلى مدى التضامن بين أوروبا والولايات المتحدة.

والواقع أن سياسة العقوبات التي فرضها ترامب هي التي أجبرت إيران على إعادة تقييم موقفها السابق، وعلى إرسال وزير خارجيتها إلى قمة مجموعة السبع في فرنسا. بيد أن العقوبات وحدها لن تكون فعالة في نهاية المطاف، دون الضغط الدولي الذي تدعمه أيضاً قوة موثوقة.

ويضيف الكاتب أنه سيتعين على نتانياهو أيضاً التعامل مع قضية أخرى في الأشهر وربما السنوات المقبلة، وهي "صفقة القرن" للرئيس ترامب، إلى جانب التعامل مع القضية الفلسطينية وتداعياتها المباشرة ليس فقط على إسرائيل والفلسطينيين والشرق والأوسط، ولكن أيضاً تداعياتها على علاقات إسرائيل بالولايات المتحدة.

نهج نتانياهو
وتشير "جيروزاليم بوست" إلى وجهة نظر توماس فريدمان، المراسل السياسي البارز لصحيفة "نيويورك تايمز"، الذي يلوم جميع الأطراف بشكل متساوٍ، الإدارات الأمريكية المختلفة، واليسار الأمريكي الإسرائيلي والفلسطينيين، والذي يخص باللوم الحكومة الإسرائيلية بشكل أساسي بسبب المأزق المستمر في عملية السلام.

ولكن كاتب المقال يرى أن فريدمان لم يتطرق إلى السببين الحقيقيين في تعثر عملية السلام، وهما الموقف الثابت للفلسطينيين ورفض قادتهم للدولة الإسرائيلية، وهذا يعني أن من وجهة نظرهم فإن أي اتفاق لتسوية النزاع مع إسرائيل سيكون مؤقتاً في أحسن الأحوال، أما السبب الآخر فهو الوضع الفوضوي الحالي في الشرق الأوسط، الذي تهيمن عليه قوى إسلامية ملتزمة بإزالة الدولة اليهودية.

ويبرر ذلك موقف نتانياهو، القائل إن الوقت ليس مناسباً لاتخاذ قرار حول صيغة نهائية للاتفاق لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سواءً عن طريق "إقامة الدولتين" أو "الدولة الواحدة".

ويختتم الكاتب قائلاً: "رغم أن الوضع الراهن ليس مثالياً، إلا أن البدائل في هذا التوقيت ستكون أسوأ، ويبدو أن الاهتمام الرئيسي لنتانياهو يتمثل في الأمن، وإلى حد كبير يعكس إعلانه ضم وادي الأردن الاستراتيجي، والجزء الشمالي من البحر الميت إلى دولة إسرائيل نهجه العملي القائم على الأمن".