الإثنين 16 سبتمبر 2019 / 12:27

أوروبا تترك مواطنيها يواجهون الموت في العراق

24- زياد الأشقر

بعد أشهر من الحصار في مدينة الرقة، قرر البلجيكي بلال المركوشي الفرار، وترك موقعه في الشرطة الدينية فجر 29 أغسطس (آب) 2017، وهرول مع زوجته وابنه إلى أقرب نقطة للعدو. وسلم نفسه إلى الميليشيات الكردية أملاً في إعادته في النهاية إلى بلجيكا، لكن سرعان ما فُصل عن العائلة بعد إرسال الزوجة والطفل إلى مخيم لعائلات عناصر داعش.

باستثناء ألمانيا، ما من دولة أوروبية مهتمة بإعادة مواطنيها المتهمين بأنهم كانوا أعضاء في داعش

وأرسل المركوشي مع جهاديين آخرين إلى سجن قرب مدينة الطبقة السورية، لاستجوابه بواسطة مسؤولين أمريكيين عن دوره في التنظيم، وعن أقرب العناصر له، وعن مصنع للسلاح. وأبلغهم الشاب البالغ من العمر 23 عاماً، أنه اعتاد حضور صلاة الجمعة في مسجد دي كوبيل لمدينة أنتوريب البلجيكية، أين كان إمام المسجد المدعو يوسف قد التحق بداعش في سوريا.

وانتظر المركوشي حتى بلغ الثامنة عشر ليجتاز الحدود التركية السورية مع صديقته ومعارف آخرين، وانضموا في أول الأمر إلى جبهة النصرة، ثم التحقوا بداعش، بعد تفجر صدامات داخلية بين الجانبين.

سجن في إربيل
ونقل الجنود الأمريكيون المركوشي إلى أربيل في كردستان العراق بمروحية. ويقول في مقابلة حصرية مع مجلة "فورين بوليسي": "كنت وحدي لمدة شهرين، وكدت أصاب بالجنون بسبب الأضواء القوية، التي جعلتني عاجزاً عن النوم".

والمركوشي من بين أوائل الجهاديين الذين نقلهم الجيش الأمريكي من سوريا إلى العراق بعد تحرير الرقة، في جزء من عمليات الترحيل السري، الذي سلم بموجبها ثلاثة جهاديين أوروبيين آخرين إلى القضاء العراقي، في مخالفة للقانون الدولي.

بلجيكا
وقال المركوشي: "اجتمعت مع البلجيكيين هناك وتعاونت معهم"، في إشارة إلى عملاء الاستخبارات البلجيكية. وأضاف "قالوا لي سننقلك إلى الحكومة المحلية الآن، وستنتظر القاضي، ويمكن أن تعود إلى بلجيكا". لكن المركوشي لم يُسلم إلى بلجيكا، بل نقل من أربيل إلى بغداد، أين تسلمته قوات مكافحة الإرهاب، وأخضع لجولة جديدة وأكثر قسوة من التحقيقات.

ولفت الكاتب إلى أن الحكومات الغربية تتردد إجمالاً في تسهيل تسلم ناشطي داعش. وبعد رحيل أكثر من خمسة آلاف أوروبي، فإن الحكومات الأوروبية لا تريد التعامل مع ملف العائدين.

ويقول الباحث العراقي هاشم الهاشمي: "باستثناء ألمانيا، ما من دولة أوروبية مهتمة بإعادة مواطنيها المتهمين بالانتماء إلى داعش". ويضيف "الدول الغربية لا تملك سياسة تجاه الجهاديين العائدين، وهي ليست مستعدة لاستقبالهم، وإذا حُكم عليهم بالإعدام في العراق، فإنها ستكون ممتنة".

ورأى أن عودة الجهاديين تظهر ضعفاً قضائياً، مضيفاً أن فقدان الدليل قد يؤدي إلى أحكام قصيرة بالسجن، ويمكن أن يمضي الجهادي حكماً بالسجن خمسة أعوام قبل أن يعود إلى الشوارع.

وإذا ارتكب أحد العائدين هجوماً إرهابياً في السنوات المقبلة، سيتعرض الحزب السياسي الذي سمح له بالعودة، إلى عواقب وخيمة.