الإثنين 16 سبتمبر 2019 / 15:14

ما هو الاحتياطي الاستراتيجي النفط الأمريكي الذي قرر ترامب السحب منه؟

24 - إعداد: شيماء بهلول

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السماح بالسحب من مخزون النفط الاحتياطي بعد الهجوم على منشأتين نفطيتين في السعودية، الذي عطل أكثر من نصف إنتاج المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم.

وشكل الهجوم الإرهابي، أحدث تهديد لأمن الطاقة والاقتصاد الدولي، ما استدعى التفكير في حلول عاجلة لتفادي تبعات مثل هذه العمليات الخطيرة.


ضوء أخضر
أعطى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضوء الأخضر أمس الأحد، لاستخدام احتياطي النفط الأمريكي عند الضرورة لضمان الإمداد العالمي بعد الهجمات الأخيرة على مصافي نفط سعودية.

وقال عبر حسابه على شبكة تويتر: "بعد الهجوم على السعودية الذي يُمكنه التأثير على أسعار البترول، قررت السماح باستخدام احتياطي النفط الاستراتيجي عند الضرورة، بكمية ستحدد لاحقاً، وتكون كافية للحفاظ على استقرار الأسواق العالمية".

وكانت المتحدثة باسم وزارة الطاقة في الولايات المتحدة شايلين هاينز، أعلنت أمس الأحد أن بلادها "مستعدة لاستخدام احتياطها الاستراتيجي من النفط عند الضرورة، لتعويض أي توقف في الأسواق النفطية نتيجة الاعتداء في السعودية".

وبدوره، أكد موقع حكومي أمريكي أن "الحجم الهائل للمخزون الاحتياطي الاستراتيجي من النفط يشكل رادعاً مهماً لمواجهة وقف واردات الولايات المتحدة من النفط، وأداة مهمة في السياسة الخارجية".

ويمكن للنفط الخام أن يبلغ الأسواق بعد 13 يوم من موافقة الرئيس الأمريكي على استخدامه، والتي لا يمكنها أن تطبق إلا في 3 حالات، وهي، تراجع العرض من النفط لدرجة "حرجة"، أو انخفاض قليل في معدل النفط المستورد، والذي يمكن أن يؤدي إلى أزمة في المستقبل، أو تجربة بيع النفط أو تبديله بشرط ألا تتعدى الكمية في هذه الحالة 5 ملايين برميل.

يذكر أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر طالب بإنشاء الاحتياطي الاستراتيجي في 1975، بعد الحظر النفطي العربي الذي رفع أسعار الوقود وأضر بالاقتصاد الأمريكي، بعد ما عرف بالصدمة النفطية، الناجمة عن حرب أكتوبر 1973.

وبمقتضى القانون الأمريكي، يمكن للرئيس أن يأمر ببيع كميات من الاحتياطي الاستراتيجي، إذا واجهت البلاد تعطلاً في الإمدادات بما يهدد اقتصادها، وسبق استخدام الاحتياطي الاستراتيجي في 3 مناسبات سابقة، كان آخرها في 2011 بعد تفجر العنف في ليبيا.



الاحتياطي النفطي
يعرف احتياطي النفط الأمريكي بأنه كميات هائلة من مخزونات النفط التي تكفي احتياجات البلاد في حال تعرض إمدادت النفط للانقطاع لأي سبب من الأسباب.

وقد تم تأسيس فكرة احتياطي النفط الاستراتيجي من قبل الدول المستهلكة، نتيجة تعرض إمدادات النفط من الشرق الأوسط ومن الخليج تحديداً إلى تقلبات حادة، وذلك بتوفير احتياطي نفطي للبلاد مدة كافية لتجاوز الأزمة.

وفي 1975 أصدر الكونغرس الأمريكي تشريعاً يلزم الحكومة الفيدرالية بإنشاء مواقع ضخمة لتخزين النفط الخام، وبما يكفي لتأمين الطلب عند تعرض الإمدادات لأي نوع من المخاطر الحادة أو الانقطاع.

ويكمن الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي الضخم من النفط في 60 كهفاً صخرياً هائلاً، تحت سطح الأرض، في ولايتي تكساس، وقبالة ساحل خليج لويزيانا، وتعد تشكيلات الملح إحدى أفضل الطرق للاحتفاظ بالنفط الخام بشكل يحافظ على البيئة.

وأنشأت هذه الخزانات الضخمة قبل حوالي 40 عاماً، ويوجد الآن عدد منها في مناطق عديدة حول العالم، وتملك الولايات المتحدة حالياً احتياطي بمقدار 630 مليون برميل لحالات الطوارئ، ووفقاً لمسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية.

تضرر الإنتاج
وأدى الهجوم على منشأتي النفط في السعودية إلى خفض الإنتاج بمقدار النصف، ما تسبب في انسحاب نحو 5% من المعروض في السوق العالمية.

وقالت شركة أرامكو السعودية إن "الهجمات خفضت إنتاج النفط بنحو 5.7 مليون برميل يومياً"، ولم تقدم الشركة إطاراً زمنياً لاستئناف الإنتاج بالكامل، فيما قال مصدر مطلع إن "العودة إلى الطاقة الإنتاجية الكاملة قد تستغرق أسابيع".

وإزاء هذا التأثير الاقتصادي المحتمل لهذه الهجمات، بدأت واشنطن التنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة لبحث الخيارات الممكنة المتاحة في حال ضرورة اتخاذ إجراء جماعي، وفقاً للمتحدثة باسم وزارة الطاقة الأمريكية.

ويتوقع محللون أن تقفز أسعار النفط بما لا يقل عن 5 إلى 10 دولارات للبرميل، وقد تتراجع حدة ارتفاع الأسعار إذا أفرجت الولايات المتحدة ودول أخرى عن مخزوناتها الاستراتيجية للتخفيف من العجز.




استخدام استراتيجي
وتشترك الدول الكبرى في إقامة مخزونات نفط استراتيجي، وبينما يعتبر زيادة الاحتياطي النفطي، لمواجهة الأزمات المختلفة، مثل الهجمات الإرهابية، أو تقلبات الأسواق. 

وقالت كارمين ديفيغلو من وزارة الطاقة الأمريكية: "بالطبع الحد من الارتفاع الكبير في الأسعار، هو أحد الأسباب التي دعت إلى إنشاء المخزونات الاستراتيجية بالدرجة الأولى"، وأضافت أن "حماية اقتصاد الولايات المتحدة من الزيادة الحادة في أسعار النفط، كانت سب إنشاء مخزون النفط الاستراتيجي في 1975".

وأكد مسؤول السياسات في المنظمة الدولية، مارتن يونغ أن "مخزون النفط ليس من أجل التلاعب بالأسعار، ولكنه لمواجهة النقص في السوق الناتج عن ارتباك التصدير أوالاستيراد".



حالات الطوارئ
ووفقاً لتقارير، يخشى البعض من ضخ كميات أكبر من هذا مخزون النفط الاحتياطي إلى السوق، وبالتالي التلاعب بالأسعار، وآخرون يتساءلون عن مدى استفادة الولايات المتحدة من مخزونها الاستراتيجي الذي تقدر قيمته بنحو 43.5 مليار دولار.

وقالت سارة لاديسلاو من مركز الدراسات الاستراتيجية في العاصمة واشنطن: "بالنسبة للبعض، يرى هؤلاء في 700 مليون برميل من النفط تحت الأرض، كومة هائلة من المال".

وأضافت "آخرون يؤيدون وجود مبادرات لتغيير كيفية الاستفادة من ذلك المخزون الاستراتيجي من النفط بشكل جوهري في الولايات المتحدة وغيرها، المقصود هنا هو التخطيط لحالات الطوارئ ومشاكل نقص التزويد بالنفط".

وتخطط كل من الحكومات ووكالة الطاقة الدولية لمثل هذه الحالات الطارئة بتصميم طريقة لسحب النفط من المخزون الاستراتيجي وقت الأزمات.

ويقول كثيرون من الساسة إن الوقت حان بعد الطفرة النفطية الأمريكية المستمرة منذ 10 أعوام، لخفض حجم المخزون الاستراتيجي الأمريكي بشكل كبير، ولكن هذه الدعوات ربما ستختفي بعد هجمات السبت الماضي.