متظاهرون في الجزائر (أ ب)
متظاهرون في الجزائر (أ ب)
الثلاثاء 17 سبتمبر 2019 / 14:38

تعنت الحركة الاحتجاجية في الجزائر يُهدد بإفشال الانتخابات المنتظرة

قررت سلطات الجزائر، أن تمضي بقوة في طريق إجراء الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل مثلما أرادت قيادة الجيش، وهو رهان محفوف بالمخاطر يمكن أن يتعثر أمام تعنت حركة الاحتجاج التي حافظت على زخمها شهراً بعد آخر.

ويطالب المحتجون برحيل كل رموز النظام الذي حكم البلاد خلال العقود الأخيرة قبل أي انتخابات، وسبق لهم أن أفشلوا تلك التي كانت مقررة في 4 يوليو (تموز) الماضي.

ورغم هذه السابقة وحوار الصم بين السلطة والحركة الاحتجاجية، دعا الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح مساء الأحد الجزائريين، إلى "صناعة تاريخ بلادهم والمساهمة جماعياً في حسن اختيار رئيسهم الجديد".

وكان هذا الإعلان منتظراً، بعدما انحاز إلى هذا الخيار رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الرجل القوي في الدولة منذ استقالة عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) الماضي، تحت ضغط الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة.

ولكن بالنسبة لعثمان معزوز المتحدث باسم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية العلماني المعارض، فإن "رغبته في المرور بقوة لن يكون لها أي تأثير إيجابي على ملايين الجزائريين الذين يواصلون التظاهر في الشارع" منذ 22 فبراير (شباط) الماضي.

سباق مع الزمن
ومنذ أسبوع بدأت السلطة الانتقالية سباقاً مع الزمن لاحترام الأجندة التي وضعها قايد صالح، عندما طلب تحديد تاريخ الانتخابات الرئاسية في 15 سبتمبر (أيلول) الجاري، فصوت البرلمان وصادق على قانون إنشاء السلطة المستقلة للانتخابات، وعدل قانون الانتخابات في فترة قياسية.

لكن هذه الإجراءات التي يفترض أن تضمن شفافية الانتخابات، لم تنجح في تهدئة المعارضة القوية ممثلة في الحركة الاحتجاجية المطالبة بمؤسسات انتقالية تضطلع بتنظيم الانتخابات.

وأكد ذلك قاسي تانساوت، منسق اللجنة الوطنية من أجل إطلاق سراح المعتقلين، لوكالة فرنس برس قائلاً: "نرفض هذه الانتخابات في الظروف الحالية. لا يمكن أن نسير ضد الإرادة الشعبية".

أُنشئت هذه اللجنة في نهاية أغسطس (آب) الماضي، للمطالبة بإطلاق سراح "المعتقلين السياسيين" الموقوفين في التظاهرات التي بدأت بمعارضة ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وتعارض الآن إجراء الانتخابات برموز نظامه الذي عمر عشرين عاماً.

وتساءل تانساوت "كيف يمكن أن نقبل هذه الانتخابات بينما حبس مناضلون قبل ساعات من إعلان موعد إجرائها؟"، وأكد أن 22 متظاهراً أوقفتهم الشرطة قبل التظاهرة الكبرى يوم الجمعة في العاصمة الجزائر، أودعوا الحبس المؤقت بتهمتي "التحريض على التجمهر"، و"المساس بأمن الدولة".

توقيفات وتظاهرات
لكن هذه التوقيفات المتكررة لن تمنع الجزائريين من التظاهر بكثافة كل يوم جمعة، وحتى كل يوم ثلاثاء بمناسبة التظاهرات الأسبوعية للطلاب.

بل على العكس من ذلك فإن قرار تنظيم الانتخابات الرئاسية "على عجل"، سيعطي "نفساً جديداً للحركة الاحتجاجية"، حسب أستاذ العلوم السياسية رشيد تلمساني.

وأضاف أنه حتى، لو تراجع عدد المتظاهرين ضد النظام "فإنهم سيكونون أكثر إصراراً وتعنّتا". ولم يستبعد تلمساني اندلاع "أعمال عنف لمواجهة قمع الشرطة".

صعوبات كبرى
وإضافة إلى قوة الحراك الشعبي التي لم تتراجع، تواجه السلطة، صعوبة أخرى لا تقل أهمية هي غياب مترشحين ذوي مصداقية وثقل، لانتخابات 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، كما أشارت صحيفة الوطن.

وكان سبب إلغاء الانتخابات الأولى في يوليو (تموز) الماضي، غياب المترشحين كما أعلن يومها المجلس الدستوري، أعلى هيئة قضائية في البلاد.

وحتى اللحظة، لم تعلن أي شخصية بارزة رغبتها في الترشح ومنهم من عبر عن معارضته للانتخابات.

بينما بدأ رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس منافس بوتفليقة في انتخابات 2004 و2014، منفتحاً على دخول السباق.

واعتبر حزبه طلائع الحريات، في بيان الإثنين، أن "الشروط المؤسساتية والقانونية لاقتراع رئاسي شفاف وصحيح وغير مطعون فيه، قد تحققت عموماً" بعد إنشاء السلطة المستقلة، وتعديل قانون الانتخابات.

مطالب الحراك
ويضيف الحزب أن ما ينقص هو "توفير الشروط السياسية الملائمة وخلق المناخ الهادئ، ومن ذلك رحيل الجهاز التنفيذي الحالي المرفوض شعبياً، واستبداله بحكومة كفاءات وطنية ذات مصداقية وتحظى بالاحترام" وهو نفس ما يطالب به الحراك.

وحتى إذا تمكنت السلطة من تنظيم الانتخابات متحدية المعارضة، فربما تصطدم بحاجز آخر هو عزوف الناخبين خاصةً في بلد معروف بضعف نسب المشاركة في مختلف الاقتراعات.

حتى أن رشيد تلمساني توقع أن تكون "نسبة المشاركة الأضعف في تاريخ الجزائر".