الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الثلاثاء 17 سبتمبر 2019 / 20:43

أغلبية أردوغان البرلمانية.. مهددة

تشير استطلاعات أجريت في الآونة الأخيرة إلى خسارة حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أغلبيته في البرلمان، خصوصاً مع تزايد المعارضة داخل الحزب الحاكم لسياسات الرئيس.

واكتسبت موجة استقالات من حزب العدالة والتنمية الحاكم زخماً في أعقاب الانتخابات المحلية لهذا العام، والتي خسر فيها الحزب الحاكم 11 بلدية كبيرة أمام المعارضة، وفق ما أوردت صحيفة "أحوال" التركية، اليوم الثلاثاء. 

الهزيمة في المدن الكبرى بما في ذلك العاصمة أنقرة وإسطنبول، المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان، وجهت ضربة لقيادة الحزب وسلطته. ومنذ ذلك الحين، تسارعت وتيرة معارضة أردوغان داخل الحزب بتحركات شخصيات بارزة سابقة في حزب العدالة والتنمية لتشكيل حزبين سياسيين جديدين.

يتشكل أحدهما بقيادة أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء السابق الذي تعرض للتهميش في عام 2016، وعاود الظهور بعد الانتخابات هذا العام بتوجيه انتقادات لاذعة للحزب الحاكم.

طوفان من الاستقالات 
وأعقب ذلك تصريحات ناقدة على مدى شهور من رئيس الوزراء السابق حتى الرابع من سبتمبر(أيلول)، عندما أعلنت اللجنة التنفيذية المركزية لحزب العدالة والتنمية أنها بدأت إجراءات فصل داود أوغلو، وحلفائه سلجوق أوزداغ، وآيهان سيفر أوستن، وعبد الله باشي، وجميعهم من كبار الأعضاء السابقين في الحزب الحاكم.

وقد رد الأربعة بالاستقالة من الحزب الأسبوع الماضي، إذ أكد داود أوغلو، أن خطوة فصلهم هذه استهدفت المبادئ التأسيسية لحزب العدالة والتنمية.

وأدى ذلك إلى طوفان من الاستقالات، بمن فيهم عشرات الأعضاء الذين شغلوا مناصب مهمة في الحكومات السابقة ونواب برلمانيون سابقون ورؤساء أحياء وبلديات ومستشارون ورؤساء تنظيم.

وقال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية السابق، أوزداغ، إن "عشرة نواب حاليين من حزب العدالة والتنمية تعهدوا بدعمهم لداود أوغلو، لكنهم حجبوا استقالتهم في الوقت الحالي".

وقد وصل عدد الاستقالات من مقاطعة قونية بوسط تركيا مسقط رأس داود أوغلو إلى 400 في يوم واحد. عبر تركيا بأسرها، اتبع الآلاف خطى رئيس الوزراء السابق في الاستقالة من الحزب الحاكم منذ الثالث عشر من سبتمبر(أيلول).

داود أوغلو ليس الشخصية المحورية الوحيدة التي ينجذب إليها أعضاء حزب العدالة والتنمية المعارضون. فقد استقال أيضاً نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان، الذي حظي بإشادة على عمله في إدارة الاقتصاد التركي قبل تهميشه في عام 2015، من الحزب في يوليو(تموز)، وقال في مقابلة معه الأسبوع الماضي، إنه يعتزم إطلاق حركة سياسية جديدة بحلول نهاية العام.

وانضم إلى باباجان كوادر من كبار الشخصيات السابقة في الحزب، بمن فيهم وزير العدل السابق سعد الله إرجين، ونائب رئيس الوزراء السابق بشير أتالاي. كما أن عبد الله غول، الرئيس السابق الذي طالما وُصف بأنه منافس محتمل لأردوغان، قد قدم دعمه لباباجان بصفة غير رسمية.

وتشير الأنباء، إلى أن هذه التحركات أضيفت إلى تحول في الحزب الحاكم بعيداً عن أردوغان قادر على الامتداد إلى البرلمان. هذا تطور مثير للقلق بالنسبة للرئيس، حيث يحظى حزبه بالأغلبية بفضل تحالفه فحسب مع حزب الحركة القومية اليميني المتطرف.

80 نائب من حزب أردوغان
وتقول بعض المصادر، إن "ما يصل إلى 80 نائباً من حزب العدالة والتنمية يستعدون للقفز من السفينة. إذا كان الأمر كذلك، فسوف تتراجع حصة حزب العدالة والتنمية في البرلمان المؤلف من 600 مقعد إلى 211 مقعداً، وسيفقد الأغلبية الحالية للائتلاف الحاكم بفارق 41 مقعداً، مما يترك الحزب الحاكم غير قادر على إقرار القوانين من خلال البرلمان.

تتعامل محكمة النقض التركية مع عضوية الأحزاب، وتقبل الاستقالة من الأحزاب السياسية من خلال موقعها على الإنترنت.

وتظهر أحدث الأرقام التي نشرتها المحكمة في السادس من سبتمبر(أيلول) أن 844391 شخصاً قد استقالوا من حزب العدالة والتنمية منذ أغسطس(آب) 2018، ليبقى عدد الأعضاء 9.87 مليون شخص.

واستقال ما يربو على 56000 من هؤلاء في الفترة ما بين الأول من يوليو(تموز) والسادس من سبتمبر(أيلول). وبالنظر إلى موجة الاستقالات التي حدثت منذ استقالة داود أوغلو في الثالث عشر من سبتمبر(أيلول)، من المرجح أن يكون هذا الرقم أعلى بكثير عند الإحصاء في المرة القادمة.

بعبارة أخرى، قبل تشكيل أي من الأحزاب الجديدة على أيدي الأعضاء الكبار السابقين في حزب العدالة والتنمية، تظهر الأرقام الرسمية أن حوالي مليون عضو قد تخلوا عن الحزب الحاكم في العام الماضي. لا بد أن يكون هناك انخفاض مماثل في حصتهم من الأصوات منذ الانتخابات العامة التي أجريت في يونيو(حزيران) 2018.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة أو آر سي البحثية المرتبطة بحزب العدالة والتنمية في سبتمبر أن تأييد الحزب قد انخفض إلى 30.6%. يعد هذا بالفعل انخفاضاً خطيراً من نسبة 42% التي حققها في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في الرابع والعشرين من يونيو(حزيران)، لكن حجم تراجع تأييد الحزب يصبح أكثر وضوحاً عند مقارنته بنسبة تأييد 49% من الأصوات، والتي فاز بها الحزب في الانتخابات التي أجريت في الأول من نوفمبر(تشرين الثاني) 2015.

وفي النظام الرئاسي التنفيذي الجديد، يحتاج الرئيس إلى ما يربو على 50% من الأصوات لشغل المنصب الأعلى، وبعبارة أخرى، فإن التصويت الفردي قد يكون له أهمية حيوية. قد تكون خسارة مليون صوت كارثية.

تشير أحدث أرقام مؤسسة أو آر سي البحثية إلى أن تأييد حزب الحركة القومية اليميني المتطرف يصل إلى 14% - وهو بعيد جداً عن الرقم اللازم لترجيح كفة أردوغان.

استطلاعات الرأي 
وقد طلب استطلاع الرأي نفسه من المشاركين الإجابة على ما إذا كانوا سيدلون بأصواتهم للحزبين الجديدين المزمعين. وقال حوالي 11.5% إنهم سيصوتون لصالح باباجان وقال 8.5% إنهم سيصوتون لصالح داود أوغلو.

وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة ماك، وهي مؤسسة استطلاعات رأي أخرى معروفة بارتباطها بحزب العدالة والتنمية، أن حزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض الرئيسي قد حصل للمرة الأولى على تأييد 31%، متجاوزاً حزب العدالة والتنمية ليحتل المرتبة الأولى في الاستطلاع.

وتُظهر جميع استطلاعات الرأي تقريباً اكتساب حزب الحركة القومية للأصوات في مؤشر واضح على السبب وراء انحراف خطاب حزب العدالة والتنمية وسياساته بشكل أكبر نحو الخط اليميني المتطرف الذي اتخذه الحزب الشريك في الائتلاف. وحزب الحركة القومية هو الفائز في هذا التحالف.

ومع ذلك، تزداد كتلة المعارضة قوة منذ انتخابات العام الماضي، وتظهر أحدث استطلاعات الرأي أنها يمكن أن تحصل على ما بين 55% و60% من الأصوات في أي انتخابات جديدة.

وتقول الأوساط السياسية التركية، إن الخطر الذي تشكله الأحزاب الجديدة على الأغلبية البرلمانية لحزب العدالة والتنمية قد يحفز على إجراء انتخابات مبكرة، إذا كان أردوغان يعتقد أنه قد يفلت من العواقب بإجراء الانتخابات قبل تشكيل الأحزاب. هذا من شأنه أن يعزز قبضة زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي على الرئيس.