فتيات مناصرات للائحة الموحدة في شمال إسرائيل (أف ب)
فتيات مناصرات للائحة الموحدة في شمال إسرائيل (أف ب)
الخميس 19 سبتمبر 2019 / 21:38

"العرب".. كابوس نتانياهو الذي تحقق

التحول هو هناك في نسبة تصويت العرب التي ارتفعت بشكل يبعث على الخوف فعلاً، في تدفقهم نحو صناديق الاقتراع والتزامهم بالقائمة المشتركة

ينقل "نتانياهو" أكياس رمل كثيرة منذ ليلة الثلاثاء ومع صدور أول استطلاع للنتائج الأولية للانتخابات، عملياً ينقل كل شيء ليحصن موقعه الذي وجد نفسه فيه، كل ما يمكن حمله وجمعه، مقتنياته التي احتفظ بها خلال حكمه الطويل وسيطرته شبه المطلقة على منافذ "الكنيست" و"المشرعين" و"مدبجي القوانين"، من الأحزاب الدينية التي لا تريد أن تذهب إلى الجيش الى متطرفين عنصريين تمتلئ مخيلتهم بطرائق موت الفلسطينيين واخراج "العرب" من "أرض اسرائيل"، ومستوطنين فاشيين يواصلون السير ببيوت متنقلة وراء جرافات الجيش التي تهدم بيوت الفلسطينيين وتجرف كرومهم، وفاسدين يحلمون بأسواق عبيد وعمالة رخيصة وصفقات خيالية تتجاوز الحدود حيث يقطن "العرب"، بالنسبة لهؤلاء "العرب" يشكلون صفقة كاملة يمكن تدوير عملية انتاج كاملة عبر استخدامهم، استثمار رؤوس الأموال وإدارتها وتوفير سوق استهلاك مثالي لمنتج الاستثمار وعمالة رخيصة دون حقوق لعملية الإنتاج، هذه جنّة الاستثمار الموعودة ومائدة الرب المعاصرة لـ"شعب الله المختار" التي وعدهم بها بنيامين نتانياهو.

على ثلاث ركائز قوية استطاع "نتانياهو" حكم "إسرائيل" لفترة تجاوزت فترة حكم "المؤسس" بنغوريون، الفاشية الدينية والفاشية القومية ورأس المال الذي يحلم بالتهام القارة المجاورة، لقد بدا ماهراً خلال تلك الفترة، أقرب الى مزيج من الديكتاتور الفاسد والبهلوان والساحر، حيث أطلق الخوف والكراهية في كل زاوية من البلاد، الخوف من "عرب الداخل" وتطوير كراهيتهم كبنية تحتية لبرنامجه، وفي نفس الوقت البحث عن علاقة والإيحاء بها، أي علاقة، مع "عرب الخارج"، عزل "عرب الداخل" و"الانفتاح على "عرب الخارج".

كان لديه دائماً أرانب احتياطية يخرجها من أكمامه وقبعته، وعظام كثيرة يلقيها للجميع، لكل عظمته، مصادرة الأرض وإعدام الفلسطينيين على الحواجز للمستوطنين، قانون قومية الدولة للفاشيين القوميين، وعود الاستثمار والسيطرة الاقتصادية على المنطقة لرأس المال المتوحش، وزع صوراً كثيرة له مع قادة العالم ليعزز أهميته وحصل من "ترامب"، عبر صداقة حميمة لم يتوقف عن التذكير بها، على ما لم يحصل عليه زعيم اسرائيلي، على اعتراف بضم القدس وضم الجولان وتفهم لضم مناطق "سي" في الضفة الغربية... إلى آخر جدول الإنجازات، ورغم ذلك ها هو يفشل للمرة الثانية في الحصول على أغلبية تسمح له بولاية جديدة تنقذ "الدولة" من العرب، "عرب الداخل"، ومن "غانتس" و"أزرق-أبيض" وبواقي اليسار.

يجلس خلف الأكياس ويدبج اتفاقيات للولاء ووعود بعدم الخيانة ويبني تحالفات استباقية، ساعات قليلة بعد أن تأكد من توزيع مقاعد "الكنيست" واستحالة العودة الى مقعد رئاسة الوزراء، بقي حتى منتصف نهار اليوم، الخميس 19 سبتمبر (أيلول)، أقل من مئة ألف صوت لم تفرز بعد من "المغلفات المزدوجة" الخاصة بالجنود والديبلوماسين والمساجين وأصحاب الاحتياجات الخاصة، والليكود لم يتزحزح عن ال 31 مقعداً بينما وصل أزرق –أبيض الى 33 والعرب إلى 13.

هو يعرف أن هذا كله ليس الحدث الحقيقي، التحول هو هناك في نسبة تصويت العرب التي ارتفعت بشكل يبعث على الخوف فعلاً، في تدفقهم نحو صناديق الاقتراع والتزامهم بالقائمة المشتركة، لم تنجح محاولات تشتيت القائمة ولا دعوات المقاطعة ولا عمليات التهديد، حتى أولئك الذين لا يمكن اتهامهم بحب "أيمن عودة" صوتوا للقائمة التي يقودها.

بـ 13 مقعداً يمثل العرب القائمة الثالثة، وسيكونون مثل الشوكة في الحلق، حكومة وحدة تعني أن يمثل "عودة" المعارضة وهذه كارثة، بدون حكومة وحدة سيذهب هو إلى القضاء وغالباً الى السجن، الأمر منوط بالخيانة أن يخون هو المتدينين ويخضع لـ"ليبرمان"، أو أن يخون ليبرمان ناخبيه ويتسامح مع المتدينين... إلى آخر الخيانات التي أصبحت ضرورية للبقاء.

الدعوة التي أطلقها لغانتس لتشكيل "حكومة وحدة واسعة" تبدو أقرب إلى استغاثة يائسة، استغاثة رجل يقترب من السجن، ساحر بدد حصته من الأرانب والبيض وفقد قبعته وأكمامه الواسعة.